«أستانة» تجتذب الأنظار مجدّداً مسار مضبوط بمفاعيل انتصار حلب
معن حمية
عادت العاصمة الكازاخية «أستانة» أمس، لتجتذب الأنظار مجدّداً على خلفية اجتماع مجموعة العمل المشتركة حول الأزمة السورية، والتي تضمّ خبراء من روسيا وإيران وتركيا والأمم المتحدة، حيث بحث الاجتماع مجموعة من النقاط، كمسألة تنفيذ اتفاق وقف العمليات القتالية في سورية، وكذلك خريطة الفصل بين المجموعات المنخرطة في نظام وقف إطلاق النار، وبين «داعش» و«النصرة» الإرهابيين، وتلك التي لم تطبّق وقف النار. واللافت كان ما أعلنه نائب رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، رئيس الوفد الروسي إلى الاجتماع ستانيسلاف حجى محميدوف، عن مشاركة وفد أردني قدّم معطيات حول المجموعات المتطرفة في جنوب سورية. وهذه المشاركة قد تكون بداية لانعطافة أردنية تترجم بمبادرة يطرحها الأردن في القمة العربية أو قبلها لإعادة مقعد سورية في جامعة الدول العربية.
وكما هو واضح من سياق المتابعة لهذا الاجتماع، فإنّ أطرافه، مع ممثلي الأمم المتحدة، أبدوا ارتياحاً لانعقاد الاجتماع ومجرياته، الأمر الذي يؤكد بأنّ هذا المسار لا يزال مجدياً ويُبنى عليه الكثير، طالماً أنه لا يزال مضبوطاً نتيجة مجموعة عوامل، لا سيما العامل الأساسي، المتمثل بمفاعيل تحرير مدينة حلب من المجموعات الإرهابية، مضافٌ إليها التقدّم الذي يُحرزه الجيش السوري وحلفاؤه باتجاه مدينة الباب، عدا عن الإنجازات العديدة التي تتحقق في الميدان لصالح الدولة السورية.
غير أنّ أجواء الارتياح التي يتحدّث عنها أكثر من طرف دولي وإقليمي شارك في مؤتمر «أستانة» الأول، لا تعبّر بالضرورة عن اتجاه نهائي لدى المجموعات الإرهابية لعدم القيام بأعمال إرهابية، إذ إنّ رئيس وفد المجموعات المتطرفة إلى مؤتمر «أستانة» محمد علوش وتزامناً مع اجتماع أمس، أطلق مزاعم خرق الجيش السوري لما تمّ الاتفاق عليه، محدّداً الخرق بعملية الجيش السوري في وادي بردى والتي أعادت المياه الى مدينة دمشق، وبالقصف الذي تنفذه الطائرات السورية على مواقع المجموعات الإرهابية «النصرة» و«داعش» وأخواتهما!
تصريحات علوش هذه، تظهر أنّ هناك وصلة لا تزال قائمة بين المجموعات الإرهابية المتعدّدة، رغم المعارك العنيفة التي تجري بين هذه المجموعات، وهي في العموم معارك نفوذ على المناطق التي لا تزال تحت سيطرتها وليس لها علاقة بالخيارات بين منخرط في نظام وقف النار أو عدمه.
إلى الواجهة، يعود مجدّداً الإنجاز الكبير الذي حققه الجيش السوري وحلفاؤه بتحرير مدينة حلب، والذي فرض أمراً واقعاً على القوى الإقليمية الداعمة للمجموعات الإرهابية، وتحديداً تركيا التي أيقنت أنّ ما بعد حلب ليس كما قبلها، وهي أيّ تركيا وجدت نفسها مرغمة على مجاراة الروس والإيرانيين في سلوك طريق الذهاب إلى مؤتمر «أستانة»، كخيار لا بدّ منه من أجل الحفاظ على نفوذ لها بواسطة المجموعات المتطرفة.
هنا يمكن القول، إنّ انتصار الجيش السوري وحلفائه في حلب من جهة، واقتناع تركيا ومعها المجموعات الإرهابية بفشلهم في الاحتفاظ بمناطق استراتيجية مهمة من جهة ثانية، هما من أهمّ العوامل التي ستبقي مسار «أستانة» قائماً ومضبوطاً، حتى الوصول إلى جنيف. وربما تكون هناك مفاجآت تغيّر مجرى الأحداث قبل الوصول الى جنيف، إذا وصل الجيش السوري الى مدينة الباب.
وعليه فإنّ الكلام عن نتائج إيجابية لاجتماع الخبراء، لأنّ الأتراك في حالة اضطراب وهلع، وهم يعملون على إفهام المجموعات الإرهابية التابعة لهم، بأنّ الوضع دقيق وخطير، خصوصاً أنّ الأميركي لا يزال يمارس سياسة الغموض الهدّام حيال مختلف القضايا والملفات، والتركي متروك لقدره.
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي