الكيميائي السعودي والتخفّي الأميركي تحت الكونترول السوري ـ الروسي
معن حمية
قبل يومين عثر الجيش السوري في أحياء حلب القديمة على مواد كيميائية سعودية المصدر، وهي عبارة عن كبريت وكلور ومواد أولية للحبيبات البلاستيكية. وكانت المجموعات الإرهابية قد استخدمت هذه المواد ضدّ المدنيين في مناطق حلب خلال الأشهر الماضية قبل تحرير المدينة.
تزامناً، أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف، أنّ التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية لا يقدّم أيّ معلومات عن طائراته المستخدمة، وهذه المناورة للتهرّب من مسؤولية قتل المدنيين السوريين وتدمير المنشآت المدنية.
وفي حين آثرت السعودية الصمت ولم تصدر أيّ نفي بشأن تزويدها المجموعات الإرهابية بمواد كيميائية، سارع المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون أدريان رانكين غالاوي، إلى نفي أن تكون الولايات المتحدة تخفي أنشطتها الحربية في سورية بهدف التهرّب من مسؤولية سقوط ضحايا مدنيين.
صمت السعودية حول المواد الكيميائية التي عثر عليها في حلب، يؤكد تزويدها المجموعات الإرهابية بهذه المواد. أما نفي الولايات المتحدة الأميركية إخفاءها أنشطتها الحربية، فلا يبدّل من واقع الحال شيئاً، حيث يؤكد الروس بأنّ «الطيارين الأميركيين والآخرين من التحالف، ليسوا وحدهم في سماء سورية، وليسوا أشباحاً».
إذن، هناك أمران في غاية الخطورة، الأول ظهور دليل إضافي جديد عن تورّط السعودية بجرائم قتل المدنيين والعسكريين السوريين على حدّ سواء عبر إرسالها مواد كيميائية للمجموعات الإرهابية، والثاني هو قيام الولايات المتحدة الأميركية بالأمر ذاته بواسطة الغارات الجوية. وكلا الأمرين يصبان في اتجاه واحد، ويستهدفان ارتكاب المزيد من عمليات القتل والتدمير في سورية.
غير أنّ الادارة الأميركية الحالية، تسعى الى تحقيق مجموعة أهداف قبل أن تغادر السلطة في العشرين من الحالي، فهي تريد إيداع الإدارة الجديدة مجموعة قضايا معقدة وعلاقات شائكة، للحيلولة دون التوصل سريعاً الى تفاهمات روسية ـ أميركية. وهذا الاتجاه برز مع صدور اتهامات أميركية لروسيا بالتدخل في الانتخابات الأميركية من خلال القرصنة الالكترونية، ونشر تقارير استخبارية عن امتلاك روسيا معلومات محرجة عن الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب.
وترى الإدارة الأميركية الحالية أنّ من شأن هذه التقارير والاتهامات توسيع الفجوة في العلاقات الأميركية ـ الروسية، بما يسمح بإطالة أمد الحرب الإرهابية على سورية. وعليه، فإنّ قيام القاذفات الأميركية «بي-52» بقصف مدينة سرمدا التي انضمّت إلى نظام وقف إطلاق النار، وقتل ما يربو على العشرين مدنياً فيها، يندرج في سياق محاولة إفشال اتفاقية الهدنة في سورية.
ما هو واضح أنّ الإدارة الأميركية الحالية وحلفاءها الدوليين والإقليميين والعرب، متفقون على مواصلة الحرب التدميرية على سورية، برغم إدراكهم أنّ هذه أهداف الحرب سقطت، وأن ليس بمقدورهم سوى تحقيق مزيد من التدمير والقتل.
عود على بدء، فإنّ وضع الكيميائي السعودي والتخفي الأميركي تحت الكونترول السوري ـ الروسي، لا يعني إشاحة النظر عن أدوار الدول الأخرى المتورّطة في الحرب، خصوصاً تركيا، التي خسرت ورقة الحسم في مدينة الباب، وثبت أنها لا تستطيع احتلال قرية واحدة من دون الاتفاق المسبق مع المجموعات الإرهابية.
وإذا كانت تركيا تؤدّي فروض الطاعة الجزئية، بما خصّ اتفاق الهدنة، وأميركا تسابق الوقت، فإنّ المجموعات الإرهابية التي تعمل لصالح السعودية في مناطق عدة، خصوصاً في مدينة دوما تقع تحت مرمى نيران الجيش السوري، والحسم في هذه المدينة صار قاب قوسين أو أدنى.
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي