تحالف أميركي دعائي دعماً للإرهاب وليس لمحاربته

جاك خزمو

التحالف الذي تقوده الإدارة الأميركية ضدّ تنظيم «داعش» هو مجرّد حملة دعائية فقط، لاظهار أنّ هذه الإدارة وحلفاءها وأتباعها من الدول النامية، هم ضدّ الارهاب، ولكن في الحقيقة والواقع، فإنّ هذه الحملة هي للتغطية على هذا التنظيم وإبرازه، وخير دليل على ذلك أنّ الإدارة الأميركية بقيادة باراك أوباما أعلنت عن خطة لمواجهة هذا التنظيم تستمرّ ثلاث سنوات على الأقلّ، مما يعني أنّ مواجهة هذا الإرهاب هي شكلية وليست جدية، لأنّ «داعش» تمّ تأسيسه وتصنيعه أميركياً، وهو يقدم خدمات للإدارة الأميركية، ولبعض حلفائها.

ما معنى أن تكون تركيا مشاركة في اجتماعات دول التحالف، وهي في الوقت نفسه ترفض أن تنطلق الطائرات الأميركية من قواعدها في تركيا، وبخاصة قاعدة أنجرليك، وهذا إنْ دلّ على شيء فإنما يدلّ على أنّ تركيا راضية عن الدور الذي يقوم به هذا التنظيم، ومستفيدة منه…

وقد يتساءل بعضهم ما هي استفادة الحكومة التركية من هذا الدعم الخفي لتنظيم إرهابي خطير… والجواب واضح كلّ الوضوح، إذ أنّ تركيا تبتاع منه النفط بسعر رخيص جداً، ولذلك فهي تريد له أن يبقى، مع أنها قلقة في بعض الأحيان من انقلابه عليها.

وإعلان تركيا عن عزمها إقامة حزام أمني عازل على حدودها مع شمال العراق ليس للوقاية المستقبلية من انطلاق عناصر هذا التنظيم إلى الداخل التركي، بل من أجل منع الثوار الأكراد، وبخاصة حزب العمال الكردستاني، من الانطلاق من شمال العراق إلى تركيا في المستقبل، على رغم أنّ هناك اتفاقاً لوقف إطلاق النار مع هذا الحزب الكردي، وما زال قائماً حتى الآن!

وتركيا معنية جداً بالتجارة والسمسرة بهذا النفط خلال الفترة القليلة المقبلة من خلال شرائه بأبخس الأثمان، وبيعه إلى أوروبا، خصوصاً أننا على أبواب فصل الشتاء، وتوفير النفط لأوروبا هو بمثابة التفاف على شركة غاز بروم الروسية التي تخطط، لخفض تصديرها من الغاز إلى أوروبا رداً على العقوبات الاقتصادية الظالمة غير الشرعية التي فرضتها أوروبا وأميركا على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية… أي أنّ تركيا تدعم هذا التنظيم الإرهابي مالياً ليبقى صامداً أمام الجيشين العراقي والسوري، وكذلك للحصول على دخل من سمسرتها على نفط المنطقة.

أما مشاركة السعودية في هذا التحالف الدعائي ستكون إعلامية أكثر منها فعلية، وستقتصر على توفير المال لتغطية تكاليف الضربات الجوية الأميركية على مواقع معيّنة للتنظيم، وكذلك استضافة تدريب عناصر المعارضة السورية الإرهابية بحجة محاربة «داعش»، فيما هي في الواقع لمواجهة الدولة السورية الشرعية، أي أنّ السعودية تدعم «داعش» بصورة غير مباشرة مقابل أن تبقى خارج حدودها، وتعمل فقط في الدول المجاورة المعارضة لسياستها.

ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ السعودية قلقة من بيع النفط العراقي والسوري المسيطَر عليه من قبل «داعش» إلى دول أوروبا بأسعار منافسة، وهي أيضاً ضدّ «الإخوان المسلمين»، أيّ ضدّ تركيا، ولذلك وجدت نفسها مجبرة على أن تكون من ضمن هذا التحالف، وليس الأمر برضاها، وإنما بأمر من الإدارة الأميركية.

وخير دليل آخر على أنّ هذا التحالف هو شكلي يكمن في أنّ أميركا تقوم بغارات جوية لتمنع عناصر «داعش» من تجاوز الخطوط الحمراء… وهذه الغارات والضربات الجوية الأميركية محدودة، وغير جادّة بالفعل، إذ أنها ضمن خطة لإبقاء هذا الوضع لمدة ثلاث سنوات يتمّ خلالها استنزاف القدرات العراقية وكذلك السورية.

خلاصة هذا القول إنّ هذا التنظيم الإرهابي يقدّم خدمة كبيرة للسياسة الأميركية وأتباعها، لذلك لن تكون محاربته جدية كما يجب. والغريب أنّ أميركا تشنّ الحملة ضدّ «داعش»، ولا تشنّ مثلها على تنظيمات أخرى إرهابية في سورية، مثل «جبهة النصرة» وأخواتها ومنافساتها من الحركات الإرهابية، لأنها معنية ببقاء المنطقة غير مستقرّة وتعاني من الإرهاب، وبالتالي ينشغل العالم به وبخاصة أبناء هذه المنطقة، ويتناسون القضايا الجوهرية الأساسية، خصوصاً الاحتلال «الإسرائيلي» للأراضي العربية ولا سيما فلسطين.

هذا التحالف الوهمي هو ضدّ سورية وروسيا وإيران والعراق وكلّ أبناء منطقة الشرق، وهو في الواقع يبالغ في توصيف قدرة «داعش»، من أجل استنزاف قدرات حتى الدول المشاركة فيه… وهذا ما ستؤكده الأشهر القليلة المقبلة… وستؤكد أيضاً أن أميركا تبتزّ الدول المشاركة في التحالف لتحصل على ما تريد، لأنها رئيسة الإرهاب، والمستفيدة الأولى منه في العالم أجمع!

رئيس تحرير البيادر ـ القدس الشريف

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى