صحافة عبريّة
كتب يوسي ميلمان في صحيفة «معاريف» العبرية:
محظور الاستهتار بتحذير الناطقين بلسان الحكومة السورية وجيشها للردّ على الهجوم المنسوب إلى «إسرائيل» في منتصف الليل بين الخميس والجمعة. فقد قال ناطق بلسان الجيش السوري إنّ طائرات «إسرائيلية»، كانت تحوم في منطقة بحيرة طبريا أطلقت صواريخ ضربت مطار المزّة العسكري قرب دمشق. يبعد المطار نحو خمسة كيلومترات عن القصر الرئاسي لبشار الأسد. وادّعى الناطقون بلسان «المعارضة» أنّها ضربت إلى جانب المطار أهداف أخرى.
ليست هذه المرّة الاولى التي يتّهم فيها ناطقون بِلسان سورية «إسرائيل» بهجمات في أراضيهم ويهدّدون بردّ مضادّ. حتى الآن تبيّن أن هذه تهديدات عابثة. واضح أن ليس لجيش الأسد إرادة وقدرة على فتح جبهة أخرى وجديدة ضدّ «إسرائيل». ولكن محظور أن ننسى أنّ الانجازات الاخيرة لجيش الأسد ضدّ «المعارضين»، بفضل المساعدة الجوية المكثفة من روسيا، حزب الله والميليشيات الشيعية بقيادة إيرانية في البرّ، رفعت معنويات النظام وجدّدت ثقته بنفسه. وعليه، ففي المرّة المقبلة أو تلك التي تليها، قد تنشأ متلازمة ذئب ـ ذئب. هجوم آخر وبعده هجوم، وفي النهاية يقرّر نظام الأسد أن يضع روحه في كفّه ويردّ.
إمكانية أخرى توجد تحت تصرّفه هي محاولة الردّ من خلال مبعوث مقرّب له: الاستعانة بالفلسطينيين أو بحزب الله لمضايقة «إسرائيل» في منطقة الحدود في هضبة الجولان، هو أمر سبق أن حصل في الماضي قبل نحو سنتين، حين أقامت قوة القدس الإيرانية بالتعاون مع حزب الله شبكة للعمليات ضدّ «إسرائيل» بمشاركة فلسطينيين ودروز مؤيدين لسورية.
سلسلة من أعمال الإحباط والردّ من «إسرائيل»، بما في ذلك اغتيال قائد الشبكة جهاد مغنية، ابن عماد مغنية الذي صُفّي في دمشق في عملية نُسبت إلى الموساد وCIA ، وجنرال إيراني و«المخرّب الدرزي» سمير القنطار، قضت على هذه الشبكة وهي في مهدها.
في جهاز الأمن لا يستخفّون بالتهديدات من سورية ويأخذون بالحسبان ردّاً من جانب دمشق، وإن كان التقدير هو في هذه اللحظة ان احتمالات ذلك ليست عالية.
أهداف الهجمات «الإسرائيلية»، التي بحسب منشورات أجنبية كانت على الاقل بين 10 و15 في عددها في السنوات الثلاث الاخيرة، هي مخازن وقوافل سلاح متطور، مثل منظومات الدفاع الجوي، منظومات توجيه وتسيير للصواريخ، صواريخ برّ ـ بحر وغيرها، تزوّد إيران وسورية حزب الله بها.
مشوّق على نحو خاص الإنصات إلى الصدّ من جهة روسيا. فقد حذّر الناطق بلسان وزارة الدفاع الروسية في الماضي الولايات المتحدة وقوات التحالف العاملة هي أيضاً في سماء سورية من مغبّة مهاجمة أهداف النظام السوري. أما هجمات «إسرائيل» فموسكو تتجاهلها حالياً.
لو كانت روسيا، الداعمة الأكبر للأسد، تعارض «إسرائيل» وتحذّرها من مغبّة ذلك، لكانت لـ«إسرائيل» مشكلة صعبة، وحرّية عملها كانت ستتقيّد. ما يؤدي إلى التقدير أنه توجد على ما يبدو تفاهمات هادئة بين القدس وموسكو. طبيعة هذه التفاهمات ليست واضحة باستثناء آلية منع الصدام والاحتكاك بين طائرات الجيشين. وقد تحققت في لقاءات رئيس الدولة رؤوبين ريفلين ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع الرئيس بوتين في موسكو في الأشهر الـ18 الأخيرة، لا سيما في لقاءات قائد سلاح الجوّ اللواء أمير إيشل مع رئيس الاركان الروسي، قائد سلاح جوّه وبوتين نفسه. يبدو أن لحقيقة أن اطلاق الصواريخ تم من «الاراضي الإسرائيلية»، من دون العمل في سماء سورية، تساهم في حرّية عمل معيّنة تتمتع بها «إسرائيل».
يمكن الاستنتاج أنّ روسيا تفهم ما هي خطوط «إسرائيل» الحمراء وما هي مصالحها في سورية. وهذه موجّهة لمنع نقل سلاح حديث ومتطوّر إلى حزب الله، في ظلّ تعهّدات واضحة بأن ليس لـ«إسرائيل» مصلحة للتدخّل في الحرب السورية، دعم «المتمرّدين» او العمل ضدّ نظام الأسد. طالما بقيت روسيا تقبل بفهم وبموافقة صامتة هذه المبادئ، ستتمكن «إسرائيل» من مواصلة العمل بين الحين والاخر على اساس الاستخبارات الدقيقة والحديثه في سورية.
علينا إخراج نتنياهو في إجازة
كتب رون كوفمان في صحيفة «معاريف» العبرية:
الحقيقة، هذا مثير للاشمئزاز. من جهة رئيس وزراء منتخب، يبدي منذ سنين عداءً علنياً لمجموعة «يديعوت أحرونوت». من جهة اخرى مالك المجموعة، الذي بحسب سلوكه، دولة «إسرائيل» هي بملكية المجموعة. العلاقة بينهما، كما كشفت الشبكة الثانية، هي ليست من سنتين، بل منذ أكثر من عشرين سنة. وماذا تضمنت العلاقة؟ معقول الافتراض أننا لم نعرف أبداً. ولكن حقاً من الصعب أن نسمع أنّ رئيس الوزراء، «الزعيم غير المنازع للدولة»، ينشغل بالتوسط بين نوني موزيس وبين مليارديريين. فليس بنيامين نتنياهو هو الذي يتوسّط بل رئيس وزراء «إسرائيل»، الذي يستخدم ـ بحسب المنشورات ـ مكانته وقدرته لتسويق دولتنا. كمواطن كان يسرّني أكثر لو استخدم رئيس الوزراء علاقاته ومكانته كي ينقذ سلسلة من المصانع التي أفلست في شمال البلاد، مثلاً، لا لتثبيت مكانته الجماهيرية من خلال الحرص على رفاه وإنقاذ تجارة أحد الاشخاص الاقوياء في الدولة.
وأين هم باقي منتخبي الجمهور؟ أولئك الذي يفترض بهم أن يثبتوا لنا بأنهم أبرياء من كل مصلحة شخصية كوزراء وكنواب. أين نفتالي بينيت، موشيه كحلون، آريه درعي، آفيغادور ليبرمان وموشيه جفني. أحد من «اليسار» لا يحاول إسقاط رئيس وزراء قائماً. ببساطة، المستشار القانوني للحكومة، النيابة العامة والشرطة، يقومون بواجبهم، ويحقّقون بشبهات في قضايا فساد هي ظاهراً من أكبر القضايا التي شهدتها البلاد.
إنّ محاولات بعض الأشخاص مثل بينيت، إغماض عيون الجمهور في أن الحديث يدور هنا عن يسار أو يمين، تقترب من الخداع للجمهور. قد يكون يعرف اكثر منا ما يجري في التحقيقات، ولكنه بالتأكيد لا يعرف كل شيء.
الجمهور لا يعرف بعد شيئاً، وهو يتعرف قطرة قطرة على الاشرطة التي وصلت إلى إخبار 2 ونحن نتلقى نحو 100 كلمة من المحاضر اليومية بتقنين، من مادة الأدلّة التي تشير إلى فساد سلطوي ظاهر ـ حتى لو كان رئيس الادّعاء العام في «إسرائيل»، أفيحاي مندلبليت، سيمتنع عن تقديم لائحة اتهام.
يتبين لنا كلّ يوم أننا أسرى لدى رئيس وزراء يستخدم المليارديريين من البلاد ومن الخارج كي يموّل نمط حياة فاخراً ـ ولا توجد وجبات مجانية في العالم. أرنون ميلتشن، جيمز باكر، شيلدون أدلسون وأرنون موزيس هم رجال أعمال مختصّون بالتجارة. فما الذي حصلوا عليه مقابل التمويل؟ ليس معروفاً. قد نعرف وقد لا نعرف. ولكن هذا نتن من التعفّن. وإذا نظرنا إلى رئيس الوزراء فإننا نرى أنفسنا نتعفّن بسرعة.
ما يحصل في مجموعة «يديعوت أحرونوت» هو شأن المالك والعاملين. ولكن ليس واضحاً كيف يمكن لرئيس وزراء أن يؤدّي مهامه في عدد لا يحصى من المجالات هو أيضاً وزير في أربع وزارات ، عندما يخضع للتحقيق، وتكون زوجته وابنه مطالبين بالادلاء بشهادتيهما.
إذا كنا نرغب في أن نؤمن بأننا نعيش في ديمقراطية، يمكن ويجدر بنا أن نطلب من نتنياهو الخروج في إجازة سمّوا هذا انعدام قدرة على الحكم، أو كيفما كان يناسبكم ، على الاقل حتى نهاية التحقيقات زملاؤه في الائتلاف ملزمون بأن يطالبوه فوراً بالتنازل عن حقيبة الاتصالات. وذلك لأن هذا كان يعدّ الآن رائحة كريهة، فبعد نصف سنة ستؤدّي الرائحة الكريهة إلى تعفّن تام.
منذ التنصتات الخفيّة لم تكن أزمة ثقة كهذه. وفي حينه كان الناشرون هم المتورطون، وليس رئيس وزراء. ولكن لا يوجد من يمكن التوقع منه، ولا يوجد من يمكن مطالبته. فأعضاء «الليكود» يحمون زعيمهم، بتضحية ذاتية زائفة على نحو مخيف، مستعدّون لأن يدفعوا كل شيء إلى الانهيار، يقصفون بأحابيل إعلامية صبيانية، كالاقوال الغنية عن مؤتمر باريس، وكأن هذا يغيّر/ وسيغير جوهر الحكومة و«الكنيست» العشرين.
في الفترة القريبة المقبلة سنرى ونسمع المزيد من التسريبات، فقط كي نعرف ما هو واضح منذ الآن. إذن ماذا تقولون؟ هل نبعث بنتنياهو وعقيلته، بالطبع، لجمع التبرّعات لدى الاصدقاء 100 مليون فقط، قروش في تعابير المال ـ الحكم ليوم الاستقلال السبعين للدولة؟ فكلّنا، وهو أيضاً نعرف أنه بعد سنة ونصف السنة سيكون مشغولاً بمحاكمته، أما نحن فلن يكون لنا سبب للاحتفال.
مقاطعة «إسرائيل» مؤتمرَ السلام في باريس… عابثة
كتبت صحيفة «هاآرتس» العبرية:
مؤتمر السلام الذي عُقد في باريس أمس بمشاركة أكثر من 70 وزير خارجية يعتبره رئيس وزراء «إسرائيل» كـ«مؤتمر عابث». فبنيامين نتنياهو ينتظر بفارغ الصبر تتويج دونالد ترامب كي ينقذ «إسرائيل»، هكذا يفترض، من وجع الرأس الذي يسمّى المسيرة السلمية مع الفلسطينيين. وبالتالي فإنّ حتى مشاركة وزير الخارجية الأميركي الحالي في المؤتمر هامة من ناحيته كقشرة الثوم.
لقد سبق لنتنياهو أن أوضح موقفه هذا، حين أعلن أنه سيقاطع المؤتمر لأنه لا يزال متمسّكاً بمبدأ المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين ـ المفاوضات ذاتها التي استثمر فيها كلّ نشاطه كي يفشلها المرّة تلو الاخرى. كما أنه تنكّر لقرار مجلس الأمن 2334، الذي وصف المستوطنات، بما في ذلك تلك التي بنيت في شرق القدس، كغير شرعية. يبدو أن كلّ محفل دولي لا يتبنّى سياسة «إسرائيل» كاملة، سيعتبره نتنياهو محفلاً معادياً، وكأن الحديث يدور عن لقاء لدول عربية أو إسلامية.
صحيح أن بين حاضري المؤتمر نشبت خلافات في الرأي حول صيغة البيان النهائي الذي سيعرض عليهم لإقراره. وصحيح أيضاً أنّ القرار الذي سيتّخذ مهما كان، ليس ملزماً من ناحية رسمية. غير أنه رغم ذلك هذا ليس «مؤتمراً عابثاً». بعيداً عن ذلك، أعضاؤه سيشدّدون على الاقل التزام الدول المشاركة فيه لحلّ الدولتين للشعبين، المبدأ الذي اعترفه به نتنياهو، لا بل سيقترحون سبلاً لتحقيقه.
المؤتمر كفيل أيضاً بأن يشكل منصّة إطلاق لسياسة عملية تواجه مبادرات استفزازية أو انعدام للفعل من شأن الرئيس الأميركي الجديد أن يسوقها.
يمكن الجدال في جدوى أو نتائج المؤتمر، ولكن محظور على «إسرائيل» أن تهجر ساحة دولية، تبحث في شؤونها أو في شؤون النزاع، من دون أن تحاول على الأقل أن تعرض فيها موقفها وتقنع مشاركيها بصحّة سياستها.
إنّ مقاطعة المؤتمر تشهد هذه المرّة أكثر من أيّ شيء آخر على أن نتنياهو يؤمن بأنّ «إسرائيل» يمكنها أن تصدّ بقوّتها، أو بمساعدة رئيس الولايات المتحدة الجديد، خطوات دولية تحاول إنقاذ المسيرة السياسية في ظلّ عرض «إسرائيل» كدولة يلاحقها محبّو الشرّ لها.
وهكذا يخدم نتنياهو من يدّعي أنّ «إسرائيل» مثل الفلسطينيين، لم تفوّت أبداً فرصة لتفويت الفرصة. فالمؤتمر ليس مثابة مصلحة خاصة لرئيس الوزراء. فهو يتعلق بمكانة دولة «إسرائيل» ومواطنيها في العالم ومقاطعته تعزّز صورة «إسرائيل» كدولة رافضة وتمنح ريح إسناد لكلّ من يدعو إلى مقاطعتها.