طغيان ترامب على الحقوق العراقية.. تحدّي الوجود الكبير!
هاني الحلبي
عندما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ حوالى أسبوع تأكيد عزمه على مصادرة أموال المسؤولين العراقيين في الولايات المتحدة، كدفعة أولى من أصل الحصة التي يرى أنها من حق الولايات المتحدة الغازية العراق العام 2003 من دون أي سند قانوني أو دولي تجيزه أية قوانين أو حقوق، وهي جزء من كلفة دماء آلاف القتلى وعشرات آلاف الجرحى العسكريين الأميركيين الذين زجّت بهم إدارات أميركية عدة في العراق، مفترضة أن احتلاله مجرّد نزهة لليانكي الأميركي.
وفي تفاصيل الخبر أن موقع «ويكيلكس الشرق الأوسط» نسب إلى ترامب قوله الأحد الماضي: «إن أموال السياسيين العراقيين المودعة في البنوك الأميركية هي ملك للشعب الأميركي نظير الدماء التي دفعها الجنود الأميركيون في العراق». ويبدو أن آلية مصادرة هذه الأموال خرجت من طور الدعاية الانتخابية التي أطلقها ترامب خلال مرحلة الانتخابات إلى طور الفعل والتنفيذ.
وعلّق مراقبون بقولهم إن الساسة العراقيين الذين جاءوا على ظهر الدبابة الأميركية هم الآن في وضع الانقلاب الأميركي عليهم. وهذا تكريس لناموس تاريخي، حيث يلاقي كل عميل مصيراً محتوماً على يد مَن ارتزق له على حساب بلده ووطنه وشعبه.
ولدى مشاهدة ترامب عبر مقابلات مصوّرة عدة عبر هذا الفيديو https://www.youtube.com/watch?v=u-xhzBmP2o8 يؤكد أنه لا يوجد عراق، والعراق انتهى، وأنه ليس أكثر من ساحة للتنازع والحرب الأهلية والتقسيم، وأن أميركا جديرة بأن تأخذ حصتها من الجبنة العراقية الدسمة، ليدرك المشاهد أنه في «غاب ترامب» حيث اللاقانون وحيازة القويّ هي سند الملكية للمنقول وغير المنقول.
وفي فيديو آخر يتم عرض للمبالغ المودعة للمسؤولين العراقيين في المصارف الأميركية، وقال ترامب إنه سيصادرها وتصبح من حق الشعب الأميركي وإنها ملك له وضريبة دماء الجنود الأميركيين التي أُهرقت في العراق.
وفي عرض لأسماء المسؤولين العراقيين المودِعين أرصدتهم من ريع النفط العراقي، كما نشرها موقع الخزينة الأميركية، بمليارات الدولارات، هم: نوري المالكي 66 مليار دولار، عدنان الأسدي 25، صالح المطلك 28، باقر الزبيدي 30، بهاء الأعرجي 37، محمد الدراجي 19، هوشار زيباري 21، مسعود برزاني 59، سليم الجبوري 15، سعدون الدليمي 18، فاروق الأعرجي 16، عادل عبد المهدي 31، أسامة النجيفي 28، حيدر العبادي 17، محمد الكربولي 20، أحمد نوري المالكي 14، طارق نجم 7، علي العلاق 19، علي اليساري 12، حسن الأنباري 7، أياد علاوي 44، جلال طالباني 35، رافع العيساوي 29..
وفي هذا الجدول المنشور أعلاه بعض الجواب الذي عرض له هذا الفيديو لغاية في نفس يعقوب الجزيرة القطرية، بعنوان «أين ذهبت أموال النفط العراقي؟». https://www.youtube.com/watch?v=BKx2QafLN8I .
ومن حق المواطن والمتابع أيضاً ان يسأل:
إذا صح نسب هذه الأرصدة الفلكية لمسؤولين في بلد طالع من حرب مدمّرة، كيف يمكن أن يحوزها هؤلاء هكذا وتتراكم ويأمنوا للولايات المتحدة التي ربّتهم ورعتهم وأوصلتهم إلى مقاليد سلطة حاكمة بالنار والفتنة الأهلية، لولا أن أوقد الإرهاب ناراً جحيماً أخمدت النار الطائفية التي كادت أن تحرق البلاد، وهو يقصد إضرامها بقوة وليس إخمادها؟
حيازة المسؤولين رساميل ضخمة هي حق للشعب العراقي لا تسقط ملكية الشعب لها إذا أطلقت حرب على الفساد وبلغت نهايتها المؤملة وتوفرت لها القوة الناجزة.
مصادرة الولايات المتحدة ليست حقاً مشروعاً، لأنها تستند على عمل غير مشروع، تمّت فبركته خلافاً لأي قانون دولي وإنساني! بل إذا كان احتلال العراق لتخليص العالم من شر أسلحة الدمار الشامل التي تمّت فبركة ملفها، وتم قتل مسؤول لجنة التحقيق في تلك الأسلحة في ظروف غامضة، وانكشفت أنها كذبة لنهب العراق، تؤسس لمحاكمة الاحتلال دولياً واستعادة الحقوق العراقية، ومحاكمة مّن تعاون من العراقيين معه لتشريع انتداب أميركي يقود العراق إلى التقسيم! وهذه المحاكمة تأسيس جدي لدولة عتيدة عصرية أساساها العدل والحق والمواطن والملكية القومية للموارد.
لا يمكن تأمين محاكمة عادلة ومنصفة للمحتلين والقاتلين والناهبين واستعادة الحق العراقي، من دون قوة العراقيين ووحدتهم وتطهير صفوفهم وتعيين خطة الإنقاذ الوطني، وبلورة خريطة طريق المستقبل!
أين العراقيون مما قيل ويُقال عن حقوقهم ونهبها؟ أم أن وصف ترامب في انعدام وجودهم كان نبوءة، لا سمح الله!
أمام العراق استحقاقات كبرى، لكن العزم العراقي مهول أيضاً إذا عزم وقرّر!
وهل المطالبة الأميركية بالثمن العراقي هو مقدمة لمطالبة سورية، التي لم تطلب أي دور أميركي، بثمن مماثل لقاء حرب أميركا المزعومة على الإرهاب، وتعميم هذا النهج التسلطي عربياً ودولياً؟!
عهد اختراع الحرب وقبض ثمنها!
باحث وناشر موقع حرمون haramoon.com
وموقع السوق alssouk.net