غرفة طرابلس والسفارة السويسرية تناقشان أهمية التوجه نحو التعليم المهني
عقدت غرفة طرابلس ولبنان الشمالي طاولة مستديرة بينها ممثلة برئيسها توفيق دبوسي ووفد من السفارة السويسرية برئاسة السكرتير الأول للسفارة في لبنان نيقولا ماسون، إضافة إلى مؤسسات من القطاعين العام والخاص وهيئات ومنظمات المجتمعين الأهلي والمدني.
وشكر رئيس الغرفة دبوسي للسفير السويسري «تعاونه الوثيق مع غرفة طرابلس ولبنان الشمالي»، كاشفاً عن «المعطيات الإحصائية المتوافرة لديه بأنّ أكثر من 60 في المئة من الذين يتعلمون في المجتمع السويسري يتجهون نحو التعليم المهني والتقني، لأنّ هذا الخيار العلمي يساعد على توفير فرص عمل لليد العاملة الشابة التي تصقلها عمليات التدريب والتأهيل والإتقان وتطوير الإقتصاد الاجتماعي عموماً». وقال: «نحن في غرفة طرابلس ولبنان الشمالي، نأخذ بالتطبيقات العملية لهذا الخيار، إذ تمكنا لغاية الآن من أن يتخرج من مركز التأهيل والتدريب لدى غرفة طرابلس ما يناهز الـ1500 شاب وشابة ورفدهم بسوق العمل عبر احتضانهم من قبل عدد من مؤسسات القطاع الخاص».
أضاف: «على عكس ما هو سائد في الثقافة اللبنانية العامة، فإنّ الغالبية تتجه نحو اختصاصات المهن الحرة من محاماة إلى الطب العام ذي الاختصاصات المتعددة وطب الأسنان والهندسة والصيدلة، وهذا يعود إلى امتناع اللبنانيين عموماً إلى اللجوء إلى خيار الأخذ بأهمية التعليم المهني والتقني، ما ينعكس سلباً على حركة سوق العمل، حيث تتصدر المنافسة فيه وتتعزّز البطالة وخلافها من معوقات النمو والتنمية».
وتابع: «إنّ المسألة تتمحور حول ما يشير إليه بعض الدراسات المتخصِّصة لجهة ضرورة العمل على تعزيز ثقافة العقل المنفتح باتجاه الأخذ بخيار التدريب والتأهيل المهني والتقني، لا سيما أنّ لدينا الكثير من البرامج في هذا المجال، وما يؤسف له أنّ عدداً من الجهات والمنظمات الدولية تمتلك برامج ومشاريع لتطوير التعليم المهني والتقني في لبنان، ولكن تبقى المشكلة أنّ كلّ جهة من هذه الجهات تريد الانفراد بتطبيق برنامجها الخاص بها من دون أن تبدي أي رغبة في التعاون والتكامل وتوحيد الجهود المشتركة، وتغيب عنها روح العمل ضمن إطار الفريق الواحد، ونحن في الحقيقة نريد أن تكون لدينا ملفات مشتركة مبنية على دراسات معمقة، وأن تتضمن مشروعاً محدداً يلائم البيئة الاقتصادية الاجتماعية التي وضع هذا المشروع أو ذاك لأجلها، ويؤسفنا في هذا السياق أن نسجل أنّ هناك الكثير من البرامج الموضوعة للتدريب المهني والتقني يذهب أكثر من نصف ميزانيتها إلى إعداد دراسات الجدوى وغيرها من التكاليف من دون أن تستفيد منها الجهة المخصَّص لها هذا المشروع أو ذاك».
وأردف: «نحتاج إلى شحذ عقولنا لتعزيز ثقافة الأخذ بخيار صقل مهاراتنا المهنية والتقنية ورفع قدراتنا الذاتية، لما للمهن من أهمية في الدورة الإنتاجية، فسويسرا كما نعلم، وكذلك ألمانيا، من خلال تطبيقات برامجها المهنية والتقنية، لا تسجل مؤشرات البطالة لديهما أي نسب عالية، ونحن نميل إلى صيغة الشراكة مع الجهات الدولية، ومن غير المستحب لدينا أن نعتمد على البرامج المانحة والداعمة، فنحن نريد العمل المشترك على تغيير ثقافتنا باتجاه تعزيز الأخذ بخيار تعزيز دور المهن في حياتنا الاقتصادية العملية، وما المثال السويسري النموذجي ببعيد عنا».
من جهته، نقل ماسون تحية السفير السويسري، مثنياً على «الرؤية الاقتصادية الاجتماعية التي يمتلكها دبوسي»، وقال: «من حيث الواقعية، تتطابق كلياً مع ما تريد السفارة السويسرية الوقوف عنده، وهي الرؤية التي يمتلكها أصحاب القرار الاقتصادي في لبنان، لأنّ من الأفضل أن تؤخذ الرؤية الاقتصادية ـ الاجتماعية من جانب اللبنانيين، وأن تتبلور بشكل واضح للإضاءة على مكامن القوة التي تمتلكها طرابلس، ولتقف الجهات الدولية، ومنها سويسرا، بدورها على مرتكزات هذه الرؤية، ليتم التعاون المستمد من هذه الرؤية بالذات. ونحن في حال مستمرة من التعاون مع غرفة طرابلس، ولدينا الرغبة في الشروع بإطلاق ورش عمل مشتركة من أجل التشجيع على اعتماد خيار التوجه نحو التدريب والتأهيل التقني والمهني، ونحن منسجمون تماماً مع خيارات رئيس غرفة طرابلس ولبنان الشمالي في صقل مهارات الطاقات الشابة على المستويين المهني والتقني، ولدينا مسيرة طويلة في هذا المجال»
ورأى أنّ «طرابلس هي مختبر صغير نموذجي يحتوي على كلّ الجوانب، التي أثيرت خلال النقاش»، لافتاً إلى أنّ «التجارب السابقة أدت إلى تفاقم الأزمات المشكو منها، ولم تساعد على إيجاد الحلول المناسبة لتلك الأزمات، منها غياب الرؤى والاستراتيجيات».
وقال: «من جهتنا، نحن كسويسريين لدينا نظرة شاملة للمنطقة تندرج ضمن سياق الانسجام مع مجموعة بلدان الاتحاد الأوروبي، ولكنّ الاستقرار يتطلب إيجاد الفرص الإيجابية التي نراها في لبنان، وهي بالفعل موجودة، ولكنّ إحباطنا كبير، ونودّ تشخيص المشاكل، إلا أننا نفضل الاستماع إلى كل المداخلات لكي نكون جاهزين للتعاون ونلعب دور الميسرين في تحقيق المتطلبات اللبنانية، وإننا ننطلق من أرضية استراتيجية مشتركة، ونلتفت جميعنا نحو المستقبل الواعد، وستكون لنا لقاءات أخرى».