كيف تكون أميركا جدية في محاربة الإرهاب فيما تركيا تدعمه وتعقد معه الصفقات؟

نور الدين الجمال

يعتبر مصدر دبلوماسي عربي أن الولايات المتحدة الأميركية غير جدية في مكافحة الإرهاب لأنّ هذه المحاربة لا تنحصر في العمل العسكري فحسب، بل يتحقق ذلك من خلال مشروع متكامل وفق ما تضمّنه قرار مجلس الأمن الدولي 2170، أي تجفيف منابع الإرهاب على مستوى التمويل والتسليح وتسلل المجموعات الإرهابية عبر الحدود أكان من تركيا أو الأردن. فتركيا حتى الآن زادت في دعمها تنظيم «داعش»، مستفيدة من الضياع الأميركي وهي تعمل في الوقت الضائع وتتعاون مع «داعش» بصورة علنية ومباشرة، وهي تشجع إقامة منطقة عازلة في المناطق الكردية. والهجوم الكبير الذي قام به «داعش» على القرى الكردية الشمالية من سورية شبيه إلى حد كبير بالهجوم الذي حصل على الموصل، وإزاء هذا الهجوم وما أسفر عنه حتى الآن من سيطرة «داعش» على العديد من القرى الكردية في تلك المنطقة، لم تتحرك أية دولة أو يتخذ أي موقف شبيه لما حصل عندما اقترب «داعش» من أربيل وهددتها، وهجوم «داعش» الأخير على القرى الكردية تم بدعم مباشر ميداني من الاستخبارات التركية، وعلى رغم هذه الحقائق والوقائع فلم تمارس الولايات المتحدة ضغوطاً على الحكومة التركية، وهذا دليل جديد وواضح على أنها لا تريد محاربة وهزيمة «داعش» وهي قادرة على ممارسة مثل هذا الضغط، وحتى في موضوع أربيل كما يقول المصدر، فإن الولايات المتحدة الأميركية تأخرت في عملية التدخل ومن دافع عن أربيل وبغداد هي إيران.

ويضيف المصدر: إزاء هذه المواقف الأميركية الملتبسة والضائعة فإن كلاً من روسيا وإيران تشكك في نيتا الإدارة الأميركية، كما أن سورية تتعاطى مع الموضوع بحذر، فإذا لم تتعاون الولايات المتحدة مع إيران، فهذا يعني عدم جدية أميركية في ضرب «داعش» والقضاء عليه، والإدارة الأميركية من جانبها ترفض التعاون مع روسيا وإيران وسورية لأنها تحاول العودة إلى المنطقة سياسياً وبقوة.

ويقول المصدر: في وقت يتحدثون عن الإرهاب وضرورة مكافحته فهم لا يتطرقون إلى جبهة «النصرة» الإرهابية والجماعات الإرهابية الأخرى، لأن هذه الجماعات تنسق مع «إسرائيل» وبالتواطؤ مع الأردن في محاولة لإنشاء منطقة عازلة شبيهة بما تقوم به تركيا في الشمال السوري بتواطؤ أميركي، ناهيك عن الهدف الأساسي الذي تسعى إليه الإدارة الأميركية والتي بشرت بأن الحرب على «داعش» قد تستغرق عشر سنوات، وهذا يعني الاستمرار في استنزاف قوى المقاومة في المنطقة وعلى وجه الخصوص في سورية والعراق ،وحتى قد يصل الأمر إلى بعض دول الخليج العربي ولو على مستوى الاستنزاف المالي، كما أن الهدف الأميركي من استمرار الحرب في سورية هو الطموح والرهان على إنجاز شيء ما مماثل لما حصل في العراق على صعيد وجود حكومة متوازنة نسبياً.

والتحالف الذي سعت إليه الإدارة الأميركية بحجة مكافحة «داعش» يرمي إلى إعادة تموضع سياسية في المنطقة، ولكي تبعث رسائل بأنها لم تنسحب من المنطقة وما زال لديها حضور فيها، وإلا ما معنى أن يصبح عدد الجنود الأميركيين في العراق حوالى ثلاثة آلاف جندي تحت تسمية «خبراء» وهذا يعني أن الأميركيين يحاولون العودة إلى المناطق التي هزموا فيها، وكل الكلام والتصريحات التي أدلى بها الرئيس أوباما هي للاستهلاك الداخلي فقط لأنه يتعرض لهجوم وانتقادات من القوى المحافظة.

ويشير المصدر: بعد ترحيل قيادات الإخوان المسلمين من قطر وثم استقبالهم في تركيا، أعلن تحالف استراتيجي بين تركيا وقطر، وهذه الأخيرة لم تتراجع حتى الآن عن دعمها للجماعات الإرهابية المسلّحة في ليبيا، إضافة إلى أن التسوية في اليمن لم تكتمل وحتى في العراق لم على رغم تشكيل حكومة جديدة، والأوضاع هناك ما زالت هشة، وفي البحرين السلطات هناك أغلقت باب التسوية والوضع في سورية إلى مزيد من التأزم وهناك توجيهات للإرهابيين بالتصعيد، ولكل هذه المعطيات فإن الأمور ما زالت متعثرة، والمشروع الأميركي ـ الصهيوني خطير في المنطقة وهو يصب في جوهره في إطار استنزاف دول المنطقة لتفتيتها وتقسيمها لمصلحة «إسرائيل» وأمنها.

ويختتم المصدر: إذا كانت الإدارة الأميركية جدية في مكافحة «داعش» والإرهاب بصورة عامة وتريد تطبيق القرار 2170، فالترجمة الحقيقية لهذه الجدية هي في التعاون مع الدولة الوطنية السورية، ومن هنا يأتي القرار الروسي والدعوة إلى تطبيق القرار الدولي بخصوص مكافحة الإرهاب على أن يشارك كل من سورية والعراق في أي تحالف على هذا الصعيد وضمن القواعد التي وضعها القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى