ترامب يريد العمل ضدّ إيران… ولكن!

كتبت سيما شاين في صحيفة «هاآرتس» العبريّة:

كثيرون يهتمون في الوقت الحالي بمحاولة توقع الاستراتيجية التي توجّه سياسة الرئيس الأميركي الجديد الخارجية، دونالد ترامب. الأقوال المتناقضة وعدم اليقين الذي يخلقه الرئيس، تجعل جميع المحلّلين لا يطرحون التقديرات الحاسمة.

الإشارات كلّها التي صدرت عن ترامب حتى الآن تعبّر عن موقف إيجابيّ من «إسرائيل» ومن برنامج عملها السياسي، لا سيما أقوال الرئيس وطاقمه الامني ضدّ إيران. هذا الموضوع يوجد على رأس برنامج العمل الامني لـ«إسرائيل» منذ سنوات.

في هذه الاثناء يصادف مرور سنة على توقيع الاتفاق النووي. وفي هذه المرحلة تشير تقارير الرقابة لوكالة الطاقة الدولية بأن إيران تلتزم بتعهداتها. ولـ«إسرائيل» مصلحة واضحة بأن تلتزم إيران بالاتفاق، الذي جمّد تطوير المشروع النووي لأكثر من عقد. مع ذلك لـ«إسرائيل» تحفّظات من جوانب معيّنة في الاتفاق، وهي تقلق أساساً من مسألتين اساسيتين: استمرار نشاط البحث والتطوير لأجهزة الطرد المركزي المتقدّمة، والشرعية التي حظيت بها إيران من أجل تطوير خطة تخصيب أوسع مع نهاية الاتفاق. في هاتين المسألتين يجب على «إسرائيل» التوصل إلى تفاهم مع الادارة الأميركية الجديدة، رغم أنهما غير ملحّتين.

المسألة الاكثر إلحاحاً في الموضوع الإيراني، تواجد إيران وحزب الله الكبير في سورية. النظام الإيراني وقائده الأعلى علي خامنئي يقولان إن هذا التواجد ينبع من مصلحة أمنية عليا في وجه «إسرائيل». وقد أوضح علي أكبر ولايتي، المستشار السياسي لخامنئي، مؤخراً أن إيران وحزب الله لن يغادرا سورية في المستقبل.

ورئيس الأركان الإيراني قال إن إيران ستنشئ في سورية موقعاً بحرياً، ولكن لتواجد إيران في سورية، لا سيما في الجنوب، هناك مغزى خطيراً. فهذا التطوّر إذا حدث ستنشأ جبهة أخرى إضافة إلى الجبهة اللبنانية، الامر الذي سيغيّر سيناريو «إسرائيل» حول المواجهة المستقبلية في هذه الساحة.

هذه مسألة أساسية يجب أن تكون في برنامج العمل اليوم لـ«إسرائيل» أمام الادارة الجديدة. طلب «إسرائيل» أن يشمل كل اتفاق مستقبلي حول سورية إخراج القوات الأجنبية كلّها، لأن ذلك أمراً شرعياً وحيوياً لأمننا. ويجب طلب ذلك من روسيا ومن الأميركيين.

هذه المهمة ليست سهلة، لأنه يجب على «إسرائيل» أن تأخذ في الحسبان أن إيران وروسيا تتعاونان بشكل غير مسبوق في سورية. وقد بدأت روسيا بمنح إيران وسائل دفاع جوية من نوع «S300» «إسرائيل» عارضت ذلك لسنوات طويلة ، وهي ستسعى إلى مراعاة المصالح الإيرانية في كلّ اتفاق حول سورية. إضافة إلى ذلك، إيران تشارك في الحرب ضّد «داعش» في العراق، الامر الذي يضعها في الخانة نفسها مع الولايات المتحدة.

في ظلّ هذه الظروف سينشأ تعارض بين رغبة إدارة ترامب بالعمل ضدّ إيران وخفض تأثيرها الاقليمي وبين الفائدة التي ستتحقّق بسبب دور إيران في الساحتين السورية والعراقية. وإضافة إلى ذلك، الرئيس الأميركي الجديد يريد تعزيز العلاقة مع روسيا، التي زاد التزامها نحو إيران في السنة الماضية. ومن جهة العلاقة بين «إسرائيل» والولايات المتحدة، ستكون هذه المسألة معقّدة جداً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى