الإرهابيون رسموا سيناريو فتنة «يستثمر» بقتل حمية
يوسف المصري
خلال وقت مبكر من هذا الشهر، كانت وصلت تفاصيل عن سيناريو معد مسبقاً لإحداث فتنة في منطقة البقاع الشمالي. وشرارة البدء بسيناريو الفتنة ينطلق من «إعدام» الجندي الشهيد محمد حمية، والرهان على تداعيات أمنية ومذهبية ستتبعه في منطقة عرسال ومحيطها.
وعندما أقدم الإرهابيون على «إعدام» الجندي الشهيد عباس مدلج، كان المتوقع بحسب المعلومات الآنفة، أن الشهيد حمية هو الهدف الثاني لجريمة «الذبح» بعد الجندي الشهيد الأول علي السيد، وليس مدلج الذي شيّع التكفيريون أن ظروف قتلهم له جاءت بعد محاولته الفرار !! .
ماذا تقول تفاصيل سيناريو الشهيد حمية، كما رسمه التكفيريون، وكما تراكمت معلومات في شأنه منذ بداية هذا الشهر، علماً أن مضمونه لا يزال قابلاً للتنفيذ في أية لحظة خلال الأيام التالية.
تقول معطيات هذا السيناريو المستقاة من جهات لها اتصالات وقنوات معلومات مع الجماعات التكفيرية الخاطفة للجنود اللبنانيين، إن خطة داعش والنصرة كانت تفيد بالتالي:
أولاً – تقصد أن يتزامن الإعلان عن «ذبح» جبهة النصرة للجندي محمد حمية في الوقت نفسه الذي تقوم به الأخيرة بافتعال أحداث عنف عسكرية عنيفة داخل بلدة عرسال، هدفها حدوث هجرة لسكانها إلى خارجها.
ثانياً – يراهن واضعو هذا السيناريو على أنه في الوقت الذي تندفع به جموع الهاربين من عرسال إلى خارجها باتجاه الطرق العامة في المنطقة حيث هناك تواجد لعشيرة آل حمية وغيرها من العشائر والعائلات الشيعة، يتم نشر فيديو عن عملية ذبح أو قتل الجندي حمية، ما سيؤدي لحدوث هيجان بين أفراد عشيرته الأمر الذي سيدع بأفراد منها لارتكاب اعتداءات على الهاربين العرساليين لدى مرورهم من مناطقهم.
ثالثاً – تقوم جبهة النصرة وداعش بعد حدوث التطورات الآنفة بشن هجوم باتجاه اللبوة والهرمل تحت شعار الدفاع عن أهل عرسال، ما يكسب هجومها تعاطفاً من المسلمين السنة في تلك المنطقة.
… وباختصار فإن الهدف من كل هذا السيناريو هو بدء حرب الفتنة في لبنان انطلاقاً من البقاع الشمالي على أمل لدى التكفيريين بأن يتمدد باتجاه طرابلس والضنية وعكار وبعلبك انطلاقاً من أحداث يتم افتعالها في الوقت نفسه على مثلث الضنية – عكار – الهرمل.
والواقع أن حزب الله تحسب لحدوث هذا السيناريو، وقام منذ تراكمت معلومات لديه في شأن حصوله منذ بدايات هذا الشهر، باستنفار اتصالاته في البقاع الشمالي مع العشائر الشيعية، وبخاصة آل حمية، وأعلمهم بأن هناك مشروع فتنة يخطط لإطلاق شرارته انطلاقاً من استفزازهم بصدمة قتل أحد الجنود المخطوفين من أبنائهم، وبنفس الوقت افتعالهم حالة هروب جماعية من عرسال باتجاه مناطقهم، كمحاولة لتمهيد المنطقة لتصبح مسرحاً لأعمال اقتتال مذهبية.
وعلى رغم أن الحزب والجهات المعنية كانت تعرف أن كلمة السر لدى النصرة وداعش في هذا المخطط لإطلاق الفتنة هو الجندي محمد حمية، إلا أنها تفاجأت بحصول جريمة مدلج واعتبرت أن تبديلاً جرى في خطة التكفيريين. ولذلك تحركت باتجاه عائلة الأخير لتحذيرهم من ضرورة التنبه إلى أن التكفيريين يريدون استثمار مصابهم الكبير في إطلاق فتنة مذهبية في البقاع الشمالي. وأبدى والد مدلج كما والد حمية الآن وعياً في التجاوب مع هذا التنبيه كان محل تقدير كل اللبنانيين. غير أن معلومات إضافية عادت وأكدت للجهات المعنية بهذا الملف أن سيناريو «الشهيد محمد حمية» لا يزال مطروحاً للتنفيذ عند التكفيريين، ربما من خلال إعادة إنتاج مشهد مقتله، أو عبر حصول جريمة قتل جندي مخطوف آخر، وأنه بكل حال يجب التحسب لحصول تطورات مرسومة مسبقاً من قبل التكفيريين ستحاول توظيف عمليات إعدام الجنود المخطوفين في إحداث صدمات شعبية تؤدي للاقتتال المذهبي.
السؤال اليوم، هل تجاوز لبنان الفتنة المرسومة بعد أن تم تعطيل خطة جعل «قتل» الشهيد حمية بمثابة الشرارة لإطلاق فتنة مذهبية في البقاع الشمالي؟
المصادر المتداخلة بصلات معينة مع الجماعات التكفيرية في جرود عرسال لا تزال تصر على ضرورة التحسب من مفاجآت خططت لها النصرة وداعش على خلفية إقدامها لجعل جرائم قتل الجنود المخطوفين تأتي في توقيتات وسياقات تخدم هدف إشعال الفتنة المذهبية في لبنان وتبرير هجوم كبير لداعش على مناطق لبنانية في الشمال.