محاربة الإرهاب لا تمنعها الحدود والسدود… اقتلوهم حيث وجدتموهم فهذا أفضل الحلال
اياد موصللي
قال رئيس حكومة العراق حيدر العبادي، لن نتردّد بضرب مواقع الإرهاب في دول مجاورة.. داعياً دول المنطقة الى التعاون للقضاء على الإرهاب، وقال مع احترامي لسيادة الدول الاخرى لن أتردّد بضرب مواقع للإرهاب في دول مجاورة تهدّد داخل العراق…
وتأكيداً لهذا جاء تصريح وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف يوم أمس والذي قال فيه: «يجب تنشيط مكافحة الإرهاب ومساهمة الجميع في عمليات مكافحة تنظيمي داعش والنصرة الإرهابيين في سورية والعراق والقضاء عليهما».
وقبل نحو ثمانين عاماً قال سعاده: «اننا لا نريد الاعتداء على أحد ولكننا نأبى أن نكون طعاماً لأمم أخرى، اننا نريد حقوقنا كاملة ونريد مساواتنا مع المتصارعين لنشترك في إقامة السلام الذي نرضى به وانني أدعو اللبنانيين والشاميين والعراقيين والفلسطينيين والأردنيين الى مؤتمر مستعجل تقرّر فيه الأمة إرادتها وخطتها العملية في صدد فلسطين وتجاه الأخطار الخارجية جميعها وكلّ أمة ودولة اذا لم يكن لها ضمان من نفسها هي فلا ضمان لها بالحياة على الإطلاق.
يجب أن نعارك يجب ان نصارع، يجب ان نحارب ليثبت حقنا وإذا تنازلنا عن حق العراك والصراع تنازلنا عن الحق وذهب حقنا باطلاً، عوا مهمتكم بكامل خطورتها ولا تخافوا الحرب بل خافوا الفشل..
لقد كان نداء العبادي صوت حق في مجابهة عدوان يستهدف الأمة.. وهو نداء عفوي ولكنه يعكس حقيقة وحدة الأمة ووحدة مصيرها في مجابهة الأخطار التي تتعرّض لها وكأنه تلبية لنداء الزعيم بعد ردح من الزمن. فالوحدة الجغرافية والبشرية ووحدة المصير تحتم وحدة الإرادة وهذا ما تفرضه وقائع الحياة.. والواقع الذي تعيشه أمتنا وتجابهه..
عوا مهمتكم بكامل خطورتها ولا تخافوا الحرب بل خافوا الفشل.. وهذا ما وعته حكومتا الشام والعراق فيما هما تجابهان الأخطار الإرهابية التدميرية لحقيقة وجودنا ومحو لحاضر وماض.. وتاريخ حضاري…
فضرب الإرهاب على ايّ بقعة من امتداد الوطن هو تأكيد الوحدة والانتماء خارج الأطر السياسية..
فنحن نواجه عدواناً يكرّر ويعيد فصولاً من تاريخ قديم ويمارس أحداثاً جرت خلال تلك الفكرة.. إرهاب اليوم لا يختلف عن الإرهاب المغولي التتري الذي غزا بلادنا ودمّر حضارتنا فكراً مكتوباً او حجراً منقوشاً، و»إسرائيل» والرجعية العربية والتخلف الديني والفكري أوجدوا هذه الجحافل الهدامة القاتلة الشريرة الكافرة لهدم ومحو تاريخنا وتدمير وجودنا وتفتيت مجتمعنا تطبيقاً للمخطط الصهيوني كما وضعه بن غوريون الذي قال:
ـ «إقامة علاقات متينة مع الدول القوية التي تؤمّن الحماية الدائمة لإسرائيل.. وقد تحقق ذلك فعلاً عبر المظلة الاميركية والتأييد الغربي…
ـ تكوين جيش قوي يضمن الحماية لدولة اسرائيل من ايّ خطر يتهدّدها.. وهذا تمّ إنجازه فعلاً…
ـ العمل على تفتيت الدول المجاورة وخلق دويلات طائفية صغيرة حول إسرائيل. فإذا ما حققنا ذلك نضمن أمننا وسلامنا الى الأبد…»
هذا البند الأخير هو ما تحاول «إسرائيل» عبر عملائها وحلفائها تحقيقه وما يجري الآن في العراق والشام جزء رئيس من هذا المخطط.. وانّ معظم قادة كيانات هذا العالم وبعض هذه الأمة ضالعون بغباء أو عمالة في تنفيذ هذا المخطط ولعله من الأقدار السيئة ان تكون السعودية في الحجاز مفتاح الأذى والنكبات لأمتنا من عهد أشراف مكة الى عهد حماة الحرمين..
انّ ما يجري اليوم في سورية سواء في الشام او العراق من أحداث مرعبة من قتل وذبح وتدمير وهدر للقيم وقلب للمفاهيم الدينية والقومية، وما يرتكب باسم الدين، كلّ هذا هو تطبيق للمخطط الإرهابي الإسرائيلي والعمالة العربية المتواطئة.
ترى لو انّ هذا الذي يجري على أرضنا جرى جزء منه في كيان العدو، هل كان بقي واستمرّ..؟ مقارنة كرّرناها ونكرّرها دائماً وباستمرار علّ ضمير من يتسبّبون بدمارنا ويؤمّنون حماية غير مباشرة لإسرائيل، أولئك الذين ملكوا المال وفقدوا الكرامة علهم يتوقفون عن تغذية حروب تدمير أبناء قومهم..
ونعود ونذكرّ بما قاله سعاده وصفاً لهؤلاء: «لم يتسلط اليهود على جنوبي بلادنا ويستولوا على مدن وقرى لنا إلا بفضل يهودنا الحقيرين في عظمة الباطل..
انّ الصراع بيننا وبين اليهود لا يمكن ان يكون فقط في فلسطين بل في كلّ مكان حيث يوجد يهود قد باعوا هذا الوطن وهذه الأمة بفضة من اليهود، انّ مصيبتنا بيهودنا الداخليين أعظم من بلائنا باليهود الاجانب….
«وانطلاقاً من هذه السياسة وهذا المعتقد الصهيوني دأبت إسرائيل على دعم الحركات الانفصالية في السودان، العراق، مصر، لبنان وايّ حركات في العالم العربي الذي تعتبره إسرائيل عدواً».
لقد حققت إسرائيل معظم مشروعها وأقامت الدولة اليهودية ونالت مظلة حماية دولية مطلقة تعتدي وتسلب الأراضي المتبقية مما بقى على أرض فلسطين من أهلها وسكانها وتبني المستوطنات عليها ولا أحد يقف في وجهها او يعترض سبيلها.. وتمنع على المسلمين تطبيق فروض دينهم بمنع الأذان في المساجد وتفرض غرامات مالية باهظة..
فقيام دولة «إسرائيلية» صهيونية في أرض عربية وبين شعوب عربية يستتبع نهجاً تلمودياً تؤمن به هذه الجماعة وهو في الوقت ذاته يفرض عليها نهجاً وسلوكاً عدوانياً تدميرياً ملزماً.. وهذا السلوك هو ما يتمّ تطبيقه الآن عبر المجموعات الإرهابية المنتشرة في بلادنا، في الشام والعراق… والعاملة بجدّ في اليمن وليبيا..
موقف رئيس وزراء العراق من الإرهاب ومحاربته حيثما وجد في الدول المجاورة للعراق هو موقف صحيح، فما يصيب ايّ جزء من أجزاء الوطن يصيب الوطن كله.. وملاحقة الإرهاب حيثما وجد مرحب بها وهي واجب.. خاصة انّ العراق والشام يتجمّع الإرهاب في القرى والبلدات المتلاصقة فيهما..
انّ المخططات السياسية والاستراتيجية التي وضعها قادة «إسرائيل» قبل وبعد تكوينها هي نابعة من هذه الروحية والذهنية.
وإذا رجعنا إلى التاريخ نراه مليئاً بأخبار الإرهاب الصهيوني في مراحل متعدّدة كما أوردها الكاتب والمؤرخ كاسيوس في الكتاب 78 وفي الفصل 32 عن حقبة القرن الثاني للميلاد 117 حيث قال:
«حينئذ عمد اليهود في CYRENE شواطئ طرابلس الغرب حالياً، بقيادة اندريا الى ذبح الرومان واليونان وأكلوا من لحمهم وشربوا دماءهم وسلخوا جلودهم ولبسوها وقطعوا أجسام كثيرين منهم نصفين من الرأس فنازلا، والقوا بالكثيرين الى الحيوانات المفترسة وارغموا الكثيرين على ان يقتل بعضهم بعضا بالسيوف حتى بلغ عدد القتلى 220 الفا وفعلوا مثل ذلك في مصر وقبرص بقيادة AREMION وذبحوا 240 الفا MYIRELEVENET- DEFENCE- ARNOLD LEESE.
بعد 18 قرناً على هذه الحوادث كتبت جريدة «ديلي ميل» البريطانية في عددها 17 أيلول/ سبتمبر 1936 تصف بعض الحوادث التي وقعت في مدينة قرطبة أثناء الحرب الأهلية الاسبانية: «وجد 91 مذبوحاً وآخرون محروقين وهم أحياء من بينهم راهبان من كنيسة العذراء، سحلت عيناهما بالمخارز.
وفي سافيل ذبح اليهود 128 مسيحياً أوقفوهم في المقبرة صفاً واحداً وأطلقوا النار على أرجلهم فسقطوا جرحى ودفنوهم وهم أحياء.
هي صور تكرّرت في فلسطين بدءاً من دير ياسين وما تبعها مما مرّ ذكره…
تفنّن اليهود في أساليب الخداع والرياء ولبسوا لكلّ حالة لبوسها. ولا نستغربن إذا ظهروا دعاة اسلاميين او مسيحيين أو علمانيين بعناوين حضارية براقة من أجل تفرقة الصفوف وإيقاظ الفتن وإشعال الحروب الداخلية، فالتاريخ حافل بمثل هذه الأعمال، ولسنا بعيدين عن تجربة «كوهين» الجاسوس اليهودي الذي ادّعى انه مغترب سوري في الارجنتين، وانتحل اسماً مستعاراً وأعدم بعد ان كشفت حقيقته السلطات السورية، وشهد القرن العشرين عملية بارزة في تاريخنا الحديث حيث غيّر قسم من اليهود في تركيا دينهم وجاهروا باعتناق الإسلام وبذلك ساهموا في القضاء على الخلافة في تركيا ولا زالوا الى يومنا هذا يسيطرون على مقدرات السلطة في أنقرة واسطنبول وساعدوا كمال اتاتورك في حركته العلمانية والتقارب مع أوروبا. وقد ذكر القرآن الكريم محاولتهم هذه بتغيير دينهم مكراً وخداعاً حيث جاء في سورة التوبة آية 56 «ويحلفون بالله انهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يَفْرَقُون».
بعد كلّ هذا لا حاجة لمعرفة كيف نشأ الإرهاب في بلادنا ولا من موّله وسلّحه ودعمه ولا زال، وها هي السلطات اللبنانية، من خلال المديرية العامة للأمن العام، تضع يدها على عمليات تمويل تتم عبلا شركات صيرفة تقوم بتأمين ونقل الأموال بالملايين للإرهابيين في الشام…
لذلك، نقول للعراقيين والسوريين: «كلّ شبر من أرض الوطن مباحة للقوى الخيّرة من أجل القضاء على الإرهاب وأهله…»