صباحات

كلّ الذين أظهروا الحسرة على سقوط تدمر وصاروا يتساءلون عن كيفية حدوث ذلك من موقع الحرص، ولم يُظهروا الفرح بعودتها، ولم يواكبوا الجيش والمقاومة بالدعاء والتبريك… منافقون. فَاحذروا انتقاداتهم في كل قضية وطنية واقتصادية واجتماعية، هدفهم الهدم والتخريب والتحريض واستغلال لحظات الضعف لإثارة الصخب لا البناء وتصحيح الخلل. كلّ يدقق في من يعرفهم ويقارن وسيعرف الصادقين من المنافقين.

تمعّنوا قليلاً في توقيت فتح ملفّات فرانسوا فيون الموجودة منذ سنتين في أدراج الاستخبارات وحُرّكت بعدما أعلن موقفه من سورية، ولما استعصت ماري لوبان بسبب حصانتها النيابية رفعوا الحصانة بجرم نشر أفلام دموية لـ«داعش» بداعي خدش الذوق العام تمهيداً لفتح ملفّات مشابهة لملفّات فيون عندما جاهرت بموقفها من سورية. هذا لا يعني تأييداً لا لفيون ولا لماري لوبان في السياسة أو في صحة الملفّات وعدم صحتها. الحديث حصراً في كيف تشتغل الديمقراطيبة في الغرب وكيف يتحرّك القضاء. سرّ التوقيت وعلاقته بالخيارات الرئاسية ممّا يهمّ أمن «إسرائيل». ممنوع وصول رئيس لفرنسا ينفتح على سورية غداً. هذه هي الرسالة «الإسرائيلية» عبر الاستخبارات الفرنسية. ومَن يودّ أن يقرأ الأمر غير ذلك مكابر أو منبهر بكذبة الديمقراطية ومكافحة الفساد في الغرب.

سيكتب تاريخ الحرب أن خطة الجيش السوري للتقرّب نحو الرقة قمة الذكاء الاستراتيجي، من بدء التمكين في دير الزور إلى تخطّي الباب صعوداً نحو تادف وصولاً إلى دخول تدمر واكتمال مثلث القوة وصناعة التحولات والتوازنات التي غيّرت وجه الحرب مع «داعش»، وفرضت على الجنرالات الأميركيين تغيير خططهم. فصول لاحقة ستحكي الكثير عن الفارق بين أعظم جيشين يلعبان الشطرنج على رقعة شرق سورية. يفترض أن أحدهما منهك ومشتت والآخر متماسك ومرتاح لوضعه. طبعاً بعدما أخرج الجيش الإنكشاري عملياً من المسرح بضربة «كش ملك» وتبدّل موقع الأكراد بلعبة «تبييت ملك وقلعة». وسام جنرال الحرب سيكون من نصيب الرئيس بشار الأسد بلا مجاملة كما وسام المفاوض الأول في خطة الدبلوماسية السورية في جنيف تحمل اسمه. ومن حوله معاونون عسكريون ودبلوماسيون ترفع لهم القبعة. الإنصاف قبل الحبّ يقتضي قول هذا لمن يفقهون.

قانون الانتخاب الذي سيبصر النور سيقول للبنانيين إنّ سقف أحلامهم لا يزال حفظ السلم الأهلي بين الطوائف، لا قيام دولة مواطَنة فوق الطوائف.

انتباه: لا تتعبوا في البحث في نصوص الديانات لإنتاج نصّ مدنيّ أو وحدويّ يحارب الفتن ويمهّد لتجاوز التخلّف. بل دعوا الدين شأناً شخصياً واكتفوا في الشأن العام بإعلاء شأن رجال الدين الذين يعيشون التواضع نمط حياة والزاهدين بالدنيا ومغانمها ومباهجها من متصوّفين ومتنسّكين، سواء تدخلوا في السياسة أم لم يتدخلوا، لأنّ هذا هو معيار التقدّم لمكانة المبشّرين بالله الذين يؤمنون بالآخرة وفناء الدنيا وهو جوهر كلّ دين. وحقّروا وسلّطوا ألسنتكم على رجل الدين الذي يعيش الدنيا بدلاً من الآخرة التي يدعو إليها، وكل من تكثر عليهم علامات البذخ والرخاء والسلطة المعنوية والمادية ومظاهر التكبر والتفاخر والتعالي والغرور والتنمرد والتنمّر والتغوّل. لو صار هذا سلوك الدول والمجتمعات لاصطلح شأن الدين وشأن الدينا.

باسل أنت قويم مستقيم والأعرج هو العربي. ولأنك باسل العربي صرت باسل الأعرج.

عندما يسأل الناس أنفسهم يعرفون صدقية ما يدّعون. في يوم المرأة العالمي تكثر المعايدات ويبقى السؤال للرجل: هل يتحدث عن حقوق المرأة بينما هو يتسقوي على زوجته أو أخته أو أمّه أو ابنته لمجرد كونه رجلاً، فيبيح لنفسه ما يمنعه عنها، ويمنّنها بما يوفره لها أو يذكرها بأنها الأضعف. هذا عدا الاستقواء الجسدي الذي يترجم بالعنف أحياناً من باب المسؤولية الجزائية في ادّعاء حق العقاب. وللمرأة: هل تتحدّث عن المساواة ولكنها تريد الاستقواء برجل وتشعر بالضعف بلا غطائه وتبحث عن زوج يغنيها عن العمل ويريحها من مواجهة تحدّيات الحياة وتعتبر أنوثتها رأس مال توظفه بشكل محدود ونسبيّ أو على مدى أوسع لتحقيق درجة من الحضور المتميّز عن الرجل، لكن وهي تدرك أنها ترتضي معاملتها، بـ«كوني جميلة» وتعترض على «اصمتي»… وتتطلع للمهن التي توظف فيها أنوثتها للنجاح السريع. هنا في حالتَي الرجل والمرأة يصير يوم المرأة العالمي يوماً للنفاق العالمي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى