الشباب السوري بفكره المبدع الخلّاق شريكٌ في إعادة إعمار الوطن

دمشق ـ لورا محمود

إبراز دور الشباب الريادي وتحفيزهم كشركاء حقيقيين في بناء مستقبل سورية، كانا من ضمن محاور فعاليات «ملتقى التفوّق الجامعي الأول» الذي أقامه الاتحاد الوطني لطلبة سورية في جامعة دمشق، وضمّ الطلبة المتفوّقين من مختلف الجامعات السورية ممن حازوا جائزة «الباسل للتفوّق الدراسي» لثلاث مرّات وأكثر وما زالو طلاباً.

وتحدّث عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الطلبة عمر العاروب لـ«البناء» عن الملتقى وأهميته في تسليط الضوء على شريحة من الشباب السوريين، استطاعوا في ظل الظروف الحالية أن يتفوّقوا لسنوات متتالية في دراستهم، وقال: «إن التقاء هؤلاء الشباب مع بعضهم من كل الجامعات والمحافظات السورية مهمّ لنقل خبراتهم وتطلّعاتهم وكيفية مساعدتهم لتفعيل دورهم في المرحلة المقبلة من خلال جلسات الحوار وورشات العمل التي ركّزت على أهمية الجانب العملي في العملية التعليمية، ومتطلبات سوق العمل».

وأضاف: «بسبب الظروف الراهنة، استعيض عن المعسكرات الانتاجية والزيارات العملية إلى المعامل والشركات، بعرض أفلام وثائقية عن بعض الشركات»، ولفت إلى دور وزارة التعليم العالي التي كانت منفتحة على كافة القضايا المطروحة من قبل الشباب، وأكّد أنّ الصعوبات التي يواجهها الاتحاد تشبه صعوبات كل مواطن يعيش في ظروف حرب، «لكننا استمدّينا الامل والارادة من شبابنا المتفوّقين، فتفوقهم هو السلاح الأمضى في وجه الفكر الإرهابي».

وشدّد وزير التعليم العالي الدكتور عامر مارديني على أهمية التفوّق ودوره في رفع المستوى العلمي لدى طلبة الجامعات السورية، ليساهموا في بناء بلدهم. معتبراً أنه وسام شرف للطلبة وذويهم ولكلّ من ساهم بطريقة أو بأخرى في تفوّقهم. خصوصاً أنه جاء في ظروف صعبة وخانقة.

ولفت مارديني إلى أنّ هذا التفوّق بمثابة رسالة لأعداء سورية ولإرهابهم، وأنّ نجاح الطلبة سيكون أشدّ حدة من سيوفهم وأمضى من سهامهم. وحيّا مارديني أرواح الشهداء الذين ساقوا دماءهم من ينابيع الشرف الفياضة، مؤكداً أن طلبة الجامعات سيبقون على مقاعد الدراسة يتحدّون الفكر الظلامي.

وعن فكرة انعقاد هذا النوع من الملتقيات، قال عضو الفريق الإعلامي وسيم السلخة لـ«البناء»: «أتت الفكرة من حرص اتحاد الطلبة على التنويه بشريحة رائدة ومتفوّقة من طلابنا من جميع الاختصاصات والجامعات السورية، والاهتمام بهم وبمشاكلهم، وربط هذه الشريحة بالذات بوطنها، ليس فقط من خلال تكريمها إنما بربطها مع أصحاب القرار والمعنيين لنقل همومهم ومطالبهم».

وختم السلخة: «هناك بعض الطلاب المتفوقين الحائزين جائزة الباسل لعدّة سنوات وهم من أبناء الشهداء وممّن تعرّضوا للتهجير المتكرّر».

أحمد عبد الله رحال، طالب هندسة تقنية حائز جائزة الباسل أربع مرّات قال: «إن الملتقى عبارة عن قناة تواصل ما بين الطالب وصاحب القرار لنقل مشاكله، وإنّ هذا لتكريم ينمّي لدينا حسّ المسؤولية، فالاهتمام بالشباب المتفوّقين والناجحين ينتج مستقبلاً ناجحاً، خصوصاً أن الغرب يحاول استقطاب الأدمغة والخامات التي تمتلكها غالبية الشباب السوري».

