حول توضيحات هايلي
حميدي العبدالله
هل توضيحات هايلي ممثلة الولايات المتحدة في مجلس الأمن تشكل تراجعاً عن المواقف التي أعلنت على لسانها ولسان وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلريسون والناطق باسم البيت الأبيض؟
إطلاقاً على عكس ما يعتقده الكثيرون لا تشكل هذه التوضيحات تراجعاً. فالمسؤولون الأميركيون، سواء وزير الخارجية أو هايلي ذاتها أو الناطق باسم البيت الأبيض، لم يقولوا إنّ واشنطن أو إدارة ترامب قبلت بترشح الرئيس السوري للرئاسة في الانتخابات المقبلة، بل هم قالوا شيئاً آخر، إنّ تنحي الرئيس الأسد لم يعد شرطاً مسبقاً لأيّ تسوية سياسية في سورية، وإنّ مستقبل الرئيس الأسد يقرّره الشعب السوري. بديهي أنّ الولايات المتحدة والغرب لن يقبلوا ولن يدعموا ترشح الرئيس الأسد لمنصب الرئاسة في أيّ انتخابات مقبلة. بل إنهم سوف يدعمون مرشحين موالين للغرب، أو أن يقاطعوا هذه العملية الانتخابية بذريعة أنها لا تستوفي الشروط المطلوبة، علماً أنهم قبلوا انتخابات ونتائجها في ليبيا وفي العراق جرت في ظروف أسوأ بكثير من أيّ انتخابات جرت أو ستجري في سورية. أثناء الحرب عليها.
قد يستنتج البعض إنّ توضيحات هايلي تشكل نكوصاً عن المواقف المعلنة، تماماً كما كان يحدث في فترة ولاية الرئيس الأميركي باراك أوباما، عندما أدلى وزير الخارجية جون كيري بتصريحات مماثلة لتصريحات وزير خارجيته دونالد ترامب، لكن في واقع الحال هذا الاستنتاج غير صحيح، لأنّ توضيحات هايلي تتعلق بدعم أو عدم دعم ترشيح الرئيس بشار الأسد في الانتخابات المقبلة، وبكلّ تأكيد لم يخطر على بال أحد تفسير المواقف الأميركية الأخيرة التي اعتبرت تغييراً في الموقف الأميركي، على هذا النحو.
هايلي أعادت من جديد في توضيحاتها التأكيد على أنّ أولوية الولايات المتحدة في سورية هي محاربة الإرهاب، وبمعزل عن صدق أو عدم صدق هذا الادّعاء، فهو في مطلق الأحوال وسيلة واشنطن للتراجع عن مواقف سابقة غير واقعية مثل ربط الحلّ السياسي ووقف الحرب في سورية بشرط تنحي الرئيس الأسد، وقبوله عدم الترشح للانتخابات الرئاسية في أيّ تسوية يمكن التوصل إليها بين الدول والأطراف المعنية بالحرب على سورية.