مواقف سفراء مجموعة الدعم تبرير مُسبَق لعدوان صهيونيّ على لبنان
يوسف الصايغ
في انتهاك للأصول الدبلوماسية وتجاوز فاضح للصلاحيات المنوطة بسفراء الدول في تمثيل بلدانهم لدى دول أخرى، تمّ الكشف عن اجتماع عقده «سفراء دول مجموعة الدعم الدولية الخاصة بلبنان، ومنحوا أنفسهم حق التدخل بشؤون لبنان الداخلية من خلال ما سُرّب عن اتفاق السفراء على ضرورة تحديد موعد إجراء الانتخابات النيابية والقانون الذي ستجري الانتخابات على أساسه».
السفراء المذكورون لم يكتفوا بهذا القدر من تجاوز وخرق الأصول الدبلوماسية، حيث أشارت المصادر إلى أن «السفراء شدّدوا على أهمية الالتزام بالقرار 1701 الخاص بلبنان، وعلى ضرورة حصرية حمل السلاح للجيش اللبناني ودعمه على هذا الأساس فقط، كما تناولوا ما قاله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في مصر حول سلاح «حزب الله» واعتبروا أنه لا يتناغم مع القرار 1701». كما أفيد أن «السفراء قرروا التواصل مع وزير الدفاع لإخباره بضرورة الالتزام بالقانون الدولي وإلا ستمتنع بعض الدول عن دعم الجيش».
وإذ لفتت المصادر الى أن «السفير الإيطالي في لبنان اعتبر أن كلام الرئيس عون لا يخدم لبنان، اعتبرت السفيرة الأميركية إليزابيث ريتشارد أن عون تجاوز الخطوط الحمراء وهدّدت بسحب القوات الدوليّة من جنوب لبنان، أما سفير فرنسا فاستبعد انعقاد مؤتمر الدول المانحة للبنان، بسبب كلام عون».
ويأتي هذا التجاوز الدبلوماسي بعد تجاوز قامت به ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، حيث وصفت كلام الرئيس عون الذي أكد ضرورة سلاح المقاومة كسلاح مكمّل لسلاح الجيش بالـ «مقلق ويتنافى مع القرار 1701».
المفارقة أن هؤلاء السفراء لا ينبسون ببنت شفة تعليقاً على الخروق الصهيونية المتواصلة للسيادة اللبنانية، لكنهم متأهبون لاستنكار أي موقف داعم للمقاومة وسلاحها! والمفارقة أيضاً أنهم يؤكّدون دور السلطة الشرعية اللبنانية، لكنهم يخرقون بتصريحاتهم السيادة الوطنية من خلال تنصيب أنفسهم أوصياء عليها، في وقت لم نرَ أياً من دول أولئك السفراء تقدّم السلاح النوعي للجيش اللبناني ما يجعله قادراً على مواجهة التهديدات «الإسرائيلية»، وهل من داعٍ لنذكّر هؤلاء السفراء وتحديداً السفير الفرنسي عندما تراجعت بلاده عن تزويد الجيش اللبناني بالصواريخ بسبب رضوخ باريس لإملاءات «تل أبيب»، والتي اعتبرت أن هذا السلاح كاسر للتوازن!
اللافت أيضاً أن مواقف السفراء تتزامن مع سلسلة انتهاكات «إسرائيلية». وفي السياق أقدم جيش العدو قبل أيام على إزالة بلوكات إسمنتية وأقام بوابة حديدية، قرب خط الانسحاب في مزارع شبعا المحتلة قبل أن يقوم الجيش اللبناني بإعادة تثبيت البلوكات. كذلك تترافق الخروق الصهيونية مع تهديدات يطلقها قادة جيش العدو والتي لا تعدو كونها فقاعات كلامية، وتندرج في إطار الحرب النفسية التي باتت تقضّ مضجع تل أبيب أكثر مما تخدمها، خصوصاً بعد إطلالات السيد حسن نصرالله الأخيرة وإعلانه عن عدد من المفاجآت في أي مواجهة مقبلة، وها هو شبح مفاعل ديمونا لا يفارق مخيلة الصهاينة، الذين يدركون جيداً أن نصرالله لا يتحدث عن شيء الا إذا كان قادراً على تنفيذه، وتجربة مواجهة عدوان تموز 2006 لا تزال حاضرة.
بناء على ما سبق يبدو التقاطع واضحاً بين مواقف سفراء دول مجموعة الدعم الدولية الخاصة بلبنان ومعهم ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، وبين ما تقوم به «إسرائيل» من استفزازت حدودية، وفي سياق متصل تأتي أحداث مخيم عين الحلوة والتي أدرجت أيضاً في سياق الرد الميداني على كلام رئيس الجمهورية عن سلاح المقاومة، خصوصاً في ظلّ ما يُحكى عن سيناريوات قد تفرزها اشتباكات المخيم، خصوصاً في ما يتعلق بقطع طريق الجنوب. وهو الأمر الذي يستهدف المقاومة بالدرجة الأولى. وفي سياق ذي صلة هناك من يتحدّث عن تلقي مراجع أمنية وثيقة اتصال، تشير إلى احتمال قيام مجموعات متشددة بإطلاق صواريخ على فلسطين المحتلة لإعطاء العدو الصهيوني ذريعة لردّ عدواني على لبنان، فهل يحاول سفراء الدول الكبرى من خلال تصريحاتهم تبرير أي عدوان مسبقاً؟