الردّ السوري على العدوان والإرهاب… «نحن قوم لا نلين للبغاة الطامعين»
اياد موصللي
كان المثل يقول: «من بيت أبي ضُرِبْت»، اما اليوم فتغيّر المثل مع تغيّر المعادلة.. من بيت أبي ضَرَبْت، هذا البيت الذي تعلمنا فيه ومنه «لنا الصدر دون العالمين او القبر.. وأنشدنا بلادي بلادي فداك دمي.. لم نعد نهزّ السيف دون ان نضرب، بل عدنا نضرب بالسيف وأصبح السيف بالنسبة لحاضرنا أصدق انباء من الكتب..
هذا هو الأسلوب الجديد الذي تتعامل به سورية وحلفاؤها مع العدو وإرهابه.
لقد مرّت على بلادنا فترة أصبح العدو خلالها متمادياً الى أبعد الحدود بعد ان أتخمه الدعم الدولي وغضّ الطرف على تعدّياته وتجاوزاته وسلبه الحقوق والأوطان.. الآن تغيّر الوضع وأصبحت لغة الصمود والتصدي ومواجهة العدوان والإرهاب وأدواته هي اللغة التي نتحدّث بها ونخاطب العدو بلغة العين بالعين، فنحن أهل القول والفعل.
لقد ساد الاعتقاد لدى الإسرائيليين بأنهم يمثلون مخطط وفلسفة روحانية بأبعاد دينية ودنونية أمر بها الله. لهذا تمادت مؤامراتهم وامتدّت إلى كلّ الجهات والبلاد، فعدوانهم قائم ومبنيّ على بعث الروح اليهودية المنطلقة من الاعتقاد بأنّ على فلسطين ان تحكم العالم سياسياً واقتصادياً ودينياً بواسطة اليهود القائمين على رأس الأعمال في كلّ أمة من الأمم. فأصبحوا يغيرون بطائراتهم ويقذفون صواريخهم دون خشية ردّ…
الآن حدّدنا المرض وكشفنا مصدره وجرثومته في العمالة والتواطؤ عبر مدارس الخيانة وحدّدنا اسلوب الردّ.. وحدّدنا المرض بالتشخيص المبني على شهادات تخرّج مارسنا دروسها وأجرينا تمارينها على أرض التجربة والمعاناة الحسية والعينية، فهل يبقى دورنا هو هذا وتنتهي مهمتنا…؟ أم أننا نؤمن بأنّ فينا قوة لو جرى تفعيلها لغيّرت مسار التاريخ، وهل ستفعل تلك القوة أم تبقى حبيسة الإرادات المتخاذلة، انّ إيماننا بقضيتنا إيمان حق وإرادة لا إيمان إحساس وتوسلات وهذا يجعلنا نرى المستقبل الزاهي يشرق على أمتنا والإرادة الحرة سوف تحقق ذاتها بما يؤدّي إلى انتصارنا. فليس عاراً ان ننكب ولكن العار كلّ العار ان تحوّلنا النكبات من أمة حرة الى أمة ذليلة مستعبدة مكبّلة بقيود الذلّ والعبودية والاستسلام. اذ تمرّ على الأمم الحية القوية المحن والصعاب بل والنكبات، فلا يكون لها خلاص منها إلا بالإرادة وبالبطولة المؤيدة بصحة العقيدة، وانني لأرى في أجيالنا المعاصرة وما استشفه من أجيالنا القادمة الأمل الكبير في تحقيق إرادة الأمة إرادة الحياة والبقاء والاستمرار، لأنّ العمالة والاستسلام قد أعطت رصيدها، وانّ املاءات القوى التي توغّلت في أرضنا ونفوسنا لم تعد تستطيع ان تفرض المزيد، وانّ سنوات إهمال الحقوق وبصم صكوك الاستسلام قد شارفت على النهاية، فإذا كان أجدادنا قد شاهدوا الفاتحين وعاشوا تحت ذلهم وظلهم، فإنّ أبناء أمتنا في أجيال الحياة الجديدة والإرادة الجديدة سيضعون حداً للفتوحات، انّ فجراً جديداً بدأت خيوطه تلوح في الأفق. وما الردّ السوري الأخير إلا صورة عما سيكون.
