موسكو تعرف كيف تلجم واشنطن!
سماهر الخطيب
لا يمكن التكهّن بسياسة الولايات المتحدة الأميركية العدوانية التي تعتمد استراتيجية استنزافية للدول بغضّ النظر عما إذا كانت حليفة أو معادية لها.
وما لا تستطيع واشنطن إحرازه من مكاسب في اللعبة الدولية بُخبثها المغلف بشعارات إنسانية، تسعى إلى فرضه إجبارياً مع التلويح بأحد الأوراق الضاغطة التي تستحوذ عليها، مُجبِرة من يعادي سياستها الهزلية والمصلحية الخبيثة على الحيطة الدائمة، لذلك تعمد روسيا إلى أخذ الاحتياطات اللازمة في تعاملها مع هذه السياسة الفاقدة للمصداقية، وانتهاكها للمبادئ والقرارات الدولية.
وإذا كانت الولايات المتحدة تملك بعض الأوراق في عالم المُكر والخداع السياسي لتغيير ميزان القوى الاستراتيجي، فإنّ روسيا تقف في المرصاد وهي التي تستحوذ على كلّ الأوراق على الصعيد العلمي والدبلوماسي والتكنولوجي. ناهيك عن مصداقيتها في عالم السياسة واحترامها لمبادئ الشرعية الدولية.
فمن ناحية التفوق الروسي العلمي والتكنولوجي، لا تجلس روسيا مكتوفة اليدين في وقت تمدُّ فيه الولايات المتحدة الأميركية شبكتها المخصّصة لاصطياد صواريخ الدول الأخرى إلى أنحاء العالم.
ويؤكد مسؤول عسكري روسي أنّ «روسيا تقوم بردود على تطوير الولايات المتحدة نظام الدفاع الصاروخي المضاد للصواريخ».
وفي السياق، تقوم الولايات المتحدة بنشر النظام الاستراتيجي الذي خُصّص لتدمير الصواريخ الباليستية الروسية والصينية، متذرعة، كعادتها، بمواجهة التهديدات الصاروخية الكورية الشمالية والإيرانية، لكنّ روسيا لا تقف موقف المتفرج على ما تفعله الولايات المتحدة، بل تقوم بالردّ.
وعلى هذا الصعيد، أوضح مسؤول هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية الجنرال فيكتور بوزنيخير»أنّ روسيا تقوم باتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع الإخلال بميزان القوى الاستراتيجية بسبب تطوير نظام الدفاع الصاروخي الأميركي».
وقد استرعت تصريحات السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هالي بشأن الضمير الأميركي انتباه موسكو، ما دفع الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إلى معالجة تداعيات «الضمير الأميركي» حيث قالت «إنّ الولايات المتحدة لن تتخلى عن دور ضمير العالم»، وأنّ «واشنطن تتطلع إلى جعل الأمم المتحدة أداة فعالة لنشر القيم الأميركية». ولا تخفى على أحد تلك القيم الأميركية المبرهجة والتي تذكرنا بقصة الثعلب والطبل الفارغ وها هو الثعلب الأميركي يتكلم عن قيم باتت للعالم كالطبل الفارغ بعد سلسلة حروب تحت شعارالتدخل لنشر القيم والشعارات الإنسانية وهي أساساً وبعيداً عن الأنا الأميركية النرجسية لا تفقه من الإنسانية سوى اسمها، وما يثير السخرية أنّ السفيرة هالي تنظر إلى الضمير على أنّه الدور الذي يمكن تمثيله وهي لا تعي من الضمير سوى «الضمير الغائب».
وفي السياق، كشفت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا عن «استياء الخارجية الروسية من الكلام الذي قالته نيكي هيلي»، وعبرت عن «استنكارها لما جاء على لسان السفيرة الأميركية»، موضحة أنّ «الوظيفة الأساسية للأمم المتحدة تتلخص في منع نشوب الحروب العالمية الجديدة وليس نشر القيم الأميركية». ونشرت الدبلوماسية الروسية على موقع فيسبوك: «كلما أدى الضمير الأميركي دوره اهتز العالم واضطرت روسيا إلى انتشاله من هاوية الانهيار». وهذه أوضح رسالة توجه في صميم العهر الأميركي.
ورامية أخطاءها على غيرها، وكعادتها لإبعاد الرأي العام الأميركي عن سياستها الداخلية بتمثيل خطر خارجي كالغول يحاول افتراسها، توجهت الإدارة الأميركية بالاتهامات لروسيا حول التجسّس الإلكتروني، بالرغم من معرفتها المسبقة بأن الدبلوماسيين الرّوس في الولايات المتحدة، لا علاقة لهم بالحملة الانتخابية.
وقالت زاخاروفا خلال مؤتمر صحافي في موسكو: «مرّة أخرى وفي واحدة من مواد وسائل الإعلام الغربية تأتي على ذكر زميلنا، الدبلوماسي الروسي ميخائيل كالوغين مرة أخرى».
وأكدت زاخاروفا أن «لا ميخائيل كالوغين، ولا أي موظف آخر من البعثات الدبلوماسية الروسية في الولايات المتحدة، أو أي ممثلين روس آخرين لديهم أي علاقة بحملة الانتخابات الأميركية الأخيرة».
تأتي هذه الاتهامات، رغم أنّ روسيا كانت منذ اللحظات الأولى التي يظهر فيها أسماء بعض «الجواسيس الروس»، وبعض الوكلاء الذين اجتاحوا واشنطن، تقوم بدحض المعلومات، على الفور وتصرّح بأنه «تضليل» لا علاقة له بالواقع. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال تلك المواد تُستنسخ وتتكرّر.