إيران إيران إيران… في يقظتكم كما في المنام!
محمد صادق الحسيني
بالأمس سمع ترامب صوت الملايين ممّن قضّوا مضاجع أسلافه ومنعوا استقرار أسطوله على اليابسة الفلسطينية «إسرائيل» على مدى ما يقارب أربعة عقود ليقولوا له مَن هي إيران التي ادّعى أنه أهلاً لمبارزتها…!
اليوم ظهّر الشارع الإيراني أميركا أمام الملأ كله باتجاه الرياح الأربعة للأرض، أميركا كما هي من دون أغلفة ولا قفازات ولا توافقات ولا من يحزنون…!
نعم أمس، تمت تعرية كلّ أميركا الترامبية والأوبامائية والبوشية، بلغة الشارع الإيراني الثائر وهو يغرّد بصوت واحد: الموت لأميركا! الموت لإسرائيل! ليعلم العالم بأنهم جميعاً من جنس واحد…!
قد يكون ترامب ساذجاً أو أميّاً في السياسة أو جديداً على موقع العمل الحكومي، لكنه ليس مجنوناً أبداً، كما يحاول منافسوه الديمقراطيون وأذنابهم في بعض بلادنا أن يوهمونا…!
هي جزء من خطته، أن يظهر بمظهر المجنون، حتى يرعب البعض ممن يجبنون عندما تقرع طبول الحرب، أو ليكسب معركة الوهم المصطنع حول الويل والثبور، لمن يناطح أميركا التي لا تُقهر…!
وأما حول إيران بالذات، فنقول لكل من يهمّه الأمر، إنّ ترامب ليس أكثر ولعاً بمحاربتها من سلفه، او أن مشكلته معها في الاتفاق النووي. أبداً إنه في صراخه ضدّها إنما يعبّر عن وجه أميركا المقهورة من إيران منذ ما يقارب أربعة عقود، والتي يزعم اليوم انه قادر على وضع حدّ لصعودها، إن لم يكن قطع دابر نفوذها المتسارع خارج حدودها…!
يقول مايكل پريجنت الخبير في مؤسسة هادسون الأميركية وهو من رجالات الترويج لترامب في ندوة حول إيران قبل أيام:
كنتُ أنا مَن طرح اسم السناتور كروز للترشّح لانتخابات الرئاسة الأميركية، وكروز بدوره كان قد طرح اسم دونالد ترامب، ووقتها قلتُ في معرض الترويج لدونالد ترامب: إذا كنت لا تعرف قاسم سليماني، فلا يحق لك الحديث عن الاتفاق النووي. يومها انتقدني كثير من وسائل الإعلام والمؤسسات السياسية لأنني كما قالوا يومها: فضحت ترامب وكشفت أميته السياسية…!
ذلك، لأنّ ترامب لم يكن يعرف يومها الفرق بين قاسم سليماني ومدينة السليمانية في العراق…!
ويضيف خبير معهد هادسون، والآن أقول لترامب: أنت لا تحتاج لتمزيق الاتفاق النووي، يكفيك أن تضع الاتفاق موضع التنفيذ، وتلغي مفاعيل التوافقات السرية، وتمنع الشركات الإيرانية من الدخول إلى دورة المؤسسات المالية المصرفية الأميركية…
وإجراء العقوبات غير النووية على إيران والمتعلقة بنقضها حقوق الإنسان ودعمها الحركات الإرهابية المقاومة نعم فقط تطبيق العقوبات الحالية، وزيادتها، والسلام…
ويختم مايكل پريجنت كلامه بالقول:
لقد عملت لدى الجنرال ديويد پترايوس والجنرال أوديرنو قائدي القوات الأميركية العاملة في العراق السابقين وكذلك لدى الجنرال جيمس ماتيس وزير الحرب الأميركي الحالي، في عهد ترامب أتعرفون ما هي أول نقطة طرحها علينا الجنرال ماتيس في مقرّ القوات المركزية الأميركية..!؟:
ونحن نذهب إلى النوم علينا التفكير بثلاثة اشياء، إيران، إيران، ومن ثم إيران…!
في مكان آخر، يجيب مايكل ليدن المستشار السابق للأمن القومي الأميركي ومسؤول قسم إيران في معهد انتربرايس التابع للمحافظين الجدد والمقرّب من عقلية ترامب أيضاً، رداً على سؤال وجه له من قبل راديو الغد التابع للمخابرات الأميركية، كيف ترى مستقبل الاتفاق النووي مع إيران بالقول:
«هذا سؤال مغلوط، مشكلتنا هي مع إيران نفسها، وليس الاتفاق النووي معها، ما هو مهمّ لنا أن لا تبقى إيران، وهي الداعم الأساسي للإرهابيين في العالم المقاومة ، وأن تمتنع عن صنع السلاح النووي والصواريخ الباليستية، أقولها بصدق أن تكف إيران عن القول الموت لأميركا…!».
يضيف ليدن:
«إيران لن تغيّر من سياساتها النابعة من الثورة الإسلامية، ولذلك وكما قلت في كتابي، ميدان الصراع، نحن في حالة حرب عالمية، وهذه الحرب لن تتوقف قريباً، ولا بدّ لنا من التعايش معها، إما أن نربحها أو نخسرها، لا طريق ثالثة فيها. وفيما يخص إيران، فنحن في حالة حرب مفتوحة معها، وكل ما نتحدث عنه هو جزء من هذه الحرب، على النظام الإيراني ان يتغيّر، نحن نريد إطاحة النظام…!».
لكن المتابعين والعارفين بخفايا الأمور يعرفون جيداً بأنّ أميركا ترامب التي تزبد وترعد اليوم هي أضعف من أميركا اوباما، مالياً واقتصادياً وعسكرياً وأمنياً واستخباراتياً ونفسياً. وبالتالي هي تحاول ارضاء طبقة خاصة من البيض العنصريين في الداخل وشراء ذمم وأموال بعض المرجفين في المدينة من المرعوبين من انتشار الصحوة العربية والإسلامية على امتداد الوطن العربي والإسلامي من جبال الأطلس غرباً الى سور الصين العظيم شرقاً، لا أكثر…!
من جهة أخرى فقد يكون قد نسي هؤلاء القوم من ترامبيين وأوبامائيين وبوشيين أو تناسوا بأن كل ما جرى ويجري على الساحات المختلفة من صراعات صلبة او ناعمة بين محور المقاومة ومحور الشيطان الأكبر ووكلائه المحليين، ليس سوى مناورات بالذخيرة الحية استعداداً ليوم المعركة الأساسية والمنازلة الكبرى التي تسبق يوم القيامة فوق أرض الجليل وما بعد بعد الجليل…!
بعدنا طيّبين قولوا الله.