«الصقر» في موسم التوافق… النائب الملك؟!
هتاف دهام
هي المرة الأولى منذ انتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، التي يذهب فيها تيار المستقبل إلى التصعيد ضدّ حزب الله.
لم يألُ الرئيس سعد الحريري منذ تشكيل الحكومة جهداً في تكرار “أنّ البلد اليوم أمام مرحلة جديدة، وأتمنى على الجميع أن يتعاونوا لمصلحة لبنان واللبنانيين وسنفتح صفحة جديدة كي نتمكن من خوض هذه المرحلة الجديدة والمليئة بالتحديات الكبرى أمام الحكومة والدولة اللبنانية، لا سيما في إعادة استنهاض الدولة، إن كان اقتصادياً أو مؤسسياً”.
تصريحات الشيخ سعد كلها، جاءت قبل زيارة وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان الأخيرة إلى لبنان.
لم تحطّ أقدام العميد الركن على أرض مطار الرياض، حتى أطلّ النائب عقاب صقر عبر تلفزيون “الجديد” ليشنّ هجوماً على حزب الله، وصل إلى حدّ تشبيه المقاومة بجبهة النصرة.
تطرح إطلالة “الصقر” أسئلة عدة.
هل بدأت زيارة السبهان تُعطي مفاعيلها؟ هل فتح محطة “الجديد” هواءها لصقر المستقبل، يأتي ثمرة بركات لقاء رئيس مجلس ادارتها تحسين خياط ونجله كريم، بالسبهان مطلع الأسبوع الماضي؟ يسأل سياسي خبيث؟
هل تأتي المقابلة التحاقاً بالسياسات السعودية مواكبة لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب؟
خرج النائب صقر بإطلالة عبر قناة تعيش حالة تحوّل سياسي، في الوقت الذي يُعقد فيه حوار ثنائي بين تيار المستقبل وحزب الله. وفي وقت الذي توقف فيه التراشق الإعلامي بين الطرفين، وانتهت لغة الصراع التي حكمت المرحلة الماضية بالشراكة في الحكومة والالتزام بقواعد التضامن.
الـ “عقاب” المصنّف النائب الملك الحامل كلمة سرّ الحريري، والمقيم في قصره تحت حجة الأمن والخوف. يُجري مقابلاته من البيت الوسطي. يمثّل كلمة سرّ وادي أبو جميل والرئاسة الثالثة.
استغلّ “الصقر” ما يعتقده البعض أنّ هذه القناة تمثل إعلاماً مقيماً في كنف المقاومة ورحمها ليطلق مقابلة نارية مدوّية تعبّر عن موقف تياره.
إنّ كلام النائب الزحلاوي خطوة ناشزة لا تنسجم مع طبيعة المرحلة، ولا مع الشعارات التي أطلقها الرئيس الحريري بأن تكون هناك حكومة تتكامل جهود مكوّناتها وتعزز الاستقرار وتواجه الملفات القائمة.
استعاد نائب “المستقبل” خطاب السنوات التي سبقت مغادرته لبنان، باسترجاعه أدبيات ومصطلحات ما قبل 7 أيار 2008.
يدرك المعنيون منذ اللحظة الأولى أنّ حزب الله وتيار المستقبل يختلفان في قضايا استراتيجية.
لكن ما الذي يبرّر الاتهام بالإرهاب واستخدام كلمات ذات طبيعة استفزازية وتشبيه حزب الله بـ”النصرة”؟
لا وظيفة سياسية لهذه المواقف سوى استرجاع مرحلة التأزيم باللجوء إلى سياسة الاستفزاز. سياسة من شأنها أن تستدعي ردود فعل من الفريق الآخر تسمّم الأجواء الإيجابية السائدة وتهزّ منصة العهد الجديد.
في ظلّ هذا المشهد، يمارس حزب الله سياسة ضبط النفس والانضباط الكامل بعدم تناول الحريري وتياره وعدم الانجرار بأيّ شكل من الأشكال إلى تصعيد يضرب الاستقرار السياسي ويتحوّل عنصر إعاقة لعمل الحكومة.
لم يأت أحد من شخصياته (وزراء، نواب، وقيادات) على سيرة “الزرق” تهجّماً لا من قريب ولا من بعيد. بل على العكس إذ شهدت جلسات الهيئة العامة مجاهرة نائبي الوفاء للمقاومة نواف الموسوي وعلي عمار بالإشادة بالحريري.
قال السبهان “إنّ زيارته لم تتناول قانون الانتخاب الجديد”، لكن ألا يعكّر كلام النائب المستقبلي المقيم في بيت الوسط مناخات التفاهم حول قانون انتخاب ويدفع باتجاه التمديد؟
يسعى الرئيس الحريري ضمناً وفق المعنيين إلى تأجيل الانتخابات، فهو يحتاج إلى مزيد من الوقت لإعادة لملمة صفوفه التي تعاني من تشرذم وانقسامات، وإلى مزيد من الوقت في السلطة لإعادة محاصرة خصومه داخل الساحة السنية.
يؤكد سياسي بارز لـ”البناء” أنّ الموقف “العقابي” قد يعقد فرص التوافق على قانون انتخابي إذا كانت هناك فرص لاستكشاف تفاهم انتخابي ممكن، تجري محاولات لترتيبه، لا سيما أنّ كلّ ذلك يتناغم مع ضغط دولي مشابه لما جرى عام 2005 بقوة الدفع إلى انتخابات نيابية بغضّ النظر عن طبيعة القانون.
ويشدّد السياسي نفسه على أنّ الانعطافة الزرقاوية ربما تحاول أن تنسجم مع التصعيد الأميركي الذي يمارسه ترامب ضدّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحزب الله والذي حاولت المملكة على المستوى الإقليمي أن تدخل على خطه مجدّداً، بعدما أطلقت سابقاً رسائل حوارية تجاه طهران عبر الكويت.
اليوم يُطلّ الرئيس الحريري عبر قناة الـ “أو تي في”، فهل يتبنّى ما جاهر به الصقر القابض على جزء من سياسته الإعلامية؟