هل تحرج تصريحات موشي يعالون المعارضة السورية؟
جمال محسن العفلق
في أول اعتراف رسمي للكيان الصهيوني وعلى لسان وزير الدفاع السابق موشي يعالون، والذي اعترف فيه بوجود تنسيق بين الكيان الغاصب وقطعان الإرهابيين في سورية… وإنْ كنا لسنا بحاجة إلى مثل هذا الاعتراف ولا نحتاج لمثل هذا التصريح منذ بداية الحرب على سورية نعلم أنّ الكيان الصهيوني موجود بل هو أحد المخططين لهذه الحرب وغرفة موك تمّ تأسيسها كغرفة عمليات شارك الكيان الصهيوني بكلّ اجتماعاتها كما غرفة عمليات أنقرة.
فالكيان الصهيوني وبالتنسيق التامّ مع دول عربية وغربية كان يتحرك في كلّ المساحات الإقليمية والدولية للدفع بإشعال الحرب على سورية. ولمن يدّعي انه لا يعرف فالكيان الصهيوني الذي تأسّس على القتل والإرهاب هو الكيان الذي يحتلّ أراضي عربية ومنها الجولان السوري المحتلّ، والكيان الصهيوني هو الكيان الذي يماطل بعملية السلام التي بدأت منذ اتفاق كامب ديفيد والى اليوم، والكيان الصهيوني هو نفسه الكيان الذي يطالب بالاعتراف بالدولة اليهودية وعلى حساب شعبنا الفلسطيني، وكلمة الشعب الفلسطيني بالتعريف تعني الشعب صاحب الأرض التي اغتصبتها العصابات الصهيونية وتعني كلّ فلسطيني ولا تحدّد الدين أو المذهب، ولهذا فالكيان الصهيوني عند مصالحه يقتل الجميع، ولكن في سورية يدعم الجماعات الإرهابية والطائفية وخصوصاً جماعة الإخوان المسلمين المميّزة عنده لأنها لا تؤمن بالأوطان إنما بالمذهب فقط وهي الجماعة التي استطاعت أن تستغلّ الدين والتستر فيه منذ قيامها ولا تقلّ خطراً عن الكيان الصهيوني.
وتصريحات موشي يعالون ليست بالسرّ الكبير ولا بالاعتراف المهمّ إنما هي عملية إعلانية الهدف منها تثبيت حالة وكشف أوراق بشكل رسمي لتذكير ما يسمّى معارضة سورية بالاتفاقات السرية التي تمّت بينها وبين الكيان الصهيوني، تلك الاتفاقيات التي اتفقنا جميعاً عليها بأنّ المعارضة السورية أعطت الكيان الصهيوني ما لا تملك وما لا يحق لها أن تتحدث عنه، ففي بداية تشكل جبهة النصرة أعلن في حينها الجولاني أنّ سكان الجولان ليسوا مسلمين ولا يجب الجهاد من أجلهم، ومن ثم تكرّرت التنازلات للكيان الصهيوني، وهو أمر بديهي بل كان سيكون مستغرباً جداً أن لا تتنازل المعارضة السورية المشكّلة في الخارج للكيان الصهيوني لأنّ المنطق يقول إنّ من يخون وطنه مرة يخونه كلّ مرة، وهذا ما تفعله اليوم المعارضة التي ما زالت تساوم وتلتفّ على أيّ اتفاق، وما زالت تنتظر لحظة مناسبة لخرق الهدنة التي اقتربت من الانهيار، لأنّ المعارضة السورية بدون الجماعات الإرهابية لا تساوي شيئاً، ولهذا نجد أنّ نفس المسلحين في الجنوب تحوّلوا الى «داعش»، وغداً يعودون إلى «نصرة» وبعد غد إلى «جيش حر»، ولكنهم في النهاية جيب صهيوني يعمل لصالح الكيان الغاصب، ومنذ بداية الحرب على سورية كانت تلك الجماعات تقوم باستهداف نقاط بعينها وشخصيات وضباط تعتبر «إسرائيل» وجودهم خطراً عليها.
لا أريد الدخول بأسماء محدّدة، ولكن يبقى السؤال: ماذا تقول المعارضة السورية وحسب التعبيرات الجديدة منصة القاهرة ومنصة الرياض وأخرى في قطر ومنصة أنقرة… من هذا الاعتراف الصهيوني؟ وهل هذا من ضمن استراتيجية التغيير الذي دائماً تتحدث عنه المعارضة السورية؟
ولكي لا يفكر أحد من المعارضين وخصوصاً المقيمين في فنادق الاستخبارات الإسرائيلية والغربية أن ينكر مثل هذه التصريحات عليه أن يعلم أنّ المستشفيات الصهيونية ما زالت تستقبل جرحى قطعان الإرهاب، كما انّ المموّلين لهذه المعارضة أصبحوا اليوم على أبواب إعلان تحالفهم مع الكيان الصهيوني، وهو التحالف المستمرّ منذ عقود وليس بالجديد، فواقع الصراع العربي ـ «الإسرائيلي» يثبت أنّ للصهيونية علاقات طويلة ومتينة مع أكثر الكيانات العربية التي كانت تدعي أنها ضدّ «إسرائيل».
وبعيداً عن العلاقات العربية «الإسرائيلية» وما سوف ينتج عنها بعد ان تخرج الى العلن، وهذا ليس بالبعيد، ويبقى شأن خاص بكلّ دولة وكيف تقدر ضرورة علاقاتها الخارجية أو مع من تتعامل يبقى السؤال هل الشعب السوري يقبل بمعارضة تتعاون مع كيان مثل الكيان الصهيوني؟
الإجابة هنا يقولها الشعب السوري الذي يعلم تماماً أنّ كلّ قطرة دم في سورية كانت خلفها رصاصة من «إسرائيل»، وانّ البنادق التي قتلت الشعب السوري وشرّدت وسرقت هي بنادق صهيونية وولاؤها للصهيونية وليس لأحد آخر، ومنهم من يعلم ذلك ومنهم من يخدم الصهيونية دون معرفة آو إدراك، فالكيان الصهيوني المشارك بالعدوان على الشعب السوري استطاع استثمار العملاء أفضل استثمار، وتبعه بذلك العرب الذين موّلوا هذه الحرب وكلّ هذا بحجة الربيع العربي الذي وبعد مرور ست سنوات عليه لم يحصد منه العرب إلا الدمار والخسائر المتتالية اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً.
لن ننتظر بياناً من المعارضة يكذّب التصريحات الصهيونية، ولن ننتظر ان تنزل على المعارضة لحظة ضمير يعترفون فيها بمدى الخطأ الذي ارتكبوه بحق وطنهم وأنفسهم، ولكن نحن من سيصدر البيان والذي يحتوي على كلمة واحدة: نحن مقاومة وسنبقى مقاومة، وعلى الكيان الصهيوني ان يعلم أنه راهن على حصان خاسر، وانّ المعارضة السورية المصنوعة في الفنادق ومكاتب الاستخبارات ليس لها على الأرض شيء، وإذا كانوا يعتقدون أنّ حرب المائة عام والمدرجة ضمن مشروع تقسيم المنطقة سوف تنهكنا أو تجعلنا نستسلم فهم واهمون، لأنّ القضية هي قضية وجود، وليس بالأمر البسيط أن تستسلم شعوب هذه المنطقة لرغبات الخونة، ولا يملك أحد حق تقرير مصير هذه الشعوب، فالبرغم من عمليات الإبادة الجماعية والتي اتبعتها الجماعات الإرهابية فهي لم تستطع انتزاع الاعتراف بوجودها شعبياً، ولا يعني وجودها في مؤتمر أستانة أو جنيف أنها اكتسبت شرعية وطنية وتعلم الجماعات الإرهابية أنّ وجودها هذا ليس إلا نتيجة تسويات ليس بالضرورة ان تستمرّ أو تصمد إذا ما فكرت بالاستدارة وهو ما ستفعله قريباً من بوابات الخلافات الشخصية والتصارع على المكاسب المادية…