ماجدة الرومي تشعل استقلال تونس بفنّ نظيف… وهكذا تردّ على منتقديها
جهاد أيوب
بعد وصول صدى نجاح حفل الماجدة ماجدة الرومي في تونس لمناسبة عيد استقلال الخضراء وتميّزه وتفرّده، اتصلتُ بها سعيداً مطمئناً، ومفتخراً بها، ومحمّساً لها، ومتضامناً معها بعد تعليقات «سخيفة» تقزم المشاركات العربية في «أفراحنا العربية»، وتقوقع فنوننا بحجّة أنّ كلّ فنان عليه أن يحتفل بأعياد بلاده، ولا دخل لأرواحنا المتعانقة مع ريح الانتصارات والمحبة بما يحدث عند «الأشقّاء». كانت ساعات الصباح الباكر تحمل تواضع ماجدة المشغولة بفرح النجاح، كأنها طفلة تنتظر الكلام الجميل على تميّزها. صوتها يحتضن حنان بلادي، ويحمل في طيّاته كلّ القلق والخوف علينا ومنّا. هنا ينشغلون برغيف الخبز، وبالانتقادات الجارحة، وهناك حيث صوّرنا يكرّموننا، ونفرح معاً في إشعال الشمس.
بادرتني ماجدة الرومي بالقول: «بعد انتهاء الحفل الأسطوري، وتجاوب الشعب التونسي كباراً وصغاراً، شيوخاً وأطفالاً مع كلّ همسة، كلمة، نغمة من فرحي، لم أكن أملك إلا الإحساس بانتصاري بالله والحق والخير الذي أتمنّاه لكلّ العرب ولكلّ الشعوب ولكل لبنان… والنور والمجد السعادة والتميّز الذي لا يليق إلا لبلادنا ان تتمتع به… ومجد تونس الدولة والهيبة كان حاضراً مع كل تصفيق ونجاح وتسامح، كم يليق النجاح بتونس وأهلها. لقد اخترت طريق إسعاد الناس، وأشعر أنّ ربّنا اختارني لهذه المهمة».
وختمت شاكرة كلّ من ساندها ووقف إلى جانبها، وكلّ من حضرها وتابعها.
بهذه الكلمات، اختزلت الماجدة كلامها ونجاحها وتميّزها في تونس. لن أتحدث عن الحفل فلم أكن هناك، فقط أشير إلى ما تناقلته وسائل العالم الافتراضي على «فايسبوك» و«تويتر»، وما اتحفتنا به الصحف التونسية من كلمات رنّانة تعانق السماء، وتلغي الكثير من فوضى ألسنتنا وأحقادنا، وجفاف حبر محبتنا لنجاحات غيرنا.
من حضر علّق بمفردات أوسمة على صدورنا، ها نحن في لبنان ما زلنا نصدّر زنابق الثقافة، وبيارق الغناء الجميل، وما زلنا نؤمن بأن لبنان هو شريك في صناعة فرح «الأشقّاء» مهما تكالبت علينا الظروف، ومهما تشاركنا في صنع فقرنا وانحلالنا.
من انتقد ماجدة الرومي لكونها لبنانية تغني في احتفالات عربية، خاصة نقيب الفنانين التونسيين، وتضامنت معه النقيبة اللبنانية نذكرّهما بما كان لربما تفتح ذاكرتهما على أمّة صنعت أمجاد الفرح شراكة، ولم تكن يوماً منغلقة، وهذه صفحات الذاكرة تقول: عيد العرش المغربي كان الملك يصرّ أن تكون الأسطورة صباح تاجه، وغنّت أروع الأغاني المغربية، وأنا احتفظ بها في مكتبتي الخاصة، ولا أحد يستطيع إلغاء إحياء صباح أعياد الكويت، وسورية، ومصر، والعراق، واليمن، وعُمان، والأردن، وتونس الخضراء، والجزاير، والبحرين والسودان. ولو أردنا فتح الملفات الجميلة لاحتجنا إلى مجلدات.
وكذلك للكبير وديع الصافي أمسيات لا تُنسى في عيد العرش الملكي المغربي، والرائع عبد الحليم حافظ كان كّل سنة يُحيى أفراح المغرب، وجارة القمر فيروز والرحابنة زيّنوا كلّ أعياد ومناسبات سورية والعراق والبحرين. وفريد الأطرش وأم كلثوم. ولكن ولتنشيط الذاكرة، كان الفنان اللبناني يحصد أكبر نسبة مشاركات العرب في أعيادهم، وجال العالم ليغنّي لبنان، ويقدّم تراثنا بثقة وكبر، ويحمل «رايات العرب» بسعادة.
هذا شرف، وتقدير للفنان اللبناني وليس عيباً، فهل نتنازل عن هذه الميزة التي تخصّنا وتسعدنا، ونفتخر بأن الفنان اللبناني هو الشريك الفعلي لأفراح العرب؟
شكراً ماجدة الرومي، أنت تحملين راية من سبقك بكل ثقة ومسؤولية، لن نسمح بالتطاول عليك لأنك تسعدين العرب، ولن نقبل انتقادك لأنك في كل مناسبة تزيّنين ما تبقّى من «أعراس الشعوب العربية»، وتكونين متألّقة فيها. وكما لن نغفل عن جهود لبنانية نصدّرها بعيداً عن التقاتل والفقر من أجل أن نقول للعرب نحن أهلكم، وصوَركم صورنا.
نحن في لبنان نسعد لبقايا وجود رايات فنّية نظيفة، ولا عقدة لدينا إذا شاركنا العرب والعالم أفراحهم، خصوصاً إذا كانت نُخبُنا المبدعة أمينة على تقديم إشراقات فنوننا بنظافة وعطر المسؤولية كماجدة الرومي.