أندية عصيّة وجمهور متعصّب وملاعب مستعصية

إبراهيم وزنه

منذ أكثر من عشرين سنة كانت الملاعب المعتمدة لبطولة لبنان بكرة القدم لا تزيد عن سبعة، ورغم الصعوبات اللوجستية والتنظيمية في هذا السياق كانت الأمور تسير في طريق متعثّر تارة، وعلى خير ما يرام طوراً… ومنذ عشر سنوات، وفي ضوء الانقسام السياسي الحاد المستجدّ في بنية المجتمع اللبناني وطوائفه وأحزابه، وما نتج عنه من ارتدادات عناوينها الرئيسيّة التعصّب ورفض الآخر والفوضى والشغب والأنانية، صارت مسألة تأمين الملاعب لمباريات الدوري تحمل في مضامينها محاذير إضافية، علماً بأنّ أكثر من ملعب جديد دخل على خط الدوري ليزيد في عدد المستطيلات الخضراء حتى زادت عن الدزّينة، لكن المؤسف أنّ تصرّفات وهتافات جماهير الأندية أسهمت فعليّاً في تغيير خارطة التوزيع لمباريات الفرق، ودائماً تحت سقف المحافظة على السلم الأهلي والأمن الوطني! فلا النجمة ولا العهد مرحّب بهما في الملعب البلدي، وفي هذا السياق أذكر أنّ عريضة موقّعة من أكثر من 400 إنسان تمّ تسليمها ذات يوم منذ أكثر من 16 سنة إلى القيّمين على الأمن الرسمي في منطقة الطريق الجديدة، بدعوى خروج جماهير النجمة عن أصول التشجيع المرفقة بردود أفعال خارجة عن النصّ انطلاقاً من الملعب البلدي وصولاً إلى محطّة الكهرباء. كما أنّ فريق العهد تعرّض ذات يوم إلى هجمة غير منضبطة من قِبل بعض جماهير الأنصار جيران الملعب البلدي.

وبالانتقال الى ملعب برج حمود، فالبلديّة تحب أن تتعاون لكنّ خوفها المستمر على المنشأة نابع من احتضانها لمناسبات واحتفالات حزب الطاشناق، ما يحتّم ضرورة إبقائها جاهزة ومناسبة، وهذا الأمر لا يتحقّق بُعيد كلّ مباراة مشهودة جماهيرياً، وفي آخر ملاحظات البلديّة أنّ الأضرار التي كانت قد لحقت من قِبل جماهير النجمة في المدرجات والمنشآت لم تلتزم إدارة النادي الجماهيري بتصليحها كما تمّ الاتفاق.

ومن جانب سلبيّ آخر، فملعبَي النبي شيت وبحمدون يغيبان عن الخدمة في ظلّ الظروف الثلجيّة والمناخية القاسية في فصل الشتاء، كما أنّ هناك ملاعب لا تلحظ الجانب الأمني لجهة الفصل بين جماهير الأندية بشكلٍ آمن، ناهيكم عن الهويّة السياسية التي صارت تدلّ إلى كلّ ملعب، فبعض الأندية صارت تجسّد حزباً أو طائفة أو تيّاراً. وهذا المشهد الموصوف والمحسوس لا يبشّر بخير ولا بتطوّر، وكأنّه يراد للّعبة الشعبية في لبنان دوام الانغماس في مسستقعات لا تمتّ إلى الروح الرياضية بأيّة صلة، فتأمّلوا أنّ مباراة بين ناديي النجمة والعهد استهلكت أعصاب الآلاف من المهتمّين والمشجّعين، وفاقت الاتصالات التي جرت لتذليل عقباتها ما يزيد عن الاتصلات التي جرت بشأن القانون الانتخاب المنتظر! أندية عصيّة في علاقاتها، وجماهير متعصّبة في تعاطفها وتشجيعها لا بدّ أن تكون المحصّلة غياباً للملاعب وصعوبة في تأمينها…. فإلى متى ستبقى صرخاتنا تطلق سُدى فيردّدها الصدى؟ ومتى ستخلع جماهير الكرة لباسها السياسي والطائفي في ملاعب وجدت أصلاً للتعايش والمحبّة والتنافس الشريف وقبول الآخر كيفما كان … والسلام.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى