«استقالة فلين تستهدف العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا»
حميدي العبدالله
استقالة الجنرال مايكل فلين مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب لشؤون الأمن القومي، بعد مرور أقلّ من شهر على تسلّمه صلاحياته في البيت الأبيض، هو مؤشر كبير على الصراع الدائر داخل النخبة الحاكمة الأميركية، وداخل إدارة ترامب حول الخيارات الكبرى للسياسة الأميركية، ولا سيما في مواجهة روسيا بعد تصميمها على استعادة دورها التاريخي في السياسة الدولية، حيث كانت روسيا القيصرية وروسيا السوفياتية لاعباً أساسياً ولا سيما في منطقة الأوراسيا.
من المعروف أنّ رمزين من بين رموز إدارة ترامب كانا يتطلعان إلى إقامة علاقات طيبة مع روسيا، الأول مستشار الأمن القومي المستقيل والثاني وزير الخارجية الحالي. ولأنّ السياسة الخارجية لا يرسمها وزير الخارجية بمفرده، بل هي حصيلة قرارات الرئيس الأميركي، ومستشار الأمن القومي يلعب دوراً كبيراً في صياغة هذه القرارات، وحصيلة بيروقراطية موظفي الخارجية، لهذا فإنّ النخبة الحاكمة التقليدية ركزت جهدها على إبعاد فلين عن منصب مستشار الأمن القومي لإحكام الحصار حول وزير الخارجية، وبالتالي تعطيل أيّ توجه جديد للولايات المتحدة إزاء روسيا.
وواضح أنّ أسباب الاستقالة كانت مرتبطة مباشرة بالعلاقة مع روسيا، وهي مؤشر على غلبة التيار المعادي لروسيا حتى داخل إدارة ترامب الذي لا يعرف مدى تمسكه بالشعارات التي رفعها لجهة التعاون مع روسيا في مواجهة كثير من القضايا الدولية وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب والإقرار بدور روسيا كشريك ندي وفاعل في إدارة القضايا الدولية.
استقالة فلين «تستهدف العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا» هذا ما علق به على الاستقالة عضو مجلس الدوما ورئيس لجنة العلاقات الدولية السابق، ألكسي بوشوكوف.
هذا التطور يشير إلى أنّ احتمال تعاون روسي – أميركي تريده موسكو وتلحّ عليه أمر مستبعد للغاية، لأنّ موسكو تريد استرجاع ما خسرته روسيا وهو مكسب للولايات المتحدة ولن يكون سهلاً التخلي عنه، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ تحوّل روسيا إلى النظام الرأسمالي لا يعني تحوّلها إلى شريك للولايات المتحدة والغرب، طالما أنّ مصالح الولايات المتحدة تقدّمت في مناطق عديدة من العالم على حساب روسيا. الحربان العالميتان، الأولى والثانية، كانتا بين الدول الرأسمالية، وعكستا صراعاً على النفوذ والمصالح، ولا يمكن استثناء العلاقات الروسية الأميركية من هذا القانون.