أما مرح ناجي مفلح، طالبة هندسة اتصالات حائزة جائزة الباسل أربع مرّات ، فتحدثت عن تأثير الأزمة في نجاح الطالب، خصوصاً في موضوع توزيع الجامعات على المحافظات، إضافة إلى بعض القرارات التي أخّرت العملية التعليمية والتطويرية مثل نظام الساعات في الجامعة الذي كانت الغاية منه أن يحاكي نُظُم التدريس في الخارج، والذي اعتمد لثلاث سنوات ثم ألغي. وتحدثت عن مشكلة الدراسات العليا وثأثير القرارات الظالمة المتخذة من قبل بعض الدول علينا.

يوسف محسن الحاتم، طالب طبّ بشري حائز جائزة الباسل لستّ مرّات متتالية ، عبّر عن أهمية الملتقى كفكرة بنّاءة ورسالة حضارية. فمن حق الطالب المتفوّق أن يكرّم لأن التكريم بمثابة تحفيز له.

أما ريم شهاب حسن، طالبة تربية معلّم صف حائزة جائزة الباسل لثلاث مرّات ، فقالت: «نحن متفوّقون، لكن لدينا بعض المشكل كتزويد الجامعات بالمعدّات والكوادر القادرة على تهيئة الطالب لسوق العمل، والحفاظ على المتخرّجين الأوائل كمعيدين لأغراض فنية وتدريسية للحفاظ عليهم داخل سورية».

حنان شعري، طالبة مكتبات ومعلومات حائزة جائزة الباسل لأربع مرّات وشهادة خبرة في الفهرسة والتصنيف ، تطرّقت إلى الاهتمام أكثر باختصاص المكتبات في جامعة تشرين، وإحداث قسم خاص بالمكتبات في الجامعة، ودعم المبادرات التي يقوم بها القسم كمبادرة إحياء مكتبات جامعة تشرين وتعريف الطلاب على مكتباتهم ليستفيدوا منها في تحصيلهم العلمي.

عرض الملتقى مجموعة توصيات كان أهمها دعم التفوّق والمتفوّقين والحفاظ على هذه العقول كثروة وطنية يجب استثمارها، ومحاربة الفساد بجرأة وتشديد الرقابة على صرف المخصّصات المالية للجامعات السورية وأهمية ربط التعليم بسوق العمل، وإلزام الدولة تأمين فرص عمل للمتخرّجين، خصوصاً الأوائل. كما شدّد الطلاب المتفوّقون على ضرورة إدخال مادة أخلاقيات المهنة على كل الاختصاصات، إضافة إلى تفعيل التواصل بين المؤسسات التعليمية والنفسية والأسرة وتعزيز ثقافة التطوّع وإشراك الطلبة والكفاءات، خصوصاً في إعادة إعمار سورية وإعادة بناء فكر الشباب السوري من خلال دورات ومعسكرات تأهيلية، للعمل على ردم الهوّة التي حصلت في المجتمع السوري. وتسليط الضوء على أصحاب الامتياز العلمي وتوجيه البحث العلمي لأوّليات المرحلة الراهنة.

وأخيراً، قدّم الطلاب المتفوقون بصمة شكر للّجنة المنظّمة، إضافة إلى صوغ رسالة وجّهوها إلى طلاب العالم كي يمدّوا إيديهم للمساهمة في التطوير الفكري والحضاري ونبذ الصراعات والإرهاب الذي استهدف جامعاتهم، فأبناء سورية أمّ الحضارات وأقدم العواصم وصاحبة الأبجديات يحاربون الفكر الظلامي بالفكر الخلّاق المبدع، ويدعون إلى بناء الإنسان الحضاري صانع المستقبل الأفضل. كما طالبوهم بالضغط على حكوماتهم ومنظّمات المجتمع الدولي لوقف الحرب على سورية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى