اليمن… خيارات البحر الممكنة
زكريا الشرعبي
بعيداً عن لافتات العناوين العريضة، التي يستخدمها تحالف العدوان الأميركي – السعودي لاستقطاب مزيد من الحلفاء، في حربه الكونية على اليمن، مضياً في شن هجمات عنيفة على سواحل مضيق باب المندب الاستراتيجي وإعلان ميناء الحديدة منطقة عسكرية. يمكن القول أن المعركة في اليمن وإن كانت خيارات العدوان مكررة وعاجزة، إلى الآن، عن تحقيق أي تقدم استراتيجي يرجح كفة التحالف ستدفع باليمنيين إلى استخدام أوراق من شأنها أن تجبر المجتمع الدولي على الخروج من بوتقة التواطؤ مع العدوان الأميركي السعودي، إلى إعادة وضع الاعتبار لليمن.
ذإن الحرب في اليمن، ليست تلك الحرب المنسية كما يتوهم البعض. ولن تكون كذلك. وإذا كان العدوان والمتواطئون معه يراهنون على الوقت لإخضاع الشعب اليمني، الذي مزق ربقة الوصاية بفتح جبهات متعددة هنا وهناك وكي وعيه بارتكاب المجازر البشعة بحق النساء والأطفال، فليس ذلك إلا من قبيل الوهم والمراهنة على العدم.
ربما يبدو هذا غير منطقي، بالقياس العقاري للمعركة وتراوح المواقع العسكرية على سواحل باب المندب، مؤخرا، بين القوات اليمنية وقوات ومرتزقة العدو، لكن الواقع الجيوسياسي لهذه المعركة وخزينة الخيارات التي يملكها كل طرف، يظهر للجميع وعلى رأسهم المجتمع الدولي، أن اقتراب تحالف العدوان الأميركي السعودي من باب المندب، هو اقتراب المنطقة والعالم من باب النار، الذي لن يستطيع أحد احتواءها. ولا اعتقد أنه بإمكان أحد أن يتحمل تبعات هذه المخاطرة. لقد كان استهداف القوات اليمنية للبارجة الحربية التابعة للعدوان السعودي «مدينة» مطلع الأسبوع الماضي، في المياه الإقليمية لليمن وقصف معسكر الغزاة في جزيرة زقر بصاروخ باليستي، لأول مرة، رسالة واضحة مفادها أن لدى اليمن من الإمكانيات ما يمكنه من تحويل المواجهة إلى النطاق البحري، في واحد من أهم المضايق والممرات التجارية في العالم. وهو حقه المشروع في الدفاع عن مياهه الإقليمية وأراضيه. كيف لا وهو يتعرض لحرب كونية يتحالف ضده فيها ما يزيد على أربعة عشر دولة. إن تحلي اليمن بالعقل والحكمة هو ما جعله يؤجل استخدام هذا الخيار، رغم ما يتعرض له من بشاعة وظلم. ورغم كل الجرائم التي ارتكبت بحق أطفاله ونسائه، الجرائم التي زاد عدد ضحايها على ثلاثين ألف شهيد وجريح. وزاد عدد المنازل التي دمرت عن ثلاثمائة ألف منزل ومئات المواقع الأثرية والمدارس والمستشفيات. لكن لجوء العدوان إلى إغلاق ميناء الحديدة، المنفذ الأخير الذي يستخدمه اليمنيون لإدخال الغذاء والدواء ومحاولة احتلال هذا الميناء، سيجعل استخدام الخيارات الرادعة عين الحكمة والصواب. ولا أظن أن العالم سيقايض طرق بواخره السالكة في باب المندب التجارية، ببراميل آرامكو، لن يستطيع الوصول إليها فيما بعد، إلا بالعودة إلى رأس الرجاء الصالح والبادئ اظلم.