التواطؤ العربي لم يطفئ خوف «إسرائيل» من قوة المقاومة وتناميها
اياد موصللي
المخطط الاسرائيلي الجديد أصبح يرتكز على قيام عملية سياسية تؤدّي لتحريك مشروع التسوية المتعثرة حالياً وهذا المخطط أصبحت له قواعد جديدة وأسساً جديدة، فبدلاً مما كانت تعتمده «إسرائيل» وترتكز عليه وهو القوى الغربية والدعم الأميركي، أصبحت المخططات والسياسة الجديدة مبنية على الاعتماد على تأييد دول عربية لتحقيق مشروعها للتسوية المقبلة وتصفية المسألة الفلسطينية وإغلاق هذا الباب الذي كما يقول المثل «الباب الذي تأتي منه الريح أغلقه واسترح».
ويبدو انّ تنسيقاً قد جرى بين أميركا و»إسرائيل» مع دول عربية خليجية يقضي بإنهاء الموضوع الفلسطيني حيث توضع مشاريع تؤدّي بأجمعها الى تسوية نهائية للمسألة الفلسطينية وهذه التسوية تنال موافقة عربية مع ما تحمله من تنازلات يعمل بنتيجتها الفلسطينيون بهذه التسوية ويستبعد حلّ الدولتين مع بقاء السلطة على وضعها الحالي..
هذا السيناريو الذي يطبخ بهدوء وتشارك في وضعه ببصمة إبهام اليد أنظمة عربية.. وتحت عناوين مشاريع التسوية والتوافق تتمّ التصفية النهائية عبر استبعاد او تأجيل حلّ الدولتين بحلّ ظاهره مؤقت يقضي بتقوية السلطة القائمة وتثبيت الوضع القائم ودعمه وتقويته.. وأخذ الموافقات العربية حيث يمضي المشروع الإسرائيلي كما وضعه نتن ياهو بالتوسع ويقضي بضمّ مناطق فلسطينية جديدة وتوسيع الاستيطان ومصادرة ما يحتاجونه من أراض دون إيقاف المفاوضات ولا مشاريع التسوية التي تطرح وإبقاء الوضع القائم على حاله.. واتهام السلطة الفلسطينية بعرقلة الحلّ النهائي.
وتقول صحيفة «يديعوت احرونوت» انه تمّ الاتفاق على البناء وتوسيعه عبر المستوطنات القائمة.. بينما يرغب نتن-ياهو بتوسيع المستوطنات القائمة وبمساحات جديدة..
كلّ هذا الذي يجري وينفذ تحت بصر وسمع دول العالم دون اية اجراءات او ردّة فعل لإيقافه لا بل ما يجري هو مباركة وموافقة ضمنية من جهات عربية ودولية وتقوم «إسرائيل» بصرف الأنظار وتوجيه الاهتمام الى ناحية أخرى بإثارة مواضيع جانبية تتعلق بالخطر الإيراني الذي يتهدّد «إسرائيل» عبر حزب الله وتسليحه..
والجديد في ناقوس الخطر الذي قرعته «إسرائيل» مؤخراً هو انّ الميناء البحري الذي زعمت «إسرائيل» انّ إيران تنوي بناءه في منطقة اللاذقية السورية والذي يقع ما بين طرطوس وأرواد.. ويأتي قرع هذا الناقوس خلال إثارة «إسرائيل» الضجة حول أنشطة إيران العسكرية في سورية والشرق الأوسط…
فالخطر البحري الإيراني الذي أثارته «إسرائيل» وجعلها تبحثه مع الروس.. هذا الخطر أصبح الهاجس الفعلي والذي كان الدافع الأساس من وراء زيارة نتنياهو لموسكو واجتماعه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقد أبدى نتن-ياهو مخاوفه أمام الرئيس الروسي من التهديد الإيراني وحزب الله المتعاظم الوجود في سورية.. حيث تمضي إيران بمشروعها لبناء ميناء عسكرياً بحرياً في سورية..
وترى «إسرائيل» انّ هذا الميناء سيشكل منطلقاً للقوات الإيرانية لدعم حزب الله في اية مواجهة قد تنشأ بينه وبين «إسرائيل».
وتركز التقارير الإسرائيلية على الخطر الإيراني المتواجد والمتنامي في سورية مما سيؤدّي الى تنامي القوة ورجحانها..
زيارة نتن ياهو لروسيا هدفها الأول والأخير كان هذا الميناء وقد قام رئيس المخابرات الاسرائيلية الذي رافق نتن ياهو بشرح مشروع الميناء الإيراني أمام الروس وما يشكله من أخطار على «إسرائيل». وتؤكد المعلومات والتقارير الواردة من «إسرائيل» مدى القلق والخوف من ان يؤدّي الخلاف الإيراني الأميركي الى ان تدفع «إسرائيل» الثمن.. عبر ما ينتج عن وجود هذه القاعدة الإيرانية من إخلال بالتوازن العسكري والتفوّق الذي تمتلكه القوة العسكرية البحرية الاسرائيلية..
المصادر الأمنية الإسرائيلية حذّرت من أنّ «الميناء الإيراني» في سورية، يتيح للجيش الإيراني حرية مناورة وعمل عسكري أوسع في مواجهة «إسرائيل»، إذ مسافة 170 ميلاً بحرياً فقط تفصل اللاذقية عن الساحل الإسرائيلي، وهي «مسافة مائية قصيرة جداً»، تمكّن طهران من الاحتكاك السريع مع البحرية الإسرائيلية، و«تمكّنهم أيضاً من مراقبتها في الحالات الروتينية، أما في حالات الطوارئ، فسيتمكنون من الانضمام سريعاً إلى حزب الله، في أيّ مواجهة قد تنشب بينه وبين «إسرائيل»… الأمر الذي يفرض على سلاح البحرية إعادة تقدير الوضع، وإعادة الانتشار بناءً على التحديات المقبلة». وتضغط فيه تل أبيب على موسكو لمنع «الخطوة الإيرانية»، بما يشمل حثها على قطع الطريق على «لواء القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني باتجاه سورية، يسعى الإيرانيون إلى فتح الطرق التي توصل السلاح الإيراني الى مقاصده… إلا أنّ الميناء البحري الإيراني، المنوي لاحقاً إقامته، وكذلك الممرّ البري من العراق، هي استعراض إسرائيلي لتهديدات آتية، مرتبطة بالتطورات الميدانية الأخيرة في سورية، وبمرحلة ما بعد الانتصارات التي حققتها الدولة السورية وحلفاؤها. هي ضمن سلة نتائج الانتصار، أقله من ناحية نظرية، وليست حالات منعزلة عن الانتصار نفسه. رفع الصوت الإسرائيلي عالياً، تحذيراً من هذه النتائج، هو في واقع الأمر، تحذير من انتصار الدولة السورية ومن انكسار مشروع إسقاطها.
الموضوع السوري والدعم الروسي والإيراني والنتائج التي حققها الجيش السوري ميدانياً أصبح الفزيعة التي تقض مضاجع «إسرائيل» بعد فشل مشروعها في إسقاط سورية كدولة وتفتيتها كشعب.
لذلك بدأ الإعلام الإسرائيلي في دق ناقوس الخطر واثارة الضجة طلباً للعون والدعم مستغلاً الاوضاع المتدهورة بين طهران وواشنطن بعد مجيء ترامب المتعاطف مع اسرائيل..
امام هذا الموقف والمحاولات الاسرائيلية، على شعبنا بمنظماته المتعددة والمتنوعة في ايدولوجياتها وولاءاتها القطرية وتنافر قيادتها، ان تقتنع بوحدة قرارها. إن استرجاع فلسطين مصلحة فوق كل مصلحة، فتعمل لتحقيق هذا الهدف بتوحيد البندقية والراية… فعودة فلسطين هي الدين والدنيا، فلا حماس ولا جهاد اسلامي، ولا فتح ولاجبهة شعبية بتنوعها، ولا ديمقراطية ونضال، ولا صاعقة، ولا ولا… بل يد و ارادة فلسطينية واحدة تضع حدا للشرذمة وتضع حدا للهرولة والزحف وراء اولئك الذين جلبوا الويل والكارثة، وتقبر التخاذل والمتخاذلين، تنظف بيتنا الداخلي وتفتح القبور للخونة والمتعاملين مع العدو او مع الانظمة المتواطئة معه. ويصبح نشيدنا واحدا، «كلنا للوطن… يا بالوطن يا بالكفن» نجعل فلسطين اغنية اطفالنا اليومية ـ نستبدل كل اسم باسم فلسطين كولا والشوكولا فلسطين، اذ ننام او ننهض كل فرد فينا بدلا من التحية اليومية نرفع اليد عاليا ونصيح تحيا فلسطين ونعلن توحد هدفنا وقرارنا وارادتنا… ونوقف الزحف المشين وراء «المحميات» ونعلنها وقفة عز وعندها وعندها فقط سنحقق اروع انتصار لاروع شعب وليرى بعدها العالم مواكب العز تسير تحت رايات النصر معلنين ان زمن الهزائم قد ولّى…
وتبقى اسرائيل اسيرة اوهامها ومخاوفها..