البحرين وأكناف البحرين قاب قوسين أو أدنى…!
محمد صادق الحسيني
الأنباء المتواترة من البحرين تكاد تشي باقتراب اندلاع حرب إقليمية، إن لم تكن دولية، ضد محور المقاومة. يُقال إنها قد تكون بديلاً عن الحرب على سورية التي غُلب فيها الافرنجة وهُزموا فيها شرّ هزيمة إثر موقعة حلب الكبرى…!
و»الإسرائيليون» قد يكونون هذه المرة في مقدّمة المشهد وليس كحاضنة للمرتزقة، كما ظهروا في سورية، إذا صحّت الأنباء التي تقول بوصول وحدات كوماندوس «إسرائيلي» مؤلفة من 60 شخصاً إلى مطار المنامة مع ساعات الفجر الأولى من يوم أمس الجمعة، وذلك على متن طائرة قطرية ليكتمل بذلك مشهد يوم القيامة البحريني…!
ثمّة مَن يشمّ رائحة المؤامرة على شعب البحرين من خلال الخطوة الجهنمية الحمقاء التي يتردّد أنّ الرياض تستعجلها بتغطية أميركية بريطانية، وهي اقتحام بلدة الدراز وشق صفوف المعتصمين بالقوة في محاولة للوصول إلى زعيم أكثرية الشعب البحريني ومرجعهم الديني الشيخ عيسى أحمد قاسم المدجّج بشباب الثورة وأتباعه السلميّين. نعم، لكنهم المطالبون بحمايته والدفاع عنه حتى الموت، ليس فقط كواجب وطني بل وأيضاً كواجب ديني، كما وصلتهم الفتوى الواجبة الإطاعة من المرجع الكبير آية الله السيد كاظم الحائري…!
حصار أحياء عديدة من بلدة العوامية في محافظة القطيف، في المنطقة الشرقية من شبه الجزيرة العربية المسمّاة بالسعودية، وقطع الكهرباء والمياه وبعض الخدمات الأخرى عنها، المترافق مع تسارع الأنباء عن إعدامات بالجملة في الدمام وعدد من البلدات التي يعتبرها أهلها جزءاً مما يسمّونه بـ«البحرين الكبرى» في بياناتهم، يمكن أن يُفهم أنه إجراء احترازي لما قد يتخذ من قرارات بخصوص اعتصام الدراز، لكنه في الوقت نفسه يمكن أن يزيد المشهد توتراً واحتمالية بالاشتعال غير المعروفة أمديته…!
وإذا ما علمنا بأنّ ما يفصل بين المنطقتين اللتين باتتا أقرب ما تكونان بصفيح ساخن يغطي براميل من البارود، وليس برميلاً واحداً، ليس سوى جسر يُعرف بجسر المنامة تحتله عملياً قوات الجيش السعودي منذ نحو أربعة أعوام يوم دخلت البحرين بعنوان درع الجزيرة العربية، عندها يمكنكم تصور شكل الانتفاضة المرتقبة وأبعادها…!
وإذا كانت الذريعة يومها بعبور الجسر المذكور لحماية استقلال الأسرة الحاكمة وأمنها في المنامة من تهديدات تدّعي الرياض بأنها موجّهة من طهران وأنصارها من سكان جزر الأرخبيل ذات الأغلبية الشيعية المطالبين بإصلاحات جذرية قد تحد فعلاً من سلطات آل خليفة المهيمنين على مقدرات البلاد كلها من دون رادع حتى الأمس القريب، فإنها اليوم ستنزل بقوة الى الضفتين بحجة إخماد انتفاضة مدعومة من الخارج…!
في هذه الأثناء فإن ما قد يزيد الطين بلة، ويبعث بأكثر من رسالة سلبية حول مستقبل الخليج الفارسي كله، هو القرار الخطير الذي اتخذه حلف شمال الأطلسي الناتو باستقرار قوة له ومكتب دائم في الكويت في إطار ما سُمّي بمبادرة اسطنبول. وهي أول قوة وأول مكتب للحلف خارج جغرافية أعضائه….!
خطوة إرسال الموفد الأميري الى طهران بعد يوم من هذا القرار المشبوه والمثير للتساؤل والذي قيل إنه يحمل رسالة حوارية جماعية من قادة مجلس التعاون الى القيادة الإيرانية، قرأها البعض بأنها خطوة مستعجلة أريد منها جس نبض طهران تجاه ما تخبئه الأيام. طهران التي لا تنقصها فراسة علم الرجال حينما رفضت استقبال الموفد على مستوى الإمام القائد، فيما تسلّمت الرسالة على مستوى الرئيس…!
السيناريو الأخطر الذي يمكن أن يحدث، وهنا عود على بدء، هو أن تتحوّل البحرين الى ما يُسمّى بمكسر عصا لهزيمة «الإسرائيليين» والسعوديين في كل من سورية واليمن، وتحديداً في كل من حلب وباب المندب، حيث تكسّرت أشكال سطوتهم كلها وعجزت أنواع أسلحتهم كلها، وتهشمت صورتهم وطارت أحلامهم وأحلام إمبراطوريات حليفة لهم، ما قد يدفعهم لاستبدالها بإنجاز وهمي في ساحة صغيرة مظلومة صابرة محتسبة هي البحرين…!
لكن هؤلاء نسوا أو تناسوا وغفلوا أو تغافلوا بأن الذي يقمعونه في البحرين ويعدمون شبابه الأبرياء ويتعدّون على حرمات علمائه ليس بعيداً أو أقل اعتباراً أبداً من المقدّسات التي أرادوا المساس بها في كل من سورية والعراق…!
فمن قرّر بالأمس المنازلة مع الإفرنجة في ساحات وميادين سورية والعراق دفاعاً عن المقدّسات وعن أمن الناس المظلومين هناك، هو اليوم على أهبّة الاستعداد والجهوزية والتحفز الكامل للدفاع عن مقدّسات «البحرين الكبرى» وعن أمن الخليج الفارسي ولن يجعل أرض العلماء وأكناف الرسالة والوحي تسقط على يد «الإسرائيليين» والناتو…!
نعم يومها سترون بأمّ أعينكم، ماذا يعني سنكون حيث يجب أن نكون…!
بعدنا طيّبين قولوا الله.