الفتنة الكرويّة من يريدها؟
إبراهيم وزنه
منذ عقدين من الزمن تحوّلت الملاعب والقاعات والمدرجات الرياضية في لبنان إلى منابر للتعبير عن مكنونات الناس ومنصّات لإطلاق المواقف من قِبل البعض، وما بينهما من شتم وخروج عن مبادئ وقِيم، وللأسف هذا الواقع الأليم راح يأخذ مداه ويكبر من موسم إلى موسم نتيجة ما تشهده الساحة اللبنانيّة من خلافات وانقسامات سياسية تارة وطائفية تارة أخرى، بالإضافة إلى عدم وجود الجهة الأمنيّة القادرة على كبح هذا الجموح الملتوي عند البعض، والبعيد عن القيم والأخلاق عند البعض الآخر. بالأمس، وعلى جنبات مباراة جامعة لمنتخب لبنان، تفرّقت النفوس وتعارضت النصوص واختلف مشجّعو رجال الأرز فيما بينهم. هتافات خرجت عن كلّ مألوف، واستحضار خبيث لمفردات وأسماء وشعارات مذهبيّة في المقام الأول، حصل الهرج والمرج ولم يكن بالإمكان أكثر ممّا كان لجهة الصلاحيات الممنوحة لرجال الأمن، وكالعادة تنطلق إلى جانب حفلات الشتم الجماعي والسمفونيات السياسية معارك رمي القناني الفارغة وصولاً إلى التراشق بالكراسي، وبعد ذهاب الخارجين عن الأصول إلى بيوتهم تنطلق موجة أخرى من الخلافات الإلكترونية عبر شبكات التواصل الاجتماعي. ما أكثر ما قرأناه خلال اليومين الأخيرين في هذا السياق. ربما لم تدرك تلك الفئات المتفلّتة من جماهير الأندية بأنّ هناك من يستعملها لغاية اسمها إشعال الفتنة، وربما بينهم الكثيرين من المغرّر بهم أو الذين وجدوا أنفسهم فجأة في قلب عاصفة الغضب والتعبير فساروا مع التيار من حيث لا يدرون. غداً سيلعب فريقا الأنصار والعهد، هما من منظار أهل اللعبة وأصحاب الروح الرياضية. الأنصار والعهد أصحاب الصولات والجولات والإنجازات، أمّا من منظار أهل الحقد والطائفيّين البعيدين عن لبّ الروح الرياضية والوطنية، فالأنصار يمثّل أهل السنّة والجماعة، وأمّا العهد فهو رأس حربة الشيعة في الميدان الكروي. عفواً أيها الخارجون عن كلّ المبادئ، جمهور النجمة يردّ عليكم بوحدته وتوحّد عائلته وأفراده. عندما سألت رئيسَي العهد والأنصار تميم سليمان ونبيل بدر عن موقفهما ممّا هو حاصل على صفحات التواصل الاجتماعي، سمعت نفس الإجابة، تربطنا علاقات صداقة واحترام متبادل ولا دخل لناديينا في هذه الهمروجات المرفوضة بكلّ المستويات، على أمل أن تكون المباراة بمستوى سمعة الفريقين على المستوى الفني، ومبروك للرابح. ليتكم تتعلّمون من تميم تمام المعرفة بالرياضة وأصولها، ويا ليتكم تنهلون من نبيل نبل الأخلاق ورحابة الصدر. نأمل الردّ الحضاري في مباراة الغد، والسلام عليكم.