لتركيا نقول: وجود الجيش السوري في منبج لا يحتاج إلى فرمان سلطاني!
اياد موصللي
في خطاب للزعيم أنطون سعاده عام 1938 قال: «ما أقوله بصدد لبنان والشام أقوله في صدد فلسطين».
فالسياسيون الكلاسيكيون هناك لم يتمكّنوا من إيجاد دفاع مجد يصدّ الخطر اليهودي لأنّ أساليبهم لا تزال من النوع العتيق المسيطر فيه صفة الاعتباطية والأنانية والمغررة للشعب. ولا بدّ لي من التصريح في هذا الموقف انّ الخطر اليهودي هو أحد خطرين أمرهما مستفحل وشرّهما مستطير، والثاني هو الخطر التركي وهذان الخطران هما اللذان دعوت الأمة السورية جمعاء لمناهضتهما…»
هذا الكلام قاله الزعيم منذ حوالى ثمانين عاماً… وأمس أعلن رئيس الوزراء التركي أنّ أنقرة لا يمانع دخول الجيش السوري الى منبج لأن هذا من حقه ولأنّ منبج أرض سورية..!
ومنبج قضاء يتبع محافظة حلب سكانه خليط من الأصول العربية والكردية والشركسية.
وفي منبج مديرية للحزب السوري القومي الاجتماعي وهي بلدة الأمين نائل نديم الذي شارك في ثورة 1949 وسجن لمدة 5 سنوات في السجون اللبنانية.
اما عندما تسلّل الإرهابيون من تركيا إلى الشام والعراق وأشعلوا الفتنة ودمّروا البلاد وقتلوا العباد فلم تر الحكومة التركية ما تراه اليوم من السيادة السورية..!
رئيس الوزراء التركي طالب بخروج «قوات سورية الديمقراطية» التي تتألّف من أكراد سوريين، وهم وحدهم لهم الحق في الدفاع والقتال من أجل سورية.. بعض من الأكراد الذين أقاموا في سورية عندما حاربهم مصطفى كمال وهجرّهم ولجأوا الى سورية ويحملون الجنسية التركية.. هؤلاء وحدهم لهم الحق بالمطالبة بحقوق وطنية اغتصبت منهم وبأملاك سلبت في الاسكندرون وانطاكية وديار بكر وسواها..
المواقف التركية العدائية والبغض الظاهر والمخفي ضدّ بلادنا حالة مستمرة منذ تكوّنت تركيا الحديثة.. لقد منحتنا تركيا إذناً بدخول منبج وسمحت لجيشنا بالبقاء فيها..! هي قد فعلت ذلك رغماً عنها لأنّ الجيش السوري لا ينتظر إذناً من أحد ولا موافقة من أحد، فهو ابن البلاد وسيفها وترسها، وهو الحامي والمدافع عن السيادة والعزة. ولا نؤخذ بالمسرحيات والتمثيليات التي تمارسها تركيا بين فترة وأخرى..
انّ للأكراد السوريين الحق بالوجود على كلّ شبر من الأرض السورية لأنهم أبناؤها… أعطوها وأخذوا منها..
انّ الاسم الذي يحملونه هو تعبير عن هذا الإيمان والانتماء وإلا لو كانت مواقفهم وأفكارهم عنصرية لسمّوا انفسهم «القوات الكردية الديمقراطية».. انّ الأصوات والتنظيمات التي تنادي بالفيدرالية ليست أصوات أكراد سورية.. الذين مهروا التاريخ بصفحات ناصعة مشرقة ومارسوا حقوقهم بحرية وأعطوا للوطن حقوقه عليهم بكلّ صدق وإيمان..
محافظ حمص الحالي هو حموي من آل البرازي.. العائلة الكردية السورية العريقة ومنها جاء حسني البرازي رئيس الوزراء السوري الأسبق.
فلا يحق لتركيا ان تتدخل بشؤون أكراد سورية فهؤلاء لا يتدخلون في شؤونها.. أما الذين يطالبون بحقوق وطنية قومية لهم فهم الأكراد الأتراك الذين تعدّت السلطات التركية عليهم بعد ان تعدّت على أجزاء من سورية وسلبتها وضمّتها الى سلطتها..
ونقول للأتراك ما قاله الزعيم سعاده في 20/11/1937: «إذا كان الأتراك يعتقدون بأنّ سكوت الأمة العجيب النادر عن مصالحنا في اللواء الشهيد يشجعهم على الطمع بكلّ قضية من قضايا الأمة الحيوية فقد خاب اعتقادهم لأنّ الدور الذي تمثل على مسرح الاسكندرون في حالة ضعف واعتباط الحكام لن يمثل مرة أخرى على مسرح اية مصلحة من مصالح البلاد القومية.. إذا تحدثنا كثيراً عن اللواء فلأنّ اللواء لحمنا ودمنا.. ولأنّ تركيا تأبى علينا الا ان تتحدث دائماً عنه وعنها وتموّه على الناس وكأنّ الناس عميان… بهذا المعنى كان الكلام الذي خاطبت حكومتا سورية والعراق رئيس وزراء تركيا أردوغان لما فتح شهيته نحو التراب السوري في الشام والعراق.. «أخرج من بلادنا وعد الى بلادك». عندما أراد استغلال الفرصة التي خلقها وأنعشها عبر العصابات الإرهابية التي أفسح لها مجال التسلل الى الشام والعراق لتعيث قتلاً وتدميراً وفساداً وأراد اتخاذها حجة ووسيلة تتيح له تحقيق حلم دفن في بطن التاريخ مع آخر جندي تركي كان يحتلّ بلادنا.. وأطفئ حلمه بأن يرى علمه يرفرف فوق حلب والموصل..
انّ بقاء الأكراد على ايّ بقعة سورية هو شأن سوري وأمر سوري ولا دخل لأحد فيه..
انّ الأكراد بفعل انتمائهم القومي شخصية فاعلية في المجتمع ومصدر غنى وقوة واعتزاز.. وقد أغنوا تاريخنا بأعمال جليلة في شتى الحقول من صلاح الدين الأيوبي الى محمد كرد علي رئيس المجمع اللغوي العربي في الشام.. الى يوسف العظمة بطل ميسلون الى ابراهيم هنانو بطل الثورة السورية الى العديد من قيادات وأعضاء الحزب السوري القومي الاجتماعي كالأمين نذير العظمة والأمين زكي نظام الدين منفذ عام القامشلي.. وأمين دياب مدير مديرية مدينة الدرباسية بالجزيرة.. وخليل عثمان ممن شاركوا في ثورة الحزب عام 1949 وسجن أربع سنوات.. وأديب الشيشكلي رئيس الجمهورية وصلاح الشيشكلي قائد في الجيش السوري.. وخالد بكداش رئيس الحزب الشيوعي في سورية.. وعبد الباقي نظام الدين رئيس أركان الجيش.هذا هو وضع الأكراد في سورية ولا يحق لتركيا ان تتدخل في شؤونهم السورية ولا ان تسمح او تمنع… اديب الشيشكلي قاد جيش الإنقاذ في فلسطين 1948، وأخوه صلاح قاد فوجاً مسلحاً وأقام في ضهر الأحمر قرب الجليل..
فماذا قدّمت تركيا لفلسطين غير الدعم المطلوب لـ»إسرائيل» وتبادل العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية معها؟
ولم ننس تصريح وزير الخارجية الأميركي السابق الذي قال: «انّ لتركيا دوراً رئيساً في تحرير الرقة وأثنى على دورها الإيجابي في مكافحة الإرهاب في المناطق الحدودية… وقال: «سنحرّر الرقة دون الاستعانة بسورية وكأنّ الارض سائبة والحقوق مهدورة…!
وقد جاء هذا التصريح عقب المواقف السورية الرافضة للمشاركة التركية في تحرير الرقة من داعش…
فهل عرفتم الآن ما هو الدور التركي في بلادنا والأطماع التي يخفيها…؟
فتركيا اليوم تقف في صدارة الدول التي احتضنت الإرهاب والمجموعات التكفيرية وصدّرتها الى عالمنا العربي وقد زوّدتها بكلّ مستلزمات القتل والدمار…
وقد صدق الزعيم الذي قال انّ الخطر اليهودي أحد خطرين وثانيهما هو الخطر التركي…