«انّ رجال الدين اليهود يؤكدون انّ حرب ياجوج وماجوج، وظهور المسيح اليهودي المنتظر الدجال سيقعان وتبدأ هذه الأحداث الكبرى بهجوم مباغت تشنّه دول عربية واسلامية ضدّ «إسرائيل» بعشرات آلاف الصواريخ وستنطلق هذه الحرب من طهران، حسب ادّعائهم هذه هي الحرب الشاملة ضدّ «إسرائيل»، ويتحالف في هذه المعركة كلّ من سورية ولبنان والعراق، فتتساقط الصواريخ على «إسرائيل» من الشمال والجنوب في اللحظة نفسها، وينجح تحالف إيران سورية وحزب الله في إلحاق أضرار كارثية بـ«إسرائيل» والتعجيل بملحمة هرمجدون والقضاء على «إسرائيل»، حيث تتشجع دول عربية أخرى على دخول الحرب واقتناص الفرصة لتدمير «إسرائيل» وفي هذه الحرب ستتعرّض المدن الإسرائيلية لضربات صاروخية لم تعرف «إسرائيل» مثلها من قبل، وتتحوّل المدن الإسرائيلية الى جحيم حقيقي. هذا الخيال الإسرائيلي سيتحوّل حقيقة وفق المنهج السوري الجديد.
وسيتسبّب هذا الهجوم في شلّ «إسرائيل» تماماً وتمتلئ المستشفيات عن آخرها بالجرحى والمصابين، بحيث لا يوجد مكان لاستيعاب الجرحى، ولا قدرة على دفن القتلى في أمان من عمليات القصف المستمر.
ومما يزيد الطين بلة حسب تفسير الحاخامات لنبوءات الكتاب المقدس فإنّ «إسرائيل» ستواجه بمقاومة من داخلها تسهم في القضاء عليها، وهي المقاومة المتمثلة بمواطني الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، الذين لا بدّ أن يستغلّوا الوضع الكارثي الذي ستواجهه «إسرائيل»، ليبدأوا انتفاضة من الداخل فيؤكدون ولاءهم الوطني والقومي، وينتهي الأمر بزوال كيان العدو الإسرائيلي…
هذه الانتفاضة من الداخل يجري التخطيط لها من اليوم، ويتولى المهمة ضباط سوريون ومقاومون لبنانيون نجحوا في تجنيد العشرات من الشباب الفلسطينيين داخل الخط الأخضر ممن يسمّون أنفسهم «كتائب تحرير الجليل».. التي تخزن السلاح منذ سنوات في القرى الفلسطينية والكهوف الجبلية. كلّ هذا الدمار الذي ينذر به الحاخامات أتباعهم في «إسرائيل» لا يمثل شيئاً يذكر بالمقارنة مع الزلزال العنيف الذي سيضرب «إسرائيل» على يد المقاومة وقوة الردع فـ»تسقط أبراج تل ابيب على رؤوس سكانها» كما قال النبي دانيال، وتنهار بيوت اليهود العلمانيين الذين حصّنوها وجعلوها كالقلاع… ويقول الحاخام افراهام الياهو «وسيخسرون ما بنوا، ويبكون عليه بكاء مراً، الزلزال الذي سيضرب اسرائيل لن يبقي ولن يذرّ، وقد ورد ذكره في سفر دانيال الاصحاح 38، كجزء من شروط اندلاع حرب «ياجوج وماجوج».
انّ إيماننا بإزالة هذا الكيان الغاصب لا يعتمد على نبوءات حاخامتهم وأقوال انبيائهم، بل على ما نؤمن به نحن وما قرّرناه نحن وانّ إرادتنا وقرارنا هو القضاء والقدر.
وقد ورد كلّ هذا التنبّؤ في الصفحة 50/51/52 من كتاب أكاذيب لمجدي كامل .
انّ ما يتنبأ به الحاخامون هو من حقائق الحياة والتاريخ، فالفجور الإسرائيلي هذا هو ثمنه، وهو ليس من أعمال الغيب ولا القضاء والقدر، بل على قاعدة «وعلى الباغي تدور الدوائر».
لقد كتبت نهاية «إسرائيل» وبدأت فصولها الأولى على الأرض يوم انتفض الجيل العربي الجديد في فلسطين وفي الشتات ليعلن رأيه ويحدّد موقفه ويرسم طريقه عبر تجمّعات مؤمنة بقضيتها باذلة من أجلها دماً آمنت أنه وديعة الأمة فيها متى طلبتها وجدتها، وما امتلاء السجون والمعتقلات إلا صوت من أنغام نفير الجهاد، فهذا الجيل مؤمن بأنّ طريقنا طويلة وشاقة لأنها طريق الحياة وأبناء الحياة ولا يثبت عليها إلا الأحياء وطالبو الحياة أما الأموات فيسقطون على جوانب الطريق… وها هي جثت الجبناء والعملاء بدأت تتساقط، انني أرى جيلاً مؤمنا بأنّ من تقاعس عن الجهاد مهما كان شأنه فقد أخّر في سير الجهاد…
أنا لا أهرش ولا أحلم… انّ تاريخاً جديداً سيكتبه جيل جديد، وانّ حدّ الذلّ قد وصل الى نهايته، انّ إرادة الحياة قد فرضت نفسها وأعلنت عن وجودها يوم ترجمت المقاومة في لبنان وعلى الأرض ما كنا نراه في أحلام النوم واليقظة، وها هي المقاومة بكلّ عناوين العزّ والفخار جاثمة مع الجيش السوري على صدر العدو… عدو الإرادة وعدو الوجود… عدو متخاذل وشعب مستسلم قانع، وعدو الوجود صهيوني متغطرس، بأرضنا ووجودنا في وجه هذا كله بصقت المقاومة وزغردت الصبايا وضحك الأطفال وقبل ان تلوح شمس العز كان وميض نور الكرامة يشعّ من جباه جيل آمن بأنه ينتمي إلى أمة صنعت الحياة…
وأمام هذه المقاومة في سورية كان هتاف الجراح يناديها من فلسطين نحن هنا رفقاء قضية رسالة حياة… توحّدت إرادة العزّ ولاحت بيارقه، وأمام كلّ شهيد، يولد وليد منتش بدماء جديدة يتنشق هواء نقياً مضمّخاً بأريج النبل والبطولة ويناديهم من بعيد صوت مدوّ يقول… سيروا الى الجهاد وما أروع النصر الذي سوف تحققون…
انّ البطولة التي يسجلها ويجسّدها العاملون بصمت بعيداً عن الإعلام، بعيداً عن الضوء والضوضاء، تلك هي البطولة المؤيدة بصحة العقيدة والإيمان هي التي سوف تصحّح كلّ المفاهيم وتؤكد انّ فلسطين انتصرت والأعراب أفلسوا، انّ فلسطين العروبة انتصرت بالإرادات، والأعراب أفلسوا رغم القرارات… وانّ إرادة البقاء أقوى من القرارات والإملاءات…
لقد أثبتت الأحداث الأخيرة التي قام الإرهابيون بمحاولات في منطقة جوبر والغوطة الشرقية وما أطلقوه من صواريخ انهم يحاولون تغطية الحالة الانهزامية التي وصلوا اليها..
وأثبت الجيش السوري وحلفاؤه أنهم يمتلكون القوة والمقدرة والكفاءة لوضع حدّ للعدوان، وانّ مراحل الاسترخاء ذهبت مع الماضي المزري، وانّ وقفة العز هي شعار الأمة ينطلق من الشام، وانّ إرادة الحياة هي الأقوى.. لقد وعى السوريون وقيادتهم القوية الصامدة أنهم أهل الحرب وأهل الانتصار.
انّ جميع المحاولات التي قام بها الإرهابيون لتغيير صورة الهزيمة التي لحقت بهم وبمن يحرّضهم عبر اعتداءات وهجمات فاشلة… أرادوا قبل عقد مؤتمر جنيف تغيير الصورة ومسح البصقة التي ملأت وجوههم، ولكن إرادة الصمود والتصدي أثبتت أنّ السوريين وحلفاءهم سيعيدون ما جرى في جنوب لبنان ويكرّروه وسيضعون حداً لعدوان «إسرائيل» وعملائها..
الصواريخ التي أطلقت من صحراء تدمر سوف تدمّر كلّ عدوان ترسمه وتحاول تنفيذه «إسرائيل»، ونعيد ترداد الترنيمة الحكيمة «انّ اسرائيل أوهن من بيت العنكبوت…» مع نشيد سورية لك السلام سورية نحن الفدى يترنّم بها جنود الجيش السوري.