تقرير إخباري

سماهر الخطيب

في كلّ مرة تُطرح فيها مسألة ترسيم الحدود والخلافات المثارة حولها، نستذكر اتفاقية سايكس بيكو المشؤومة وماخلفته من نزاعات لا تزال تشتعل في المنطقة، ومن جملة هذه الخلافات الحدوديّة منطقة «خور عبدالله» ما بين العراق والكويت.

هو «خور» يقع ما بَين جزيرتَي بوبيان ووربة الكويتيّتين وشبه جزيرة الفاو العراقية، ويمتدّ إلى الداخل العراقي مشكّلاً خور الزبير الذي يقع به ميناء أم قصر العراقي.

منذ تاريخ 3/8/1990 وُضع العراق تحت العقوبات الدولية، استناداً للبند السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي فُرض عليه بعد غزو الكويت، وفي 3 نيسان العام 1991، أصدر مجلس الأمن الدولي قرار رقم 687، الذي تمّ بموجبه إنشاء عدّة لجان تابعة للأمم المتحدة، من بينها لجنة تخطيط الحدود الدوليّة بين الكويت والعراق.

وبعد أن أكملت لجنة الأمم المتحدة ترسيم الحدود البريّة، أصدر مجلس الأمن الدولي في 26 آب 1992 قراره 733 المتعلّق بالحدود البرّية.

في 20 آذار 1993، قامت لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بعد أن أتمّت مهمّتها كاملةً برفع تقريرها النهائي، وقد انعقد مجلس الأمن في 27 آذار 1993 وأصدر قراره رقم 833 ، وطالب كلّاً من الدولتين باحترام حرمة الحدود الدولية واحترام الحق في المرور البحري.

وفي عام 2012، وقّعت الحكومة العراقية مع نظيرتها الكويتيّة اتفاقية «خور عبدالله»، التي نصّت على أنّ الغرض منها «التعاون في تنظيم الملاحة البحرية، والمحافظة على البيئة البحرية في الممرّ الملاحي في خور عبدالله، بما يحقّق مصلحة كلا الطرفين».

وفي هذا الشأن، قال المتحدّث بِاسم مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، «إنّ الحكومة العراقية ملزَمة بتطبيق الاتفاق الخاص بميناء خور عبدالله مع الكويت، ولا يمكنها التراجع عنه من دون موافقتها».

ولم يلقَ إعلان مكتب العبادي تجاوباً برلمانياً، بل علت التنديدات سقف المجلس البرلماني، حيث قالت النائبة عن «جبهة الإصلاح» عالية ناصيف: «القناة ليست ضمن القرارات الدولية، ومن يتعذّر بهذا العذر الباطل فهو يحاول خداع الشعب العراقي».

من جهتها، أكّدت النائبة عواطف نعمة، أنّ «الاتفاقية تعطي الكويت الأولويّة في التحكّم بالقناة الملاحية، الأهم تقريباً في مياه العراق الإقليمية. ما يشكّل ضرراً كبيراً على البلاد، والحكومة على دراية تامّة بهذه العواقب الوخيمة، لكنّها رغم ذلك أقدمت على هذه الخطوة».

ووجّهت النائبة العراقية عن «حركة إرادة»، حنان الفتلاوي، سؤالاً برلمانياً إلى العبادي يتضمّن الاستفسار عن سبب منح القناة للكويت، وعمّا إذا كان خيانة عظمى وحنثاً باليمين، بحسب وصفها.

كما أشار عضو مجلس النوّاب العراقي عن محافظة البصرة الشيخ عبد السلام المالكي، إلى أنّ «العراق، وضمن اتفاقية خور عبدالله، سيتحوّل إلى دولة مغلقة بحرياً بعدما ارتكب زعماؤه هفوتهم البحريّة الكارثيّة الثانية، بالمصادقة على الاتفاقية الملاحية مع الكويت، فاعترفوا رسميّاً بالقرار 833 ، الذي أطاح بسيادتنا الدولية على آخر ما تبقّى لنا من الممرّات الملاحية التي تربطنا ببحار الله الواسعة، واقتنعوا بإنزال العلم العراقي من فوق صواري السفن المتوجّهة إلى أم قصر».

ومن جهةٍ قانونية، قال الخبير القانوني طارق حرب، «إنّ الاتفاقية التي وقّعتها الحكومة العراقية هي لتنظيم الملاحة، وليست للتنازل عن حدود عراقيّة. أمّا الزوبعة السياسية التي تحيط بهذه الاتفاقية فهي لأغراض انتخابية، وأعضاء مجلس النوّاب الذين صاغوا الاتفاقية نفسها في العام 2013 نفسهم بدؤوا ينتقدونها اليوم».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى