سورية… وفائض الإرهاب والعدوان المستمرّ
راسم عبيدات ـ القدس المحتلة
الجماعات الإرهابية التي ارتكبت التفجيرات الإجرامية في دمشق، ومن قبلها في حمص، لم تقم بذلك بشكل عشوائي أو غير منظم او بدون هدف، بل هذه الإعمال الإجرامية رتب لها مشغّلو تلك الجماعة الإرهابية بدقة وعناية، لتحقيق جملة من الأهداف.
الإرهاب والجماعات الإرهابية تواجه انتكاسات وهزائم ميدانية متتالية، ولم تنجح بإحداث أيّ تعديل في الواقع الميداني لصالحها، والقوى المشغلة لها لا تريد للوضع في سورية ان يستقرّ ولمشروعها ان يدمّر بعد ضخّ وصرف مليارات الدولارات عليه، وهذه الخشية مصدرها الأساس واشنطن وأنقرة والرياض، العواصم الثلاث تعلم جيداً أنّ هناك قراراً أممياً بوقف إطلاق النار في سورية وتشكيل لجان مراقبة دولية له وكذلك فصل الجماعات الإرهابية عن غير الإرهابية، رغم قناعتي الشخصية بعدم وجود أيّ جماعة غير إرهابية، ما دامت أجنداتها وأهدافها مرتبطة بالخارج، وأميركا وتركيا والسعودية، لكلّ منها أطماعها وأهدافها في سورية، والمشروع الأميركي قائم على تقسيم وتشظية سورية الى أربعة أقسام، وهي تريد أن يكون لها حصة في سورية، حيث تقوم بإرسال قوة احتلال من المارينز الى الشمال السوري وتدعم ما يسمّى بقوات سورية الديمقراطية من أجل الاستعداد لما يسمّى بمعركة الرقة، ولذلك هي تبحث عن مناطق سيطرة ونفوذ مناطق آمنة ، وأبعد من ذلك الهدف منع أيّ تواصل ايراني جغرافي مع العالم العربي، وأجزم بأنّ الوضع السوري كان في صلب محادثات ولي ولي العهد السعودي مع الرئيس الأميركي وإدارته الجديدة في زيارته لواشنطن، فالسعودية مشغّل رئيسي لتلك الجماعات وأحد شرايين الدعم المالي المركزية لها، وتركيا أيضاً، هي من تمتلك السيطرة على 70 من تلك الجماعات الإرهابية، ولم تقم بجلب تلك الجماعات الإرهابية الى مؤتمر «أستانة 3»، وبقيت تماطل في المؤتمر حتى لا يفضي الى ايّ نتيجة او اتفاق، ولم تقدّم خريطة تفصل الجماعات الإرهابية عن غيرها، وكان واضحاً بأنها تهدف لتفجير المؤتمر، حتى تعلن سورية عن وقف محادثاتها وبالتالي تتحرّر هي من ضغط الموافقة على إدانة العمليات الإرهابية والالتزام بفصل الجماعات الإرهابية عن غيرها، وهي لم تتخلّ قط عن أطماعها في الجغرافيا السورية، بل هي تزداد يوماً بعد يوم، ولا يمكن الوثوق بالمتغطرس والعنجهي أردوغان، وفقط يتأتى ذلك من خلال نقل المعركة والإجرام الى وسط تركيا وقلبها.
الأهداف واضحة هنا من المشغلين تصعيب المسارات السياسية في جنيف وأستانة والضغط على الحكومة السورية لتعديل جدول الأعمال في تلك المسارات، والتراجع عن شرط الفصل بين الجماعات الإرهابية عن غيرها… ولذلك على الدولة السورية ان لا تمنح أيّ جائزة للإرهاب، الإرهاب المهزوم يفقد صوابه ويرتكب إجرامه صحيح، ولكن الجيش والقوى الأمنية بخبراتها وتجاربها عليها بذل المزيد من اليقظة والتحصين والمراقبة… وعليها ان تُفشل أهداف الإرهاب والمجموعات الإجرامية عبر مواصلة ملاحقتها واجتثاثها.
