جعجع على خطّ المصالحة بين الحريري وريفي
محمد حميّة
لم تنجح محاولات وسطاء عدّة لإعادة المياه إلى مجاريها بين الرئيس سعد الحريري ووزير العدل السابق أشرف ريفي، بما فيها السعودية التي تشكّل المظلّة السياسية والماليّة للرجلين، ما يؤشّر إلى عمق الهوّة بين رئيس التيّار الأزرق و«الابن الضالّ» كما يسمّيه المستقبليّون، ولا سيّما بعد استقالة ريفي من الحكومة السابقة من دون التنسيق مع المستقبل وصولاً إلى رفضه ترشيح الوزير سليمان فرنجيّة والعماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، ليتفاعل الخلاف بينهما إلى اتهامات سياسيّة وشخصيّة مباشرة.
وعلى رغم الهدوء النسبيّ، الإعلاميّ على الأقل، بين ريفي والحريري بعد التسوية الرئاسيّة وتولّي الحريري رئاسة الحكومة، غير أنّ جمر الخلافات لا يزال تحت الرماد، إلّا أنّ إعادة ريفي الذي شقّ عصا الطاعة إلى الحظيرة المستقبليّة أمر مطلوب قبل الانتخابات النيابيّة المقبلة من المنظار السعودي، كي لا يكرّر ريفي صفعة الانتخابات البلديّة للحريري في النيابيّة، ما يؤدّي إلى إضعاف موقع رئاسة الحكومة.
وفي هذا السِّياق، محاولة سعوديّة جديدة لرأب الصَّدع بين حليفَي المملكة حملها وزير شؤون الخليج السعودي ثامر السبهان خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان، وفق ما أكّدت مصادر مطّلعة لـ«البناء»، والتي كشفت أنّ «رئيس حزب القوات سمير جعجع دخل على خطّ المصالحة بين الحريري وريفي بناءً على تكليف من السّبهان، لكن ريفي لم يُبدِ معارضة وفي الوقت نفسه لم يعطِ موافقته»، وتضيف المصادر أنّ جعجع نصح الحريري بإنهاء الخصومة مع ريفي، لكن مدير مكتب الحريري نادر الحريري استشاط غضباً ورفض أن يسدي جعجع نصائحَ للحريري.
وكشفت المصادر نفسها أيضاً، أنّ «العلاقة بين السّبهان والحريري غير جيّدة، ويعود السبب إلى جولة الوزير السعودي على قوى سنّية في الضفّة المعارضة للحريري، كما أظهر السّبهان لقاءه مع الرئيس نجيب ميقاتي أكثر أهميّةً من لقائه مع الحريري، ما دفع الأخير إلى التعبير عن استيائه من السّبهان في أحد مجالسه الخاصة.
وأشارت المصادر إلى أنّ «اتصال وليّ وليّ العهد محمد بن سلمان بالحريري ما هو إلّا محاولة لتهدئة خاطره بعد سلوك السّبهان حياله، كما لفتت إلى أنّ «الموفد السعودي غير راضٍ عن الحريري، وتردّ المصادر السبب إلى علاقة ما تربط بين السّبهان ووليّ العهد وزير الداخلية محمد بن نايف الذي لم تصلح العلاقة بينه وبين الحريري حتى الآن، فضلاً عن أنّ السّبهان يحضّر لمؤتمر يجمع الشخصيات والقوى السنّية تحت شعار توحيد وترتيب البيت السنّي ومعالجة الانقسام داخله، بينما يقلّل الحريري من أهميّة هذه الخطوة ويريد في حال حصولها أن يكون هو الراعي للمؤتمر وليس كأحد أطرافه، وأن يأخذ اعتراف القوى الأخرى بأنّه المرجعيّة الأساسيّة لأهل السنّة في لبنان».
وتتحدّث المصادر عن أجنحة متعدّدة في المملكة تتصارع على الحكم، لكنّها تُجمع على النظر بإيجابيّة إلى الرئيس تمام سلام وتحضّر لمنحه أدواراً في المستقبل، ليس بالضرورة في رئاسة الحكومة، وفي المقابل هناك رضىً ورهاناً سعوديّاً بالغ الأهميّة على الرئيس نجيب ميقاتي.
وتكشف المعلومات، أنّ «الرئيس فؤاد السنيورة يبدي حزنه وأسفه على ما ألمّ بفريقه السياسية والواقع المزري الذي تعاني منه 14 آذار، وتحدّث خلال لقائه مع السبهان عن الوضع في المنطقة وتقلّص النفوذ الأميركي وحتى السعودي في العراق، وفشل إسقاط الرئيس بشار الأسد في سورية وتنامي قوّة حزب الله في لبنان والمنطقة وتمدّد النفوذ الإيراني في ساحات الإقليم».
وفي المقابل، لم تنفِ مصادر مستقبليّة لـ«البناء» مساعي جعجع للمصالحة بين الحريري وريفي، مشيرةً إلى أنّ «رئيس القوات حافظ على علاقة جيدة مع ريفي في ذروة التصعيد بين ريفي والحريري، لكنّ نجاح مساعي جعجع يخضع لحسابات متعدّدة».
وتشير المصادر إلى أنّ «توحيد السنّة وارد، لكنّه مرتبط بالشعار الذي ستتوحّد حوله هذه القوى، فهناك أطراف معروفة بمواقفها البعيدة عن السياسة السعوديّة في لبنان والمنطقة، وهناك أطراف تتلاقى مع المملكة وترى بأنّ ذلك سيؤدّي إلى نهاية فريق 8 آذار، لأنّ السعودية ضدّ حزب الله وإيران والنظام في سورية». ولفتت إلى أنّ «السعودية تطمح، ومنذ وقت طويل، بأن توحّد البيت السنّي في لبنان تحت لوائها، لكنّ القيادات السنّية أصبحت كالمارونية السياسية، فكلّ طرف يطمح إلى الوصول إلى رئاسة الحكومة».
ونفت المصادر علمها بتردّي العلاقة بين السّبهان والحريري، مشيرةً إلى اتصال بن سلمان بالحريري منذ أيام، لكنّها أشارت إلى أنّه ربما يوجد طرف ما في السعودية غير راضٍ عن الحريري، لكن هل يؤدّي ذلك إلى تخلّي المملكة عن الحريري؟ لا يبدو ذلك، فالحريري حتى الآن هو الحليف الأساسي للسعودية في لبنان.