الأسد يستحق أن ينحني العالم كله أمام عظمة إنسانيته

سناء أسعد

من المؤسف أن نصل إلى مرحلة من اللاتفاجؤ واللاذهول والاندهاش من سماع أقوال ورؤية أفعال من سمّوا أنفسهم معارضة سورية وحقيقة أمرهم أنهم مجرد حفنة من الخونة فترانا لم نعجب لرؤيتهم وهم يرتمون في أحضان «إسرائيل» بهذا الكمّ الهائل من اللاوعي يناشدونها ويتغزّلون بها بعشق وهيام، ويمكن القول إنّ «إسرائيل» وحدها من تفاجأت بمشاعرهم الجياشة تجاهها واعترافهم المذلّ بأنّ الرسالة التي وجهوها لـ«الإسرائيليين» ليست رسالة يستجدون بها عطفاً أو مساعدة وإنما هذا هو الواقع بل إنّ واجبهم الوطني والإنساني هو من دفعهم للاعتراف بهذا الواقع وقول ما اعتبروه حقيقة يجب أن تدركها كافة الأطراف الإقليمية والدولية…

لا ندري إذا ما كان المحللون الصهاينة ما زالوا منهمكين في البحث عن ماهية ذلك الواجب الوطني لأولئك الجهابذة ومكامن مقوماته…

أما انعدام عنصر المفاجأة لدينا نحن فليس لأننا سنرضى التطبيع يوماً وليس لأننا نهيّئ أنفسنا على وجود وتقبّل «إسرائيل» بيننا، ولكن لأننا تفاجأنا بما فيه الكفاية من اللحظات الأولى لأول تظاهرة ومطالبها الحمقاء وصولاً إلى ذبح الأطفال وحرق الأحياء وحالة التدمير الممنهجة والمحزنة التي هزّت أعماقنا في جميع النواحي، فكان التدمير إنسانياً أكثر مما هو مادي… وأخلاقي أكثر مما هو ديني… وروحي أكثر مما هو جسدي، فإنسانيتنا هي التي ذبحت وقطّعت أوصالها، وقلوبنا هي التي بكت ونزفت ولسان حالنا يقول هل يوجد هناك بعد أفظع وأقسى من هذا المشهد وذاك؟ وللأسف كان الجواب دائماً نعم وألف نعم…

فلماذا نتفاجأ من مجاهرة أولئك الأوغاد بعلاقتهم الحميمية مع الكيان الصهيوني إذا كانوا قد جاهروا أولاً بخيانتهم لوطنهم و هلهم ولجميع المبادئ والقيم… ولماذا نستهجن مشاركتهم في مؤتمرات صهيونية معدة لهم مسبقاً وإصدارهم بيانات يشرحون فيها عن خطة السلام مع الكيان موثقين تطبيعهم معه بالصوت والصورة… معبّرين عن امتعاضهم من وجود إيران وحزب الله في سورية… تماشياً مع ما تقتضيه مصالح «إسرائيل» واصفينها بأنها الدولة الأكثر ديمقراطية في الشرق الأوسط والأكثر إنسانية والحاضنة لآلام الشعوب واللاجئين

ولأنّ شلة المصري وزيتون وسيروان الكردي من فصيلة «النشامة المزيفة» سارعوا للتعبير عن استعدادهم الكامل لقتل القضية الفلسطينية المقتولة بأيدي أغلب الحكام العرب وتصفيتها بسكاكين غدرهم وعمالتهم والتنازل عن حق المطالبة باستعادة الجولان المحتلّ عربون شكر وامتنان لـ«إسرئيل»…! فالمهمّ لديهم ومهما كان الثمن أن يستمرّ العدو الاسرائيلي بدعم ثورتهم المزعومة التي سيكتب عنها التاريخ يوماً كأغرب ثورة في تاريخ البشرية كلها دفاعاً عن أقبح الحريات بأشجع ثوار وأخون خونة وأجرم مجرمين وأسقط أهداف، وآخر أهدافها «النبيلة» كان قطع المياه عن أهالي دمشق بعد أن قطعوا عنهم وعن جميع السوريين كافة سبل المعيشة وصار أبسطها صعب المنال.. ولكن إنْ كانوا حريصين حتى على ممارسة الطقوس اليهودية قرب حائط المبكى فلماذا لا يبقون في حضن اسرائيل بدلاً من دعوتها أن تأتي هي إليهم؟ ولماذا لا يوفرون عناء المجاملات ومشقة النفاق والادّعاءات الكاذبة بخوفهم على مستقبل سورية وهم يتباهون بالقلنسوة الصهيونية…؟

«إسرائيل» تدرك أن لا وزن ولا قيمة لهؤلاء الصبية وأنّ من يقرّر مصير الجولان أيقونة الوفاء والصمود أبطال الجيش العربي السوري مع القائد العظيم بشار الأسد. ولكن شأن ذلك المؤتمر شأن تلك الضربات الاسرائيلية استعراض للعضلات فقط لإثبات الوجود وحفظ ماء الوجه أمام الإسرائيليين أولاً وأمام الواهمون الذين ينظرون لإسرائيل كقوة عظمة ويتهافتون للتحالف والتطبيع معها وتأخيراً لرفع راية الاستسلام بعد أن تهاوت جميع أحلامهم وسقط مشروعهم الاستعماري على أرض الواقع…

ترغب «إسرائيل» بشدة زيادة أعداد الجهات والدول والشخصيات التي تناصب العداء لحزب الله وإيران وشرعنة هذا العداء بل وإظهار الخوف والتحذير دائماً من خطورة «الميليشيات الشيعية» وما سوّقوا له ضمن حملة التشويه المبرمجة لقلب الحقائق وتحريفها. فالاعتراف بـ «إسرائيل» يبقى منقوصاً دون إعلان العداء لحزب الله وإيران ومعهما شخص الرئيس الأسد لأنه أيضاً بدون الخلاص من الأسد لا يمكن إبعاد خطر إيران وحزب الله عنها. فإزاحة الأسد يعني تقسيم سورية وتفتيتها وبالتالي تشتيت خط المقاومة وإضعافه، فمصالح «إسرائيل» الاستراتيجية تكمن في هزيمة الأسد في معركته وعدم تفرّدها وحدها في عداء حزب الله وإيران، لذلك نجدها ترتعب وتقلق كلّما حقق الجيش السوري انتصارات ساحقة في الميدان واكتشفت أنّ حلف المقاومة يزداد عظمة وقوة..

لا نعلم اذا كان هؤلاء المتباكون سيكونون يوماً ممن يرغبون بالعودة إلى حضن الوطن.. فاليوم عاد نواف البشير وغداً من يدري قد يكون الجربا وبعد غد معاذ الخطيب… وغيرهم كثر وسيروون لنا الكثير من القصص والحكايات عن زيف ثورتهم وعمالتهم!

وستكون العودة إلى حضن الوطن آخر المصطلحات الأكثر قسوة على الشعب السوري وأكثرهم جنودنا الأوفياء وأهالي الشهداء أصحاب التضحيات العظيمة… فجميعنا نعرف والعائدون قبلنا أنّ قرار العودة أبداً ليس شعوراً وطنياً وإنما اعتراف صريح بهزيمتهم ونصرنا نحن لأنّ من غادر حضن الوطن عميلاً سيبقى عميلاً في عيون جميع السوريين وذاكرتهم أبداً ودهراً…

وأخيراً لا بدّ من القول لأولئك العملاء إنه اذا كان الإسرائيليون الذين يقتلون أبناء شعبنا الفلسطيني يومياً ويدمّرون بيوتهم الأكثر إنسانية فيجب أن ينحني العالم كله أمام إنسانية الرئيس الأسد وسعة صدره وعظمة قلبه السموح.. وأنّ خريطة سورية المستقبلية لن تكون إلا تلك التي رسمت بدماء الشهداء النبيلة وانه لا مكان البتة لتلك الخريطة التي رسمت بأقلام الخونة العبرية…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى