ترامب: عن خطاب التنصيب
حميدي العبدالله
ألقى الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب خطاباً بمناسبة توليه رسمياً منصبه بوصفه الرئيس 45 للولايات المتحدة الأميركية.
واضح أنّ ما جاء في الخطاب وأولى القرارات التنفيذية التي اتخذها الرئيس فور قسم اليمين تشير إلى أنّ خطاب ترامب وهو في سدة المسؤولية لم يختلف كثيراً عن خطابه أثناء حملته الانتخابية، وتجلى ذلك في هجومه العنيف وغير المسبوق، في تاريخ رؤساء الولايات المتحدة على الفئة المتنفذة والتي أحكمت سيطرتها على الحكم في الولايات المتحدة، منذ عشرات السنين. وكان واضحاً أنّ هجوم ترامب على الطبقة السياسية لم يكن حزبياً، أيّ أنه لم يهاجم فقط جناح النخبة الحاكمة الديمقراطية، بل كان هجومه شاملاً لكلّ هذه النخبة المهيمنة على مقاليد الحكم، ولم يكن ذلك غير متوقع إذا أخذ بعين الاعتبار أنّ قادة الحزب الجمهوري وقفوا ضدّ ترامب ولم يقدّموا له الدعم أثناء حملته الانتخابية، وقد شقّ طريقه إلى البيت الأبيض بالرغم من ذلك ومن دون دعم القيادة التقليدية للجمهوريين. وتجلى أيضاً في حديثه الصريح عن الحمائية، وبالتالي وضع المصلحة الأميركية في المرتبة الأولى وهو قال إنّ شعاره الرئيس: «أميركا أولاً»، وتجلى أخيراً بتأكيده على أنه مصمّم على مكافحة الإرهاب وشدّد على «الإسلام الراديكالي الإرهابي».
بديهي القول إنّ هذه المواقف كانت دائماً حاضرة في حملته الانتخابية والخطابات والمواقف والوعود التي قطعها للناخبين.
رهان الكثيرين على أنّ وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، سوف يجعله يتراجع عن مضمون خطابه، هذا الرهان قد لا يكون صحيحاً هذه المرة. نعم كلّ الرؤساء الأميركيين رفعوا شعارات أثناء حملاتهم الانتخابية، ولكنهم لم يلتزموا هذه الشعارات عندما وصلوا إلى البيت الأبيض. لكن يبدو أنّ الرئيس الأميركي الجديد سيشكل استثناءً لهذه القاعدة لسبب بسيط أنه بالأساس جاء من خارج إرادة الطبقة الحاكمة الأميركية التقليدية.
لكن ما تقدّم لا يغيّر من حقيقة أنّ خطاب التنصيب انطوى على بعض الشعارات المضللة غير القابلة للتنفيذ، مثل إنقاذ الفقراء وإنهاض الصناعة، وإعادة بناء البنية الأساسية مثل الطرق والمطارات وسكك الحديد والمدارس، لأنّ مثل هذه الشعارات لا يمكن تحقيقها في ظلّ التزام ترامب بخفض الضرائب، ولا سيما على الأغنياء، وفي ظلّ العجز الكبير في الميزانية الأميركية، فمن أين سيأتي ترامب بمئات مليارات الدولارات لتحقيق هذه الوعود التي جاءت في خطاب التنصيب؟
إنّ نهج ومقاربة ترامب إزاء القضايا الداخلية والخارجية قد لا يتغيّر عن ما طرحه أثناء حملته الانتخابية، ولكن تحقيق النجاح هو أقرب إلى المستحيل.