الحرب العدوانية على سورية التي تدخل عامها السابع، تشارك فيها «إسرائيل» بشكل مباشر، فهي معنية بالدرجة الأولى، بعدم استقرار الأوضاع في سورية، وعدم استعادة سورية لعافيتها وقدراتها العسكرية، وهي تستشعر خطر فتح جبهة الجولان على أمنها ووجودها، ولذلك سعت أكثر من مرة في دعمها للجماعات الإرهابية، وبالذات ما يسمّى بجبهة النصرة و»داعش» الى إقامة شريط أمني ومنطقة آمنة تفصل الجيش السوري والقوى الرديفة عن الجولان، تمتدّ من القنيطرة وحتى حدود بلدة الغجر في الجنوب اللبناني، وقدمت كلّ الدعم والتسهيلات لتلك الجماعات الإرهابية، من العمل الاستخباري واللوجستي والخدمات الطبية والعلاج في مستشفياتها، والتسليح والمشاركة الفعلية في الحرب الى جانبها، من خلال قصف العديد من المواقع العسكرية والأمنية داخل الأراضي السورية، وسورية الذي يحارب جيشها على اكثر من جبهة وساحة، لم يكن مستعداً او جاهزاً لفتح جبهة اخرى، وفي أغلب المرات، لم يكن رد سوري على عمليات القصف تلك، ولكن المعادلة الآن تغيّرت بشكل جذري، فسورية بعد استعادة حلب وتدمر وأجزاء واسعة من الوطن، والهزائم المتتالية للجماعات الإرهابية ومشغليها، فالجيش السوري بدأ ياستعادة عافيته وسيطرته الفعلية على الأرض، ولذلك عندما أقدمت طائرات الاحتلال أمس على قصف أهداف في سورية، تعاملت معها الدفاعات الجوية السورية، وهي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبغضّ النظر عن سقوط طائرة معادية أو عدم سقوطها، المهمّ انّ مرحلة جديدة في التعامل مع العدوان الإسرائيلي، قد بدأت، وهي تقول للإحتلال بأنّ سورية لن تتخلى عن الجولان، وأرض الجولان لن تكون غير سورية، وأوهامكم التي باعها لكم العديد من قادة مرتزقة الجماعات الإرهابية، بعقد اتفاقيات سلام معكم تضمن لكم السيطرة على الجولان، لن يكتب لها النجاح، وقوانين ضمّكم وتهويدكم للجولان ستذهب أدراج الرياح، والقوى التي تشجعكم على ضمّها، تعرف تماماً بأنها تخرق القانون والاتفاقيات والمواثيق الدولية، ولكن نحن ندرك بأنّ تلك القوى هي سيدة الإرهاب في العالم أميركا وقوى الاستعمار الغربي «تعهر» وتطوّع المؤسسات الدولية لخدمة أهدافها ومصالحها، وتبقي على دولة الإحتلال الإسرائيلي، كدولة فوق القانون الدولي، فهي الخادم والشريك الاستراتيجي لها في المنطقة.
من الآن فصاعداً لن يكون نزهة، ليس قيام طائرات الإحتلال بقصف أهداف سورية، بل التحليق فوق لبنان أو فلسطين المحتلة والجولان المحتلّ، فالرادارت السورية قادرة على اكتشافها، وتوجيه الدفاعات السورية للتصدّي لها وإسقاطها.
فائض الإرهاب الموظف من قبل قوى دولية وإقليمية وعربية للضغط على سورية، من أجل تقديم تنازلات تمسّ بهيبة سورية وموقفها وكرامتها ووحدة جغرافيتها، لن ينجح في تحقيق أهدافه، وهو يعبّر عن حالة إفلاس وإرباك في صفوف تلك الجماعات الإرهابية ومشغليها، وسيستمرّ الجيش السوري في تطهير أرض سورية من دنس الإرهاب، وتوسيع دائرة المصالحات المجتمعية، حتى يسقط المشروع العدواني وأهدافه وأدواته.
أما «إسرائيل»، فهي تدرك جيداً بأنّ جبهة الجولان وجبهة الجنوب اللبناني ستفتح عليها، ليس فقط من قبل الجيش السوري وحزب الله، بل من قبل حلف المقاومة ومحورها الممتدّ من الناقورة إلى طهران…
Quds.45 gmail.com