ماجد لـ«البناء»: نسعى إلى إقامة حوار بنّاء بين مختلف وسائل الإعلام عبر جمعها في أهداف مشتركة
حاورته لمى نوّام
لا شك أنّ هويتنا ورؤيتنا للواقع مشروطة بمرجعياتنا الثقافية التي تؤثر على نظرتنا إلى أنفسنا، وكيفية تعاطينا مع الآخرين وتفاعلنا مع العالم. وتؤثر وسائل الإعلام تأثيراً كبيراً علينا يشمل ليس فقط تفكيرنا وإنما يمتد كذلك إلى تصرفاتنا. ولا شكّ أنّ العولمة ليست مجرد عملية اقتصادية تكنولوجية، فالعولمة هي أيضاً زيادة التفاعل بين الشعوب وحرية تداول المعلومات والترابط بين الثقافات. ويتمثل التحدي المحوري الذي يُواجه العالم المعاصر في القدرة على التواصل، بغضّ النظر عن الاختلافات الثقافية. وهنا يأتي دور وسائل الإعلام التي بإمكانها أن تضطلع بحقّ بمهمّة الوسيط في تشكيل الوعي العالمي، بالإضافة إلى دور مواقع التواصل الاجتماعي في التغيير وخلق حالة حواريّة، كونها تجمع بين مختلف شرائح المسؤولين والشعب. فهي إذاً صلة وصل أساسية.
لكنّ الإشكالية الأساسيّة هي: كيف يمكن أن نبني حواراً فاعلاً بين الإعلام بكلّ وسائله والمجتمع من سياسي وديني واقتصادي واجتماعي؟
انطلاقاً من هذه الإشكالية، أكّد مدير الدراسات والمنشورات في وزارة الإعلام خضر ماجد في حديث لـ« البناء» أنّ «المرحلة الراهنة تتطلّب القيام بهذه الخطوة المهمّة، لا سيما أنّ وضع الإعلام اللبناني إضافةً إلى الوضع العام في ظلّ العمل الكبير الذي يقوم به وزير الإعلام ملحم رياشي من خلال الإعداد لسلسلة مشاريع وقوانين تُنظِّم هذا الوضع، يستوجب تنظيم حوار إعلامي وأكاديمي تشارك فيه مروحة واسعة من أصحاب الاختصاص، فكانت تسمية المؤتمر تنطلق من جميع هذه المعطيات، وتأتي وسائل التواصل الاجتماعي لتجمع كل هذه الأمور كواقع إعلامي يجب وضع الأسس العلميّة والحواريّة لكيفيّة التعاطي معه».
ولتسليط الضوء أكثر على هذه الإشكالية، ينطلق صباح اليوم المؤتمر الإعلامي الثالث تحت عنوان: «ثقافة الحوار ووسائل التواصل الاجتماعي» برعاية وزير الإعلام ملحم الرياشي وتستمر أعماله حتى يوم غد الجمعة في قاعة المحاضرات في مبنى عصام فارس بالجامعة الأميركية في بيروت.
وحول الغاية من عقد المؤتمر، قال ماجد: «إنّ أحد أهداف المؤتمر هي إقامة حوار بنّاء بين مختلف وسائل الإعلام عبر جمعها في أهداف مشتركة تطرح إشكاليّة موجودة لنبحث وإيّاها عن الحلول المرجوّة لأننا على يقين بأنّ الجميع يريد الخير لهذا البلد، لا سيما الإعلام كونه منارة في المنطقة».
وأوضح ماجد «أنّ المؤتمر يأتي في سياق الخطة التي وضعها وزير الإعلام ملحم رياشي لتوجهات الوزارة المستقبلية إن كان على صعيد تغيير اسمها من وزارة الإعلام إلى وزارة الحوار والتواصل، أو لجهة الورشة القائمة لإقرار قانون الإعلام وإصدار مراسيم تخصّ الإعلاميين والإعلام بشكل عام».
وعن المشاركين في هذا المؤتمر، أشار ماجد إلى «أنّ الجهات المشاركة هي وزارة الإعلام المُنظِّمة، ورئيس لجنة الإعلام والاتصالات النيابية النائب حسن فضل الله، و مجموعة من الجامعات التي تُدرِّس الإعلام والتواصل ومنها الجامعة الأميركيّة في بيروت التي تستضيف هذا المؤتمر، والجامعة اليسوعيّة، والجامعة اللبنانية بفرعيْها للإعلام، والجامعة اللبنانية الأميركيّة، وجامعة بيروت العربيّة، وجامعة الكسليك، وجامعة فينيسيا، وهناك أيضاً مختلف وسائل الإعلام العاملة في لبنان من تلفزيونات وإذاعات، ومواقع إلكترونيّة وصحف، عبر ممثلين عنها، أما بالحضور والكلام وتقديم ورقة عمل أو المداخلات في جلسات المؤتمر، وعلماء دين لهم علاقة بمجالس الحوار الوطني والديني والإعلام ومؤسسات الإعلام في القوى الأمنيّة من جيش مركز الدراسات والبحوث الاستراتيجيّة وشعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي ومكتب الإعلام في الأمن العام ومؤسّسات إعلامية مستقلة وغيرها».
وعن الإجراءات التي تتخذها الوزارة بالتعاون مع المجلس الوطني للإعلام للحدّ من الصراع بين المحطات التلفزيونية، قال ماجد: «وفق توجيهات معالي الوزير هي التراشق بالورود والمحبة بدلاً من القمع والتراشق الذي لا يُجدي نفعاً وبطبيعة الحال يجري التواصل المباشر مع المحطات المعنية لمعالجة أي إشكال».
وأكّد ماجد أنّ «لكل وسيلة إعلامية من صحافة وتلفزيون وإذاعة ومواقع إلكترونية وصولاً إلى وسائل التواصل الإجتماعي دور عليها أن تتأقلم معه وتعرف ماذا يريد الجمهور منها».
ورأى أنّ أهداف «هذا المؤتمر هي الخروج بتوصيات أبرزها أن يرسم الدور والوظيفة لكل وسيلة ليكون لها عملها المتخصص».
وردّاً على سؤال حول الإجراءات التي تتخذها الوزارة لتفادي الانفلات الإعلامي والإعلاني في وسائل التواصل الاجتماعي، أجاب ماجد: « يوجد حالياً مكتب الجرائم المعلوماتية، و يجب قوننة مختلف هذه الانفلاتات إذا صحّ التعبير لتحديد مهام هذا المكتب كي يقوم بدور بناء وهذا ما عهدناه».
ولفت ماجد إلى «أنّ «هناك مشاريع قوانين تُعد بإشراف الوزير رياشي لتكون هناك مدوّنة سلوك وشرعة حقوق ملزمة عبر قوننتها بعد أن تصدُر عن مجلس النواب بقوانين».
ورداً على سؤال حول توصيات المؤتمر قال ماجد: « لا نستطيع أن نستبق التوصيات التي سيُعلَن عنها بمؤتمر صحافي يعقده الوزير الرياشي في مكتبه، وقد تابع تفاصيل المؤتمر وحرص على مشاركة المؤسسات والشخصيات المعنية بالمواضيع المطروحة. كما حرص أن يُصدر كتاباً يحفظ أعمال المؤتمر ليبقى وثيقة يستفاد منها فيما بعد. ونحن نسعى إلى تحقيق النتائج المرجوة بتوصيات مفيدة تبني مستقبلاً إعلامياً وحوارياً واعداً في لبنان».
برنامج المؤتمر
ويتضمن برنامج المؤتمر الذي يفتتح عند التاسعة والنصف من قبل ظهر اليوم كلمات لكلّ من: مدير الدراسات والمنشورات اللبنانية خضر ماجد، رئيس الجامعة الأميركية في بيروت فضلو خوري، رئيس لجنة الإعلام والاتصالات النيابية حسن فضل الله، ووزير الإعلام ملحم رياشي.
وبعد استراحة، تُعقد الجلسات، فيتناول المحور الأول: «دور الإعلام في إنجاح الحوار وإرساء دعائمه»، ويديره الوزير السابق طارق متري. ويتحدث فيه كلّ من: جورج كلاس، صلاح سلام، جورج بكاسيني، بيار أبي صعب، حسين أيوب وغسان حجار. ويتناول المتحدثون دور الدولة في إرساء حوار سياسي إعلامي اقتصادي واجتماعي.
كما يتحدّث عن «مقدمات الأخبار بين سياسة المحطة التلفزيونية والموضوعية والرأي العام» كلّ من: رئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ، بيار الضاهر، كرمى خياط، وابراهيم فرحات.
وعن «المواقع الإلكترونية بين الإخباري ورقمنة الشائعة الوظيفة والأرض » يتحدث كلّ من: جوزف سمعان، ربيع الهبر، طلال حاطوم، جيلبير رزق وميشال قنبور.
ويتحدث رامي الريس عن «تفاعل السياسيين مع وسائل الإعلام الجديد واستخدامها منصات تغريد لمواقفهم».
وفي المحور الثاني عن «وسائل التواصل الاجتماعي والمشاركة السياسية والأمنية»، الذي يديره الدكتور علي رمال، يتحدث كريستيان أوسي عن «وسائل التواصل الاجتماعي وصناعة الرأي العام»، ونهوند القادري عن «تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في الشباب وصناعة التغيير». كما يتحدث ممثل عن الأمن العام عن «التوظيف الأمني لوسائل التواصل الاجتماعي»، وممثل مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش عن «وسائل التواصل الاجتماعي وعلاقتها بالأمن الوطني»، وسوزان الحاج من قوى الأمن الداخلي عن «الإعلام الأمني ودوره الرقابي».
وفي اليوم الثاني غداً يتناول المحور الثالث، الذي يبدأ عند التاسعة والنصف صباحاً، تقنيات ومفاهيم الحوار والتواصل الاجتماعي، ويدير الجلسة هاني صافي.
ويتحدث في هذا المحور كلّ من نبيل دجاني بعنوان «آراء في دور الإعلام في ثقافة الحوار»، ميشال توما عن «أهمية الإعلام في حوار الثقافات»، رامي نجم عن «الكراهية والحوار ووسائل التواصل الاجتماعي مفاهيم، وظائف واستخدامات»، ميرنا أبو زيد عن «وسائل التواصل الاجتماعي: أداة صراع أم حوار ودورها في بناء المواطنية»، جمال مجاهد عن «التواصل الاجتماعي ودراسة التحولات بين الاستخدامات السلبية والإيجابية»، ورئيس جامعة فينيسيا د. عماد زبيب عن «دور التقنيات الإعلامية الحديثة في خلق مناخ تواصل وأطر لحماية المجتمع».
وعند الثانية عشرة ظهراً، يبدأ المحور الرابع بعنوان «التنوع الطائفي ثروة تمايز لبنان وثقافته» ويديره عباس الحلبي. ويتحدث فيه الأب عبدو أبو كسم عن «الإعلام الديني ودوره في تعزيز الوحدة الإنسانية وحوار الأديان»، العلامة السيد علي فضل الله عن «أثر الحوار الديني وتأثيره على الحوار السياسي، محمد السماك عن «أهمية الحوار الإسلامي ـ الإسلامي والإسلامي ـ المسيحي»، أنطوان متى عن «الانفلات الإعلامي والإعلاني في وسائل التواصل الاجتماعي»، فادي ضو عن «الإعلام في مواجهة خطاب التطرف: خبرات وتحديات»، غدير سعادة عن «وسائل التواصل الاجتماعي ومواثيق الشرف الإعلامية».
أما كلمة اختتام المؤتمر فيلقيها المدير العام لوزارة الإعلام د. حسان فلحة.