«خميس البيض»… عادة موروثة في إبل السقي عشـية الفصح

إبل السقي ـ رانيا العشي

«مهما غبنا وطوّلنا وكثرو السفرات…

إلا ما نرجع نحضرعيد البيضات»

بهذه الأبيات الزجلية عبّر مواطن من بلدة إبل السقي في قضاء مرجعيون، عن حبّه لهذه التقاليد والعادات الموروثة من جيلٍ إلى جيل.

عيد خميس البيض في القرى الدرزية الجنوبية المختلطة، تقليد شعبي درجت عليه العادات والتقاليد، وحافظ عليه الأبناء الذين توارثوه عن الأجداد منذ مئات السنين، وتناقلوه من جيل إلى جيل، تضامناً وانسجاماً مع إخوانهم المسيحيين في يوم خميس الأسرار من أسبوع الآلام لدى الطوائف المسيحية الأرثوذكسية التي تتبع التقويم الشرقي، عشية أحد الفصح المبارك.

وبلدة إبل السقي، قرب مرجعيون، هي إحدى هذه القرى التي تنعم بالعيش الواحد بين المسيحيين والدروز، والوحيدة بين القرى الدرزية الجنوبية المختلطة التي لا تزال تحافظ على هذا الرباط «الأخوي»، دلالة على العيش الواحد بين عائلاتها على اختلاف مشاربها.

وفي هذا العيد، يلتئم شمل أفراد العائلة الذين يتوافدون من مختلف أماكن إقامتهم، لتبادل الزيارات والتهاني بالعيد في هذه المناسبة العزيزة على قلوب الجميع.

وتشهد «ساحة الحارة» منذ الصباح، تجمُّعات كبيرة للأهالي، شيباً وشباباً، نساءً وأطفالاً، للمشاركة في مباراة «المفاقسة» أو «تفقيس» البيض الملوَّن بالألوان الزاهية والمزركشة، والذي يفوز يكسب بيضة الخاسر، وهناك عقيدة أنّ كلّ من يفاقس بالبيض، عليه أن يأكل منه كي لا يصيبه مكروه. وقد شارك أبناء القرى المجاورة أهالي إبل السقي بإحيائهم مراسم هذا العيد إلى جانب عناصر من القوات الدولية ، وتباروا مع الشبان والفتيات في «تفقيس» البيض. وهذا العام قامت البلدية بدعم وتشجيع هذا النشاط الذي يجمع شمل العائلة بالتعاون مع تجمّع شباب إبل السقي الصاعد للاستمرار في إحياء هذا التراث.

وفي حديث لـ«البناء» تعددت آراء المواطنين حول هذا التقليد، لكنّ الجميع أكدوا أنه تراث قديم تجب المحافظة عليه من جيل إلى جيل، بل اعتبروه أجمل الأعياد على الإطلاق في إبل السقي، فيه يتم جمع شمل العائلة للمشاركة في هذه المناسبة.

وقال الشيخ تركي منذر: «هذا العيد هو من التراث القديم ورثناه عن أجدادنا ونأتي إلى الحارة للمفاقسة بالبيض ويوم الأحد نشارك إخواننا المسيحيين بالمفاقسة في أحد الفصح المجيد، ونفتخر به كونه عيد المحبة».

وأشار الطفل كمال إلى أنه يأتي إلى الساحة للمفاقسة بالبيض مع أترابه وهو فرح بهذا العيد كثيراً.

ووصفت لمياء الأشقر العيد بأنه «عيد جميل يفرح به الجميع كباراً وصغارا يتشاركون في التتقيس بالبيض. وقالت: «هو عيد المحبة والألفة».

ولوحظت مشاركة عناصر من فريق المراقبين الدوليين الذين قدموا مع المترجمين إسبر إسبر ومنذر. ورداً على سؤال قال الضابط النروجي أولاند: «في أحد الفصح نحتفل ويجري تلوين البيض بألوان مختلفة، لكن لا تكون هناك مفاقسة، فقط يعمل الأطفال على جمع البيض حول الشجر وسط جوّ من الفرح والسرور».

فيما قال زميله الضابط الهندي راجيش إنّ العائلة تجتمع في يوم عيد الفصح ويجمع الأطفال البيض الملوّن لكن لا نفاقس به. «أنا مسرور هنا في إبل السقي لأشارك بتفقيس البيض مع اللبنانيين».

ولفت عضو البلدية كمال غبار إلى أنّ عادة التفقيس متوارثة من جيل إلى جيل، واليوم خميس الأسرار عند المسيحيين الشرقيين، كما أنه خميس التجدُّد. وكون البلدة مختلطة بين المسيحيين والدروز، فهذا العيد يكرّس العلاقة الوطيدة بينهما، لأننا نؤمن بمسيح الحق ونحن نعيش عائلة واحدة في هذه البلدة».

وقالت نانسي: «لقد قدمنا من عاليه إلى إبل السقي للاحتفال بهذا العيد المميّز، كباراً وصغاراً، وندعو كل أبناء القرى إلى العودة لتراث الأجداد والتمسك بالعادات والتقاليد».

واعتبرت الشابة ريم منذر أنّ هذا العيد يجمع شمل العائلة ونتشارك وإخواننا المسيحيين أعيادهم من دون تمييز».

وقال الشيخ فارس الشمندي: إنّ «تفقيس البيض عادات ورثناها عن جدودنا»، مشيراً إلى «أنّ التعايش ما زال موجوداً، فيما الألفة غابت مع من رحلوا من الأجيال السابقة».

وأشارت فريال الشمندي إلى أنّ هذا العيد يتجدّد كلّ عام في ساحة البلدة بمشاركة الجميع، وهو يرمز إلى فصح السيد المسيح، لكن نحن نأكل البيض قبل إخواننا المسيحيين».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى