لافروف يقطع الطريق: حزب الله «شريك» روسيا

روزانا رمّال

اعتبر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن منع إيران من المشاركة في الحرب ضد الإرهاب أمر «غير براغماتي»، داعياً إلى الاعتراف بأن حزب الله المدعوم من إيران أيضاً يحارب تنظيم «داعش الإرهابي.

بشكل لافت يطرح الروس ملف حزب الله بقوة على الطاولة..

تسمع الادارة الأميركية كلام لافروف فيما تعرف خبايا الشريك الروسي الذي يرغب بدعوتها للمشاركة بقتال الإرهاب في شمال سورية، وما تبقى من مناطق كدير الزور والرقة وغيرها.. ينتقل حزب الله تدريجياً من مرحلة العزل لمرحلة الاعتراف بدور استثنائي لمنظمة وليس «دولة». تقطع روسيا بوضوح الطريق أمام تركيا والسعودية التي رغبت بطرح مقايضة ايران وحزب الله مقابل بقاء الأسد. وهو طرح أميركي الصيغة .

مرحلة «الصراحة» الأميركية التي تحدّث عنها أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله والمجاهرة بما تضمره إدارة البيت الأبيض الجديدة برئاسة ترامب, تعطي هامشاً أوسع للإدارة الروسية بالكشف عمّا تعتبره مسلّمات من دون الحاجة للإعلان عن مقدمات او التفتيش عن مساحة تمكن مسايرة واشنطن فيها للتوصل لمخارج مثل مسألة «حزب الله» والتعامل الروسي المريح مع دوره في وقت تدرك واشنطن ومعها روسيا كيف كان مطروحاً وضع داعش وحزب الله في الخانة نفسها على أجندة قمة بن يمين نتنياهو والرئيس السابق باراك أوباما بالبيت الابيض في 9 تشرين الثاني 2015.

الهدف الأساسي كان عزل حزب الله عن محيطه وتكفيره. وهو الوقت الذي باشرت الدول العربية بقيادة السعودية شنّ حملتها الواسعة على الحزب ومؤيّديه وتعطيل مؤسساته والضغط لحجب منابره الإعلامية، أبرزها قناة المنار التابعة له. الأمر الذي انسحب على أغلب دول مجلس التعاون الخليجي مع طرد عائلات شيعية تحت العنوان نفسه من الخليج.

كلام روسيا المباشر «عالي» المستوى هذه المرّة، فهو لا يدعو الى إخراج حزب الله من لائحة الإرهاب بل إلى «الاعتراف» أنه يحارب الإرهاب بين داعش وباقي المجموعات، أي أن روسيا ترغب بالحديث عن «جميل» او فضل لحزب الله في هذا الإطار.

الكلام الروسي هو إعلان عريض عن شكل وماهية المرحلة المقبلة التي ستنتهجها العلاقة الروسية مع حزب الله وتوجّه لإعلان واسع عن شكل الحلف الذي سيستمر معها كأساس لمرحلة وجودها في سورية والمنطقة بعد تعزيز وجودها العسكري الذي لا يبدو أنه قصير الأمد. تكشف موسكو اليوم عن أهمية حزب الله في أي معادلة سياسية مقبلة بدلاً من القبول بأي نوع من المقايضات المفترضة التي كانت مطلباً «إسرائيلياً» مغلفاً لإبعاد الحزب بحدود انتشاره الجديدة في سورية عن حدود «إسرائيل» أو الاراضي المحتلة. وهذا يعني أمرين أساسيين:

أولاً: إدراك موسكو أن العلاقة مع حزب الله باتت «قيمة مضافة» لها في الشرق الأوسط وليس إحراجاً لها بعد اليوم في دعم تنظيم مسلح إذ كان يؤدي الغرض نفسه الذي يجلب لها الأمان والاستقرار في مداها الحيوي الذي تحفظ من خلاله الأمن القومي لروسيا، حتى ولو لم يكن دعمها لدولة.

ثانياً: ترسل موسكو رسالة مباشرة إلى تل أبيب أن وجودها في المنطقة كنوع من الضمانات لـ»إسرائيل» على إمكانية فك اشتباك بين «إسرائيل» وسورية او حزب الله لا يعني إعطاء «إسرائيل» الضوء الأخضر او الموافقة الروسية على استهداف الحزب أو التحرك باتجاه هذا الأمر في المحافل الدولية أيضاً، لأنها لن تلقى الصدى المأمول، خصوصاً بعد الدعوة الروسية للاعتراف بأن حزب الله شريك الدفاع والقتال ضد الإرهاب.

الدعوة الروسية الرسمية تؤثّر مباشرة على نظرة الرأي العام الدولي لمنظمة «حزب الله» بعد انقسامه بين موقف موالٍ لسياسة واشنطن إبّان فترة أوباما وموقف موالٍ لروسيا، خصوصاً أن المرحلة الحالية ستشهد نوعاً من العلاقات يفترض أن تكون أفضل من تلك في عهد الإدارة السابقة في البيت الأبيض بعد التشجيع الواضح من بوتين وارتياحه لوصول ترامب للرئاسة، حيث أعلن أن الطرفين يتطلّعان لاستكمال العلاقات الكاملة بين البلدين.

الموقف الأميركي الذي يحكم النظرة الأميركية إلى المنطقة بمنظار التعامل مع «إسرائيل» يجعل ملف الدعوة لمكافحة الإرهاب والتعاون الأميركي الروسي المنشود أكثر حساسية. فاليوم وفي ما تتحضّر الولايات المتحدة للبتّ في مسألة المشاركة في حلف مشترك لمكافحة الإرهاب في روسيا أصبحت واشنطن أمام واقع «محتوم» يتمثل بإمكانية أن يصبح حزب الله شريكاً لها في الحلف نفسه الذي يقاتل داعش في سورية.

واضح أن روسيا رغبت في وضع حد لكل التأويلات ومحاولات إيجاد شرخ بينها وبين حلفائها الإيرانيين والسوريين وحزب الله. وهو الأمر الذي كشفه حزب الله لـ»البناء» مؤكداً أنه ولى وانتهى وأن العلاقات باتت أعمق ضمن هذا الحلف، خصوصاً بعد معركة حلب. هذه المحاولات التي راودت الأتراك والسعوديين في مقايضة الحل السياسي بمصير حزب الله وإيران كانت محاولة لتقديم اعتماد للإدارة الجديدة يجعل مسألة «طرد» حزب الله وإيران من سورية أمراً متاحاً يدق اسفيناً داخل الحلف المتقدّم عسكرياً بحجة حزب الله المصنف إرهابياً. وهي المساحة التي يمكن ان تتحرك فيها الدول الداعمة بحرية لإدانته، فكانت روسيا بالمرصاد وحسمت المسألة إلى غير رجعة على ما يبدو.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى