لوبان: حماية مسيحيّي الشرق ببقائهم في أرضهم
اعتبرت رئيسة حزب الجبهة الوطنية اليميني المرشّحة للانتخابات الرئاسية الفرنسية مارين لوبان أن انتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يشكّل بداية مرحلة استقرار وازدهار وتجدّد للبنان، متمنيّة أن تشهد العلاقات اللبنانية – الفرنسية ريعان شبابٍ ثانٍ من خلال الفرنكوفونية. وشدَدت على أهمية التعاون بين البلدين لمكافحة التطرف الإسلامي، وأعلنت أنه لا يمكن لأزمة النازحين أن تستمر إلى ما شاء الله بالنظر إلى عواقبها الجسيمة التي تطاول الاقتصاد ونظام الصحة ومختلف أوجه العناية بهذا العدد الهائل منهم .
وجالت لوبان التي وصلت إلى بيروت أول أمس، يرافقها النائب الفرنسي جيلبير كولار وعدد من معاونيها أبرزهم مدير مكتبها نيكولا لو ساج، على كبار المسؤولين، والتقت في قصر بعبدا، بحضور النائب سيمون ابي رميا الرئيس ميشال عون الذي شدّد على عمق العلاقات اللبنانية – الفرنسية، متمنياً أن تشهد الأيام الآتية المزيد من التجذّر بالنظر إلى القيم المشتركة التي تجمع بين الشعبين اللبناني والفرنسي.
بعد الاجتماع، تحدّثت لوبان إلى الصحافيين، فقالت: تباحث والرئيس عون في الامور المشتركة التي تشغل بالنا نتيجة أزمة اللاجئين ذات الوطأة الشديدة بالنسبة إلى لبنان، وهي تحمّله أعباء كبرى يتمكّن بشجاعته وكرمه من أن يتخطّاها. لكن من البديهي أن هذه الأزمة لا يمكن أن تستمر إلى ما شاء الله بالنظر إلى عواقبها الجسيمة التي تطاول الاقتصاد ونظام الصحة ومختلف أوجه العناية بهذا العدد الهائل من النازحين.»
أضافت: «لقد ناقشت مع الرئيس أيضاً مسألة نمو التطرف الإسلامي التي تثير قلقاً أساسياً، وسبل مواجهته، التي تحتاج إلى ضرورة التعاون بين مختلف الدول الواعية لهذا الخطر. وأن لبنان وفرنسا، نظراً إلى تاريخهما المشترك، يجب أن يشكلا الحجر الأساس في تنظيم النضال ضد هذا التطرف.»
ولفتت إلى أنّها عرضت لرئيس الجمهورية المعنى العميق للنضال السياسي الذي تقوم به من أجل الحرية والسيادة، وهو «نضال يتلاقى صداه مع نضال لبنان التاريخي من أجل أن يحافظ بنفسه على حريته وسيادته وهويته وجذوره وخصوصيته. وآملة أن تتسنى لي الفرصة في أن استقبله شخصياً في زيارة رسمية بعد انتخابي في شهر أيار المقبل».
ثم زارت لوبان والوفد المرافق في السراي رئيس الحكومة سعد الحريري بحضور مدير مكتبه نادر الحريري.
وأكد رئيس الحكومة خلال الاجتماع أن المسلمين هم أول ضحايا الإرهاب المتستّر بلباس الدين، بينما هو في الواقع لا دين له، وأن المسلمين المعتدلين الذي يشكّلون الغالبية الساحقة من المسلمين في العالم، هم أول هدف للإرهاب المتطرّف باسم الدين، لأنهم في الواقع أول المواجهين له وبالتالي، فإن الخطأ الأكبر في مقاربة هذا الموضوع هو الخلط الطائش الذي نشهده في بعض وسائل الإعلام والخطابات بين الإسلام والمسلمين من جهة وبين الإرهاب من جهة ثانية.
وأضاف الحريري أن اللبنانيّين والعرب كما بقية شعوب العالم ينظرون إلى فرنسا على أنها البلد المنبع لحقوق الإنسان وفكرة الدولة التي تساوي بين جميع أبنائها من دون أي تمييز عرقي أو ديني أو طبقي.
وختم: لبنان الذي لا يتجاوز عدد سكانه الأربعة ملايين نسمة بات يستقبل على أراضيه قرابة مليوني نازح سوري وفلسطيني، وهو الأمر الذي يعرّض اقتصاده وبناه التحتية لضغط غير مسبوق، وهو الأمر الذي تعمل الحكومة اللبنانيّة على وضع خطة متكاملة لمواجهة أعبائه، لمطالبة المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته كاملة في هذا المجال.
بعد اللقاء تحدّثت لوبان إلى الصحافيين، فقالت: تباحثت مع الرئيس الحريري في الأزمة السورية، وعبّر كل منا عن موقفه تجاهها، وتبادلنا وجهات النظر حول نقاط عدّة، وكانت لنا تحليلات مشتركة لا سيّما حول الضرورة القصوى لوضع كل الدول التي تسعى لمحاربة التطرّف الإسلامي حول طاولة واحدة، وتحديداً تنظيم «داعش» الذي يتوسّع بشكل كبير في دول عدة، بما فيها فرنسا، ويقوم بتجنيد أشخاص عديدين في دول كثيرة أيضاً لا سيما في المدن الفرنسية، وهذا التطرّف الإسلامي لا يزال يحوز على الأهمية والدعم في فرنسا.
كذلك زارت لوبان قصر بسترس، حيث استقبلها وزير الخارجيّة والمغتربين جبران باسيل وقالت بعد اللقاء: «إن أفضل طريقة لحماية المسيحيين في الشرق الأوسط هي القضاء على التطرف الإسلامي، وهو أمر أخذته على عاتقي في فرنسا، لأن هذا الخطر قاتل، وكنّا ضحاياه جراء الهجمات القاتلة التي وقعت في فرنسا، وهي هجمات مستمرة على الأراضي الفرنسية. بالتأكيد هي أقلّ جسامة لكن عدداً لا بأس به من الهجمات يقع أسبوعياً في الوقت الحالي عبر الاعتداء على عناصر من الشرطة ومدنيّين، وهم يهتفون «الله أكبر».
أضافت: «إن وسيلة حماية الأقليّات المسيحية هي القضاء على أولئك الذين يهدفون إلى تدمير الأقليّات كلها، هذا واضح بالنسبة لي. وذكرت أن ما يهمّني في موضوع حماية المسيحيين هو العمل على تمكينهم من البقاء في أرضهم، وليس كما اقترح الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي منذ سنوات بإقناعهم بترك بلادهم وتحويلهم لاجئين في بلادنا. وأعتقد أن هذه الرؤية خطيرة لمسيحيي الشرق الأوسط. وهذا ليس هدفي، وإنما ما أريده هو جعلهم يواصلون العيش بأمان وطمأنينة في بلدانهم».
وزارت لوبان والوفد المرافق المجلس النيابي واجتمعت إلى نواب يمثّلون الكتل الآتية: ألان عون التغيير والإصلاح ، ميشال موسى التحرير والتنمية ، عاطف مجدلاني تيار المستقبل وفؤاد السعد اللقاء الديموقراطي وعرضت معهم شؤوناً سياسية وبرلمانية.
وكانت المرشحة الفرنسية زارت جبيل، وحطّت في بلدية المدينة، حيث كان في استقبالها رئيس المجلس البلدي زياد الحواط ونائبه أيوب برق وعدد من الأعضاء، بحضور ممثل وزير الداخلية مستشاره خليل جبارة.
وفي ختام الزيارة، أقام رئيس حزب السلام اللبناني روجيه إده مأدبة عشاء على شرف لوبان والوفد المرافق شارك فيها الحوّاط وعدد من المدعوّين.