صاحب الحق سلطان لا يتوسل ومن تنازل عن حقه لا يستحق الحياة
اياد موصللي
ما فتحنا كتاباً قديماً عن اليهود إلا ووجدنا فيه كلمات عن فلسطين وسرد تاريخي عن حبهم لها ورغبتهم في استعادتها وجعلها وطناً نهائياً لهم…
واذا بحثنا في زوايا وخفايا التاريخ كله.. من الأساطير الى الحقائق وقرأنا المستندات والوثائق لما وجدنا حرفاً او سطراً يقول انّ اليهود سكنوا فلسطين وعاشوا فيها وأسّسوا شعباً ينتمي اليها.. ما كان لليهود وطن كانوا نوَر اي سكان القفار المتنقلون دون هوية او انتماء، مشرّدون بلا مأوى او استقرار، وهذا ما دفع لأن يظهر فيهم رجال وضعوا كتباً وبروتوكولات نسبوها الى السماء وادّعوا انّ الله ارسلها كما الانجيل والقرآن وملأوا عقول أتباعهم بأوهام صارت ديناً.. الدين اليهودي والذي كتابه التوراة ونبيّه موسى بريء كلّ البراءة من اليهود الصهاينة ومزاعمهم في البروتوكولات.. والتلمود هذه الكتب تتناقض كلياً مع الحقيقة والواقع وهي ميّزت اليهود وشحنتهم بأوهام ووعود إلهية لتعوّض عنهم ما تعرّضوا له من آلام وعذاب بفعل انحدارهم الخلقي وتعنّتهم مخالفين تعاليم السماء..
فالصهيونية بكتبها، التلمود والبروتوكولات، أوجدت ديناً جديداً لا يمتّ لما جاء به موسى النبي ولا ما ورد في التوراة.. انّ ما ارتكبه الصهاينة من مذابح ومجازر في بلادنا ليس هو ما أمرت به رسالة موسى وتعاليم السماء، انّ الإرهاب والقتل والسحق هو أسلوب إرهابي مارسوه باسم الدين، فهم قتلة قساة وصفهم القرآن الكريم في الآية 74 من سورة البقر:
«ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشدّ قسوة وان من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وان منها لما يشقق فيخرج منه الماء وان منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون».
وفي سورة المائدة:
«لقد اخذنا ميثاق بني اسرائيل وارسلنا اليهم رسلاً كلما جاءهم رسول بما لا تهوى انفسهم فريقاً كذبوا وفريقاً يقتلون..
فاليهود المؤمنون بالتوراة وتعاليمه ورجال الدين منهم يقفون ضدّ الصهيونية وأساليبها ويعتبرون أعمالها ارتكابات وجرائم يرفضها الدين اليهودي السماوي ونحن عندما نعتبر اليهود أعداءنا فإننا نعني هؤلاء لأنهم كذلك وهم ليسوا من أهل الكتاب.
وتظاهرات رجال الدين يوم 27/1/2017 أمام مقرّ الأمم المتحدة استنكاراً لما تقوم به حكومة نتن ياهو هو تأكيد لما قلناه ونقوله.. فأتباع التوراة ينكرون كلّ ما جاءت به تعاليم الصهيونية..
اليهود لم يسكنوا فلسطين، وهم كما يقول التاريخ خرجوا بقيادة النبي موسى عام 1220 ق.م. من مصر وعبروا متجهين نحو فلسطين التي تجاورها.. تقدم العبرانيون يريدون دخول فلسطين فقاومهم أهلها ومنعوهم فاتجهوا نحو الأردن وكانت فلسطين في ذلك الحين تتبع سلطة فرعون مصر ويسكنها الكنعانيون، ثم تاهوا في البلاد حيث لم يجدوا من يستقبلهم فاستقرّوا في سيناء بعد أن حلّ عليهم غضب الله لعصيانهم ومخالفة نبيّهم موسى كما تقول الروايات التاريخية والدينية وفي القرآن الكريم «ولعنوا حيثما جاؤوا وباؤوا بغضب من الله».
وقال يسوع المسيح: «احذروا هؤلاء المرابين اليهود فإنهم يؤسّسون لمملكة الشيطان..» وقد صلبوا المسيح…
أقاموا في سيناء كالسجناء لا قدرة لهم للعودة إلى مصر التي انطلقوا منها ولا قوة لديهم أو شجاعة تمكنهم من دخول فلسطين ومجابهة أهلها الكنعانيين الذين وصفوا بالجبارين، ولفلسطين قدسيتها لدى المسيحيين والمسلمين، فهي مهد المسيح ورسالته، هي المهد والقيامة.. ولدى المسلمين ثاني القبلتين والحرمين.. ففي العهود التاريخية كلها لم تكن وطناً ينتمي اليه العبرانيون.. منذ العهد الأموي والعباسي والفاطمي حتى العهد العثماني..
وبعد ان احتلّ البريطانيون فلسطين تسلّل اليهود الصهاينة اليها، ووفق مجريات التاريخ ومواقف الذلّ والتخاذل العربي استولى اليهود على البلاد بمساعدة دول العالم وطردوا منها العباد من سكانها وأهلها وأقاموا دولة بسطت سيطرتها الكاملة..
ونواجه الآن القسم الثاني من مشروعها الاستيطاني القائم على قاعدة وحدانية الوجود.. التي تقول:
«متى ولجنا أبواب مملكتنا لا يليق بنا ان يكون فيها دين آخر غير ديننا وهو دين الله الواحد المرتبط به مصيرنا من حيث كوننا الشعب المختار وبواسطته ارتبط مصير العالم بمصيرنا فيجب علينا ان نكنس جميع الأديان الأخرى على اختلاف صورها». صفحة 205 البروتوكول الخامس…
وتحقيقاً لهذا القول بدأ بناء المستوطنات الجديدة وفق قرار رئيس حكومة اسرائيل نتن ياهو الذي
أمر ببناء 560 وحدة استيطانية في القدس و500 وحدة في البلدة القديمة.. و2500 في النقب و68 وحدة سكنية في قضاء رام الله. وبدأ هدم بيوت المواطنين الفلسطينيين.. الذين خرجوا متظاهرين يقاومون بالعصى والحجارة يقابلهم المعتدون الاسرائيليون بالرصاص..
بين هذا وذاك ترتفع أصوات السلطة الفلسطينية مهدّدة بالويل والثبور وعظائم الأمور بأنها ستلجأ الى المحافل الدولية وترفض قرارات حكومة العدو وتطالب بموقف دولي حازم.. اما الحكومات العربية والخليجية منشغلة بإشعال الحروب الإرهابية وقتل أبناء جلدتها وتهديم مدنهم.. فاليمن أهمّ من «إسرائيل» وسورية عدو لدود..
قرارات الحكومة الصهيونية الأخيرة جاءت بعد قرار الأمم المتحدة عام 2016 الصادر بالإجماع بمنع الاستيطان في القدس.. والقرار الاسرائيلي الجديد صدر في 20/1/2017 و27/1/ و28/1/ استهتار ولا مبالاة..
أميركا تبارك وتؤيد ما تقوم به «إسرائيل» غير عابئة بالموقف الدولي.. والموقف الدولي هذا جاء مؤيداً لحقوق الفلسطينيين او فتات حقوقهم بعد أن أباح سابقاً لإسرائيل الاستيلاء على معظم هذه الحقوق والآن يحاول إظهار العدالة وكما يقول المثل: «ليتك لم تزني ولم تتصدقي..».. عدالة على الورق دون أي إجراء تنفيذي..
لذلك نقول الآن إذا كنا فعلاً مؤمنين بأنّ هذه البلاد بلادنا وهذا الشعب شعبنا وانّ فلسطين أرض الإسراء والمعراج لدى المسلمين ومهد المسيح لدى المسيحيين وانّ اليهود لعنوا حيثما جاؤوا وأننا أصحاب الحق.. وصاحب الحق سلطان والسلطان لا يتوسل ولا يتسوّل.. حكومة تعطى له بقرار.. بل يفرض إرادته ويحقق ما يريد بوقفة عزّ…
انّ ما يجري اليوم شبيه بما جرى قبل إنشاء دولة «إسرائيل» بأدوار معكوسة.. كان اليهود يفتشون عن أرض ودولة.. وها نحن اليوم نفتش عن أرض ودولة في فلسطين والذين نصّبوا أنفسهم قادة لشعب فلسطين.. كلّ القادة دون استثناء يتلهّفون من أجل إجراء مفاوضات مع العدو المغتصب والمتمادي في غيّه وعدوانه يطالبون باتفاق يسمح لهم بإقامة دولة واية دولة هذه التي لا مقومات لها.. وهي في الأصحّ حكومة على أرض تمنح لها تماماً وهو ما كان يطالب به الهنود الحمر في أميركا بعد ان سلبت أرضهم وشرّدوا وسيكون ما يعطى لهم إذا استجيبت مطالبهم محمية لا دولة.. كان اليهودي يوصف باليهودي الضائع والتائه، فأصبح الوصف اليوم العربي التائه سواء كان هذا العربي فلسطينياً أو من اية جنسية عربية أخرى فهو تائه.. نتوسل لنيل حقوقنا.. من عدو مغتصب فيما أسلحتنا وأموالنا وجيوشنا سخية عنيفة على أبناء لغتنا وجغرافيتنا وأدياننا ولا أقول أمتنا.. لئلا ينطبق علينا المثل «شرّ البلية ما يضحك».. والحكومات ماهرة بخلق الفتن والدسائس لقتل بعضنا بعضاً، وهي تقيم العلاقات مع هذا العدو دون رادع وأصبح الخونة والعملاء يجاهرون بخيانتهم دون ايّ خوف او خجل. هذه الخيانة التي قال عنها النبي محمد:
«اللهم اني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع واما الخيانة فانها بئس البطانة يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب».
تذكروا هذا يا قادة الاعراب..
وللذين يلهثون وراء منحة الدولة أقول لهم ما قاله هنري سيغمان وكرّرنا ترداده كثيراً في مقالاتنا «انّ الإجماع المتفق عليه منذ زمن بعيد من قبل النخب صاحبة القرار في «إسرائيل» يقضي بأنّ «إسرائيل» لن تسمح أبداً بقيام دولة فلسطينية تحول دون سيطرتها الفعلية العسكرية والاقتصادية على الضفة الغربية.. وانّ هذا الموقف الإجماعي لا يمنع قبول «إسرائيل» بوجود عدد من الكيانات المعزولة عن بعضها البعض بحيث لا يمكن أن يصبح فيها الفلسطينيون أكثرية».
وسيغمان هذا هو أميركي يهودي مدير مشروع الولايات المتحدة للشرق الأوسط ومدير تنفيذي سابق للكونغرس الأميركي 1978 1994 وقد نشر هذا القول في مجلة لندن ريفيو اوف بوكس .
فبعد كلّ هذا نقول إذا لم تكونوا أحراراً من أمة حرة فحريات الأمم عار عليكم.. نعرف أنكم لا تخجلون ولا تستحون لأنّ من استحوا ماتوا..