هل يفجّر الخداع «جنيف 4» ويفرض الروس الخطة الاحتياطيّة؟
معن حمية
اليوم، جولة رابعة في جنيف حول سورية، وبطبيعة الحال، المأمول من أيّ لقاء أو حوار، هو التوصّل إلى اتفاق يعرف الجميع أنه لا يوقف الحرب على سورية، بل ينزع عن «داعش» و«النصرة» ومتفرّعاتهما، الغطاء الذي توفّره المجموعات المسمّاة معارضات سورية.
ولأنّ هذه المسمّاة معارضات، لا تمتلك زمام قرارها، بحكم أنها تتوزّع على «منصّات» عدّة، لكلّ منها أهداف وغايات وحسابات، لذلك قد لا نشهد في «جنيف 4» تبدّلاً جذرياً في المواقف، فتركيا والسعودية وقطر مع الولايات المتحدة الأميركية، تستخدم هذه المعارضات ذريعة لتغطية الحرب على سورية، وبالتالي لتشكيل غطاء دائم لجرائم «داعش» و«النصرة» الإرهابيين.
هذه الحقيقة، ليست خافية على الدولة السورية، وتدرك الدول التي تقف إلى جانب دمشق خصوصاً روسيا وإيران ، أنّ الجهود التي تُبذل لوضع أسس لإنهاء الحرب، قد لا تُحقّق أغراضها، طالما أنّ هناك يداً في جنيف للولايات المتحدة الأميركيّة وحلفائها.
حلفاء دمشق، يعتقدون ضمناً أنّ اليد الأميركية في جنيف، ستحول دون التوصّل إلى نتائج ملموسة، ويبدو أنّ لدى روسيا خطة احتياطية تواجه بها محاولات التخريب والخداع في جنيف. وقد تُضطّر موسكو إلى تقديم كلّ ما لديها من أدلة قاطعة وجازمة تثبّت مسؤولية رعاة الإرهاب عن تقويض الجهود الرامية إلى إنهاء الحرب، على غرار الأدلّة الثابتة التي ستقدّمها الى الأمم المتحدة حول عمليات القتل والتعذيب التي تمارسها المجموعات الإرهابية ضد السوريين.
وما هو لافت بهذا الخصوص، تأكيد الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا عشية «جنيف 4» أنّ «أيّ محاولات للخداع في مجال ما، بهدف تحقيق مصالح مَن لا يروق لهم السلام في سورية ووحدتها، ستؤثر سلباً على العملية السياسية في ما يخصّ استقرارها ونتائجها». وإشارتها إلى أنّ «التجربة الإيجابية التي حققتها المفاوضات السورية في أستانة ستساهم في المستقبل في دعم العملية السياسية».
هذا الموقف الروسي يعزّز الاعتقاد بأنّ جهود إنهاء الحرب في سورية ليست مرهونة حصراً بمسار جنيف، فهناك مسار أستانة المضبوط بإحكام من قبل روسيا وإيران، والذي تشارك فيه تركيا بأداء ضعيف ودور هشّ.
وعليه، حين تقرّر الدولة السورية عدم إكمال مسار جنيف نتيجة الخداع واليد المخرّبة لرعاة الإرهاب، فإنّ هناك مساراً تفاوضياً آخر حضّره الروس والإيرانيون. ويرى العديد من المراقبين أنّ أستانة هو الاحتياط التفاوضي الذي قد يصل إلى نتائج إيجابية، خلافاً للإرادة التركية. وبالمناسبة فإنّ تركيا في حالة من عدم الوزن والاتزان، إذ إنها تطلب من حلفائها الأميركيين التخلي عن وحدات الحماية، وتغطية «المنطقة الآمنة»، وفي المقابل تحرص على عدم القطيعة مع روسيا وتطلب منها منظومة أس أس 400!
واضح أنّ الغيوم السوداء الكثيرة لا تشي بانفراجات، فأولوية الدول الراعية للإرهاب أميركا و«إسرائيل» وتركيا والسعودية وقطر وغيرها ، هي الاستثمار في الإرهاب حتى النهاية. وهؤلاء الرعاة يصنّفون «النصرة» إرهاباً، لكنهم يُخرجون من رحم شرّها «هيئة أحرار الشام» لتكون أكثر إجراماً وإرهاباً.
لذا، هل يكون الخداع في «جنيف 4» مقدّمة لتفجير هذا المسار، وينجح الروس في فرض الخطّة الاحتياطية؟
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي