سورية ليست ساحة سائبة والعدوان يجابَه من اية جهة أتى
اياد موصللي
هنالك مثل لبناني يقول: «ألف قلبة ولا غلبة…»
هذا المثل استقاه الأقدمون من النفسية والروحية العربية والتي تجسّدت في الآونة الأخيرة في كثير من المواقف والتقلبات والمناورات والتهرّب من مجابهة الواقع بكلّ وضوحه..
وزير خارجية مصر صرّح بالأمس فقال: «الأزمة السورية مقبلة كلّ تسوية سياسية، وكلّ الدول ابتعدت عن الحلّ العسكري، وانّ فكرة عودة سورية إلى الجامعة العربية لا بدّ أن تأتي. وقال انّ الجامعة العربية هي حاضنة العمل العربي المشترك، وايّ خلافات يجب استئصالها وانّ مصر تركز حالياً على المسار السياسي لحلّ النزاع السوري وفكرة عودة سورية للجامعة العربية لا بدّ ان تأتي عاجلاً إنْ لم يكن آجلاً لأنّ سورية ستظلّ دولة عربية وركناً اساسياً في المنظومة العربية…»!!
نريد ان تتغيّر الأساليب والمناورات السياسية عندما يتمّ الحديث عن الوضع القائم في سورية اليوم وضع صنع ونظم وصدر من بلاد العرب ليهدم كلّ العرب الأحداث التي تشهدها وشهدتها سورية هي حرب تدمير وليس معارضة تغيير ولا هي مطالب سياسية تنظيمية ولا سعي وراء التحديث والتغيير لنظام قائم بنظام أحدث وأرقى.. فاستعراض ما جرى خلال ست سنوات من قتل وتهجير وتدمير يوضح انّ الغاية ليست رسالة سياسية.
عناصر وأدوات الأحداث تنبئ عن الغاية والمقصد.. فما علاقة الشيشاني والباكستاني والافغاني والسوداني والبلقاني والتونسي والمغربي والجزائري والافرنسي والاسباني ووو… كلّ هذه الجنسيات.. هل أتت من أجل وضع قانون جديد للانتخابات وقانوناً للأحزاب ودستوراً حديثاً للبلاد ينظم شؤون العباد.. وهل ميدان التغيير هو في أعمال التدمير فنهدم وندمّر حضارات تاريخية لمحو صفحة مجيدة من حقيقة أمة أبت ان يكون قبر التاريخ مكاناً لها في الحياة، فجاءت عناصر الإرهاب لتدفنها في حاضرها وماضيها..
هل تدمير الآثار في حلب وحماة وحمص وتدمر هو مطلب دستوري قانوني يريدون عبره خلق حياة جديدة في سورية.. هل تدمير المساجد وهدم الكنائس وتدنيس المقابر وخطف وقتل رجال الدين من شتى شرائحهم وعقائدهم وتنوّعهم.. هل هذا هو من أجل تثبيت علمانية الدولة او روحانيتها.. الذبح للإنسان كما يذبح الحيوان هل هو رسالة حضارية للمعارضة وخطوط لعناوين بناء دولة المستقبل.. ليسمح لنا وزير خارجية مصر وسواه ممّن ينطبق عليهم المثل: «إذا أردت تغيّر الحال فتلاعب في ما يقال»، ما جرى ويجري في سورية ليس تسوية ولا تبويس شوارب، انّ الذي جرى ويجري وسيجري هو حلّ ناجم عن إرادة وطنية حقيقية أثبتت فعل القوة الإيمانية والروحية وعناصر الانتماء الوطني والتي ينطبق عليها القول: «انّ فيكم قوة لو فعلت لغيّرت مجرى التاريخ»، وانّ فعل هذه القوة في بعض مراحله رسم طريق الحلّ لما جرى ويجري في سورية.. ولو تمكن أولئك الذين رسموا خارطة الأحداث من تحقيق ما رسموا لما كان هنالك حلّ سوى تدمير البلاد وقتل الأحرار من العباد..
لكن السوريين بفعل مادي وقدرة إيمانية، وتجسيد بطولي أثبتوا أنهم أحرار وينتمون لأمة حرة وإذا لم يكونوا أحراراً فحريات الأمم عار عليهم فساروا في الطريق الذي يؤدّي الى النصر والحياة مؤمنين بأنّ الطريق هي طريق الحياة ولا يثبت عليها الا الأحياء وطالبو الحياة.. أما الاموات فيسقطون على جوانب الطريق، فيما يقدّم طالبو الحياة دماءهم وأرواحهم في سبيل وطنهم وأمتهم مؤمنين بأنّ هذه الدماء هي وديعة الأمة لديهم وهي ملكها متى طلبتها قدّموها لها.. وأعادوها لتسقي ترابها وترفع راية عزّها..
هذه المعركة التي رسموا خطوطها ونفذوها على أرض سورية.. وكان الردّ الحازم والموقف الشجاع فخاض السوريون الحرب ضدّ من أراد لهم الشرّ.. لم يخافوا الحرب ولا خافوا الفشل وفرضوا إرادة الحياة.. وهزموا الشرّ وأهله.. هذه هي نتائج العدوان الذي تعرّضت له سورية سقوط المعتدين وفشل مخططاتهم..
سورية لم تتنكّر لانتمائها العربي ولا لموقفها في الجبهة العربية وانّ الأصوات التي بدأت ترتفع من أجل عودة سورية الى الجامعة العربية هي صدى لما كان يفكر به أولئك الذين ظنوا انّ الجامعة العربية ستستمرّ فعل إرادة حازمة إذا كانت سورية خارجها..
يقول وزير خارجية مصر: «الجامعة العربية حاضنة للعمل العربي المشترك واية خلافات يجب استئصالها.. فكرة عودة سورية الى الجامعة لا بدّ ان تأتي.. لأنّ سورية ستظلّ دولة عربية وركناً أساسياً في المنظومة العربية».
ونقول للوزير المصري.. سورية هي السيف والترس في الجبهة العربية والروح في الجامعة العربية، والجامعة بدون سورية هي أشباح بلا أرواح…
انّ التسويات هي في الحقيقة استسلام مقنّع لإرهاب ومؤامرات فشلت..
والمحاولات التركية والاسرائيلية الأخيرة هي لذرّ الرماد في العيون وتجميل الفشل..
فتركيا وجدت معظم الأبواب الأوروبية موصدة في وجهها.. و»إسرائيل» جعلت إيران قميض عثمان من أجل تغطية تحركاتها ودول الخليج لم تتلق أوامر الانسحاب فصمتت..
فشلت المؤامرة ميدانياً، فبعد ستة أعوام من القتل والسلب والخطف والهدم والتدمير أثبت السوريون حكومة وشعباً عن ثبات وصلابة وقوة تجذرهم وربطوا الحاضر بالماضي، فهذا هو تاريخ سورية.. شعب متضامن متضافر يشدّ بعضه بعضاً كالبنيان المرصوص.. وما جرى اليوم من محاولات ألبست لبوس التغيير السياسي والذي يخفي أفكاراً تقسيمية تؤدّي الى تحقيق المخطط الإسرائيلي بتفتيت البلاد وإثارة الانقسامات..
هذه المحاولات جرى كثير مثلها في التاريخ وأفشلها السوريون بوحدتهم وتضامنهم وإيمانهم، انه في الوحدة القومية تضمحلّ العصبيات المتنافرة وتنشأ الوحدة الوطنية والقومية الصحيحة التي تتكفل بإنهاض الأمة..
فرنسا في بدء انتدابها للبلاد قسّمت سورية أربع حكومات لأربع مناطق طائفية..
حكومة سنية في حلب، وحكومة علوية في اللاذقية، وحكومة سنية ثانية في دمشق، وحكومة درزية في السويداء..
ثار العلويون وثار الدروز وثار السنة رافضين هذا، وقاتلوا من أجل وحدة البلاد ونجحوا وقضوا على مؤامرة التقسيم.. قائلين فاعلين نحن أبناء أمة واحدة لا يفرّقنا عنصر ومذهب او دين..
وانتصر السوريون اليوم بقوة وحدتهم ووطنيتهم وأفشلوا كلّ محاولات التجزئة والتفتيت ومخططات «إسرائيل» وتركيا..
فما حصل ليس تسوية سياسية، انه حدّ فاصل بين الإيمان وإرادة الحياة المنتصرة في الميادين العسكرية والسياسية وبين منهزمين يريدون تراجعاً وانكفاء بدون زحف..
والجامعة العربية التي أطلقت شعار مقاطعة سورية شعرت بالضعف فسعت أيضاً لإخفاء حشرجة موتها عبر مصل عودة سورية اليها..
نعود فنكرّر انّ فيكم قوة لو فعلت لغيّرت مجرى التاريخ..
انّ هذه القوة ظاهرة فاعلة صامدة وانّ موقف رئيس الجمهورية في سورية وإعلانه انّ كلّ من يتدخل عسكرياً في سورية دون موافقة الحكومة السورية يعتبر معتدياً وينطبق هذا على أميركا وتركيا..
هذا جواب لكلّ المستفسرين:
نحن قوم لا نلين للبغاة الطامعين…