لقاء اقتصادي صيني ـ عربي في مقرّ اتحاد الغرف العربية: لتعزيز التعاون والمساهمة بإعادة إعمار سورية والعراق

أشار رئيس اتحاد الغرف العربية العين نائل رجا الكباريتي، خلال اللقاء الاقتصادي العربي ـ الصيني الذي أقيم في مقر اتحاد الغرف العربية ـ مبنى عدنان القصار للاقتصاد العربي، إلى أنه «في ضوء الصعوبات الاقتصادية التي يشهدها المجتمع الدولي والمتغيرات المجتمعية التي تشهدها المنطقة العربية، يمرّ الاقتصاد في كل من الصين والدول العربية بمرحلة دقيقة للغاية تتطلب تظافر الجهود وتعزيز التعاون للتغلب على المخاطر الخارجية وتحقيق المصالح المشتركة والمنفعة المتبادلة، ما يعود بالفائدة على الطرفين الصيني والعربي ويحسن معيشة شعوبهما».

وشدّد على أنه «نظراً لما يكتسبه التعاون الصيني العربي من أهمية قصوى لدى الطرفين في ظل التحولات الجيوسياسية التي يشهدها العالم، فإنّ الواقع والمنطق يدفعنا نحو العمل على تطوير هذا التعاون ليرتقي إلى مستوى شراكة استراتيجية، تشمل البعدين الاقتصادي والسياسي، وتكفل لكل طرف مصالحه دون وصاية من أحدهما على الآخر، آخذين بالاعتبار الوثيقة الرسمية الأولى من نوعها التي أطلقتها الصين قبل عام تحديدا والتي تهدف إلى تعزيز التعاون مع العالم العربي».

ولفت الكباريتي إلى أنّ «المصالح المشتركة الضخمة بين البلدان العربية والصين، تفرض تعاونا وثيقا وتنسيقاً اقتصادياً في مجالات واسعة منها الطاقة الإنتاجية، إلى جانب توسيع دائرة التعاون في البنية التحتية، وتسهيل التجارة والاستثمار، إضافة إلى الطاقة النووية والفضاء والأقمار الاصطناعية والطاقة الجديدة والزراعية والمالية وغيرها، بما يحقق التقدم المشترك والتنمية المشتركة، ويعود بمزيد من فوائد على الجانبين».

ورأى أنّ «الاستثمار في العالم العربي هو استثمار مجد، باعتباره سوقاً ضخمة تختزن إمكانات هائلة، لهذا فإننا نتطلع إلى تعزيز الشراكات الاستراتيجية مع جمهورية الصين الشعبية التي تعتبر دولة صديقة للعالم العربي الذي على الرغم من التوترات التي تشهدها بعض البلدان، إلا أن هناك بلدانا كثيرة تتمتع بحالة أمن وأمان واستقرار، ومن هذا المنطلق نتطلع إلى إقامة شراكات مع الجانب الصيني في القطاعات الحيوية ومن بينها قطاع اللوجستيات ونقل التكنولوجيا الصينية المتطورة للعالم العربي».

وقال الكباريتي: «نأمل من الجانب الصيني تقديم التسهيلات لرجال الأعمال والمستثمرين العرب للاستثمار في المشاريع المجزية التي ستقام على طول الحزام، والاستفادة من «صندوق الحرير» الذي تم إنشاؤه لتنمية البنى التحتية للدول الواقعة على خط الحرير من قبل القطاع الخاص العربي. ونحن نتطلع في هذا الإطار إلى وضع خارطة طريق للعمل العربي – الصيني المشترك لإقامة المشاريع الكبرى في الوطن العربي».

من جهته أكد الرئيس الفخري لاتحاد الغرف العربية عدنان القصار على دور لبنان الهام في استراتيجية «حزام واحد وطريق واحد» التي أطلقها رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ، داعيا جمهورية الصين الشعبية إلى «الاستفادة من موقع لبنان الاستراتيجي وموارده البشرية الفاعلة والفعالة، وعنصر الأمان الذي يحظى به بلدنا»، مشيراً إلى «أننا على أتم الاستعداد للتعاون مع الجانب الصيني وتمكينها من القيام بدورها الاستراتيجي في المساهمة بإعادة إعمار سورية والعراق، وذلك بالتعاون مع الشركات العربية».

وقال: «إننا على يقين أن التعاون الثنائي وإقامة الشراكات بين شركاتنا العربية والشركات الصينية سيؤتي ثماره، وسيخلق مشاريع وفرص عمل في مجالات عدة تقوم على أساس المنفعة المتبادلة».

وأشار السفير الصيني وانغ كيجيان، إلى عمق العلاقات التاريخية التي تربط الصين والعالم العربي، لافتاً إلى أنّ «المبادرة التي أطلقها فخامة الرئيس شي جين بينغ في العام 2013، دخلت بالفعل حيز التنفيذ حيث يتم في هذا الإطار تنفيذ مشاريع عملاقة في العديد من البلدان على طول خط الحرير»، مشيراً إلى «أهمية استفادة البلدان العربية من هذه المبادرة الاستراتيجية والطموحة»، معتبرا أنه «في العام 2016 بدأت العديد من البلدان العربية تبدي اهتماما بهذه المبادرة، وبالفعل اتفق الجانبان العربي والصيني على المضي قدما نحو مرحلة تعاون جديدة».

ولفت إلى أنّ «هناك خمسة عناصر مهمة لتعزيز التعاون العربي الصيني، العنصر الأول هو العنصر السياسي، أما العنصر الثاني فهو العنصر الاقتصادي، والعنصر الثالث مالي، أما العنصر الرابع فله صلة بالبنى التحتية، فيما العنصر الخامس فمتصل بالثقافة حيث الثقافة العربية والصينية ضاربة في الجذور»، مشددا على أن «هذه العناصر مهمة جدا لتعميق التعاون بين جمهورية الصين الشعبية والعالم العربي أو بين الصين ولبنان».

وقال كيجيان: «أنا على ثقة أنّ فعالية اليوم سوف تصب في تطوير العلاقات وإيجاد مساحة تعاون أكبر، وفي هذا الإطار فإن حكومة جمهورية الصين الشعبية تدعم بشكل كامل الشركات الصينية على الاستثمار في العالم العربي، وكذلك تدعم الشركات العربية على تطوير استثماراتها في الصين، ونحن كسفارة الصين في لبنان سوف نساعد على منح كافة التسهيلات التي تصب في إطار تعميق التعاون».

وألقى نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان نبيل فهد، كلمة اتحاد الغرف اللبنانية، فرحب بإنشاء مجلس الأعمال لطريق الحرير وتفعيله لتحقيق الأهداف المرجوة، لافتا إلى «أهمية تأليف مجلس متجانس يمثل أكبر عدد من القطاعات الاقتصادية والتي ستستفيد من استثمارات طريق الحرير»، آملاً أن تكون «بيروت مركزاً أساسياً لمختلف قطاعات طريق الحرير «من أجل الانطلاق نحو أوروبا»، لافتا إلى «أننا دفعنا ثمنا للصراع السوري، ونتطلع إلى أصدقائنا للتخفيف من بعض هذا العبء على بلدنا واقتصادنا»، موضحا أن «القطاع الخاص في لبنان عمل بجد للحفاظ على استقرار الاقتصاد الوطني وتحقيق النمو».

وقال فهد: «نفتخر بإنشاء مجلس الأعمال لطريق الحرير حيث يمكننا العمل معا على تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري التي ستساعدنا في بناء استراتيجية تفاعلية لزيادة فرص الاستثمار، خصوصا أن لبنان يستعد لعدد من المشاريع الكبرى في سياق إعادة إعمار سورية، وكذلك في مجال استخراج الغاز والنفط، وإعادة تطوير البنى التحتية بعد إقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص. كما يجب أن نتمكن من استعمال منطقة طرابلس الاقتصادية الخاصة لاستثمارات طريق الحرير في مختلف القطاعات الاقتصادية».

واعتبر رئيس المجلس الصيني لتنمية التجارة الدولية جيانغ زنغ وي، أن «الجولة التي قام بها فخامة الرئيس شي جين بينغ إلى كل من السعودية ومصر مطلع العام 2016 والكلمة التاريخية التي ألقاها من على منبر جامعة الدول العربية، أرست معالم تعاون استراتيجية بين العالم العربي وجمهورية الصين الشعبية»، مؤكداً أنّ «التعاون العربي الصيني حقق نمواً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، نأمل أن يتعزّز أكثر فأكثر في المرحلة القادة، نظراً لحاجة الصين إلى البلدان العربية والعكس صحيح، حيث أنّ الصين تعد ثاني أكبر شريك تجاري للعالم العربي، في حين أن العالم العربي يعتبر المصدر الأول للنفط إلى الصين، كما أن العالم سوقا هامة للمقاولات والاستثمار»، وبالتالي يجب أن يكون هناك ديناميكية جديدة في التعاون العربي ـ الصيني، خصوصاً أنّ العالم العربي يشهد إصلاحات تشريعية ملحوظة، في حين أنّ الشعب الصيني يعمل على تحقيق الحلم ببناء مجتمع متفوق ومتطور وبالتالي تحقيق نهضة الأمة الصينية»، معتبراً أنّ «مبادرة الحزام تشكل الطريق الصحيح نحو علاقات اقتصادية وتجارية عربية ـ صينية استراتيجية».

وأكد زنغ وي أنّ «هناك الكثير من فرص التعاون بين الجانبين العربي والصيني، سواء في مجال الصناعة أو في القطاعات المالية والسياحية والبنى التحتية، من هنا يجب استغلال الفرص المتوافرة لدى الطرفين، من أجل الارتقاء بالتعاون إلى مستوى أكبر في المرحلة القادمة».

وختم: «أقترح لتقوية التعاون بين الشركات العربية والصينية، تحسين أولاً الهيكل التجاري بين العالم والصين، وهذا يتطلب من الجانب العربي تنويع مصادره لتحقيق تحول اقتصادي استراتيجي. كذلك تعميق التعاون في مجال الطاقة، حيث على الجانبين بحكم الإمكانيات التي يمتلكانها العمل جنبا على جنب نحو بناء مركز تجارة وممر طاقة في الشرق الأوسط. أيضا هناك إمكانية كبيرة للتعاون في مجال التكنولوجيا، وأيضا في مجال البنية التحتية واللوجستيات. وفي هذا المجال فإنه انطلاقا من العلاقة القائمة بين المجلس الصيني لتنمية التجارة الدولية واتحاد الغرف العربية واتحاد الغرف اللبنانية، نستطيع العمل من أجل تحسين بيئة الأعمال والتفاهم على تنفيذ مشاريع ذات فائدة طويلة الأمد».

وشهد اللقاء توقيع مذكرتي تفاهم وتعاون بشأن إنشاء ودعم مجلس أعمال «طريق الحرير» بين كل من اتحاد الغرف العربية والمجلس الصيني لتنمية التجارة الدولية، وبين اتحاد الغرف اللبنانية والمجلس الصيني لتنمية التجارة الدولية. كما شهد لقاءات ثنائية بين الشركات وأصحاب الأعمال من البلدان العربية وجمهورية الصين الشعبية.

وقدم ممثل عن شركة CHINA MIX نبذة موجزة حول مشروع مدينة التنين، والدور الذي تلعبه الشركة في إطار توطيد العلاقات العربية ـ الصينية. كما قدمت الباحثة الاقتصادية المساعدة في اتحاد الغرف العربية تشون مي جيا، مداخلة حول «الحزام الاقتصادي وطريق الحرير».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى