حلف بوتين لمكافحة «داعش»
حميدي العبدالله
إثر ترؤس الرئيس فلاديمير بوتين لاجتماع مجلس الأمن القومي الروسي، أعلن الناطق باسم الكرملين أنّ المجلس ناقش اقتراحاً تقدم به الرئيس الروسي لتشكيل حلف لمحاربة تنظيم «داعش».
ومن السهل التعرّف على الدول المرشحة للدخول في هذا الحلف فور قرار روسيا وضع هذا الاقتراح موضع التنفيذ. فكلّ من روسيا والصين وإيران وسورية والعراق واليمن بعد التغيّرات الأخيرة سوف تشكل نواة هذا الحلف لأنها مستهدفة مباشرة بالإرهاب، فالتفجيرات في الصين بإقليم تشينغ يانغ، والتهديدات الصريحة للشيشان وغيرهم بنقل حربهم الإرهابية إلى روسيا، واستهداف إيران بين فترة وأخرى بأعمال إرهابية، تدفع هذه الدول إضافة إلى سورية والعراق إلى تكوين حلف دولي وإقليمي لمحاربة «داعش»، مرشح لأن يضمّ جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق في آسيا الوسطى ذات الأغلبية الإسلامية، إضافة إلى عدد من دول أميركا اللاتينية.
وحلف بوتين المقترح يتفوّق على الحلف الذي تسعى واشنطن لتشكيله لمحاربة «داعش» بمزايا سياسية وعسكرية، فهذا الحلف:
أكثر تماسكاً من الحلف الذي تسعى لإقامته واشنطن لأنّ دوله إما أنها منخرطة بقوة في الحرب على «داعش»، كما هو حال سورية والعراق، أو أنها مهدّدة بعمليات قد تنفذها التنظيمات الإرهابية في كلّ ساعة وفي كلّ يوم، وتتوفر لها بيئة حاضنة في بعض المناطق داخل روسيا وجنوب الصين، وفي الجمهوريات الآسيوية التي كانت جزءاً من الاتحاد السوفياتي، وتمتلك دول هذا الحلف المصالح والدوافع لتكون حربها أكثر جدية من الحرب التي يخوضها الحلف الذي تسعى إلى تشكيله الولايات المتحدة.
ليس في الحلف الذي يسعى بوتين إلى تشكيله أي دولة متواطئة مع «داعش» وبقية التنظيمات الإرهابية، كما هو حال الدول التي تشكل نواة حلف واشنطن، حيث أنّ ثلاث من بين هذه الدول متهمة بدعم «داعش» وبقية التنظيمات الإرهابية والمقصود بالدول الثلاث، السعودية وقطر وتركيا، فضلاً عن أنّ دولاً أخرى مثل مصر والأردن لا تريد الانخراط بحماسة في الحلف المزمع تشكيله من قبل الولايات المتحدة لأسباب ودوافع مختلفة.
لدى الحلف الذي يقترحه بوتين قدرات عسكرية قادرة على قهر «داعش» والجماعات الإرهابية على عكس الحلف الذي تسعى إلى تشكيله الولايات المتحدة، فالجيش السوري يمتلك القدرات الجوية والبرية، ويمتلك أنواعاً من الأسلحة وعديداً من المقاتلين يجعله الأكثر فعالية في مواجهة الإرهاب، وأيضاً الجيش العراقي وقوى الحشد الشعبي تمتلك القوة البرية القادرة على الاستفادة من العمليات الجوية سواء التي يقوم بها الطيران العراقي أو الطيران الغربي، في حين أنّ التحالف المزمع تشكيله من قبل الولايات المتحدة لا يحوز إلا على سلاح الجو في حربه ضدّ داعش، ومعروف أنّ الضربات الجوية لم تقهر هذا التنظيم لا في اليمن، ولا في الصومال ولا في أيّ مكان آخر، وحتى قوات «الناتو» لأنها قوات أجنبية لم تنجح لا في العراق ولا في أفغانستان بقهر التنظيمات التكفيرية الإرهابية.