لبنان يدخل مرحلة الانفراج النسبي
هتاف دهام
توحي زحمة السير في وسط بيروت، وتحديداً في الشوارع المؤدية الى ساحة النجمة بالتزامن مع موعد الجلسة العامة لانتخاب الرئيس، أن تطوراً ما حصل في شأن الاستحقاق الرئاسي أو في شأن مفاوضات الساعات الأخيرة التي تسبق انعقاد الجلسة العامة لإقرار سلسلة الرتب والرواتب. تصل الى المجلس، فينتابك الشعور نفسه مع الحضور الكثيف للإعلاميين والمصوّرين. وعلى رغم يقين الجميع أن أملاً لن يخرج من المجلس، فرئيس مجلس النواب نبيه بري لم يحضر الى ساحة النجمة، ورئيس الحكومة تمام سلام موجود في نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة، ورئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة منشغل بحفل زفاف بهاء الحريري في أوروبا.
الا انّ البلبلة حصلت، وأضاف عليها رئيس مصلحة الإعلام في المجلس محمد بلوط بدعوته المصورين والمندوبين الصحافيين عند الساعة 12:20 الى دخول القاعة العامة، على عكس المرات السابقة التي كان ينادي بها على المصورين فقط لالتقاط صور نواب 14 آذار، التحرير والتنمية، وجبهة النضال الوطني من داخل القاعة، لتبدأ مع ذلك التأويلات والتكهّنات عما يجري، لتنتهي الجلسة الـ12 لانتخاب الرئيس كسابقاتها من الجلسات مع استثناء وحيد أن بيان إرجاء رئيس مجلس النواب نبيه بري الجلسة الى يوم الخميس في التاسع من تشرين الأول المقبل، تلاه الامين العام للمجلس عدنان ضاهر في قاعة الجلسة، لدى دخول النواب والصحافيين.
موعد جديد الشهر المقبل لجلسة جديدة. إلا أن مستجداً لن يطرأ على هذا الاستحقاق. فيما الوحيد المفترض أن ينعكس على لبنان هو اللقاء الايراني – السعودي. والسؤال هل الحوار الايراني – السعودي سيسيرعلى نحو عاجل؟ أم أنه سيكون محكوماً بمزاج طهران أو الرياض الذي يتحرك ببطء في الملفات الكبرى؟
ولما كان الانفراج الرئاسي ينتظر الانفراج الايراني السعودي فهل يحمل الوضع اللبناني الانتظار الطويل لحوار شائك في ظل ما يعاني منه؟
نقطة جديدة من الممكن أن تضغط على الوضع السعودي، تتمثل بالتطورات اليمنية التي وضعت المملكة في موقع لا تحسد عليه. فهي باتت اليوم مطوقة بثلاث ساحات مضطربة، العراق، البحرين، واليمن، ولديها علاقات مضطربة مع قطر، وربما تكون تلك الساحات الملتهبة عوامل ضغط على السعودية للتسريع في الحوار مع الجمهورية الاسلامية الايرانية والسعي للوصول الى نتائج في ساحات أخرى.
وعليه، فإن المسار الرئاسي اللبناني لا يفهم منه أنه مسار انفراج كامل بتأثير الانفتاح الايراني السعودي، انما مجرد حركة سياسية لتلافي الفراغ النيابي الذي يفتح على المجهول، الأمر الذي يستدعي التمديد. والتمديد يستدعي تشريع الضرورة. وتشريع الضرورة يستدعي إقرار سلسلة الرتب والرواتب. وإقرار السلسلة يستدعي نقطة على السطر. لأنّ الأمور ستقف عند هذا الحد وستستقرّ عند الانفراج النسبي الذي عنوانه التمديد، السلسلة، اليوروبوند، تغطية إنفاق الرواتب، والقروض.
وأمام ذلك، تتكثف اللقاءات بين المعنيّين لاخراج السلسلة من عنق الزجاجة الأسبوع المقبل، لتقديمها هدية لهيئة التنسيق النقابية قبل عيد الاضحى. رئيس المجلس يجتمع يوم الجمعة مع أعضاء هيئة مكتب المجلس للبحث في جدول أعمال الجلسة التشريعية المقبلة التي ستُعقد الاربعاء المقبل بحسب ما رجح النائب جورج عدوان لـ«البناء».
وستبحث الجلسة في سلسلة الرتب والرواتب، والقانون الذي يجيز للحكومة إصدار سندات «يوروبوند» المتعلّق بالسماح للبنان بالاستدانة بالعملة الأجنبية، والإجازة لها بالإنفاق الإضافي لعام 2014 وقوانين مرتبطة بالتصديق على قروض، وتأمين رواتب الموظّفين، إضافة الى تعديل المهل لقانون الانتخاب التي وضعت على جدول الاعمال، لحجب الأنظار عن صفقة التمديد في مقابل تشريع الاستثناء، بغض النظر عن كلام عدوان على ان المفاوضات هي لانقاذ مؤسسات الوطن، ولم تتطرق الى عبارة التمديد للمجلس، وأن كتلته ستصّوت ضدّ التمديد عندما سيطرح في المجلس.
وبانتظار ان يلتقي الرئيس فؤاد السنيورة بعد عودته من الخارج في اليومين المقبلين الرئيس بري، تتكثف اللقاءات بين وزير المال علي حسن خليل والنائب جورج عدوان الذي يلتقي بالرئيس بري والوزير خليل مرتين في اليوم. حيث عقد اجتماع بينهما امس في وزارة المال للبحث في «تشريع الضرورة». لا تسع الفرحة النائب القواتي. الصيغة «العدوانية» لسلسلة الرتب والرواتب ستقر مع تعديلات طفيفة، حيث سيتم فرض 1 في المئة على ضريبة القيمة المضافة TVA، في مقابل إعطاء الاساتذة والموظفين 6 درجات، وتقسيط السلسلة على سنتين.
لم يكن هذا التشريع ليتم من دون التمديد للمجلس النيابي الذي أطلق له العنان تيار المستقبل، فرئيس المجلس أكد أنه يرفض التمديد لمجلس لا يعمل ولا يشرع، بالتالي فإن التشريع بات لزاماً عند قوى 14 آذار للتمديد الذي لن يوضع على جدول أعمال جلسة الاربعاء المقبل، انما في جلسة سيحددها الرئيس بري في وقت لاحق.