العالم يتغيّر «اعترافات أوباما… وكلام كيرتشنر»
د. بسام أبو عبد الله
لم يعد كما يعتقد غلمان أميركا في المنطقة، أحادي لا صوت يعلو فوق صوت أميركا، فالعالم يتغير واجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة كشفت جزءاً من المخاض الصعب والعسير الذي يشهده العالم باتجاه التعددية القطبية.
العالم أيها السادة خاض حربين عالميتين لإنتاج منظومة دولية تعكس موازين القوى الإقليمية والدولية. وتعكس قيماً جديدة، واحتراماً لمبادئ أممية أنتجها البشر على أنقاض دمار هائل، وجثث ملايين البشر بعد الحرب العالمية الثانية.
الآن، هناك أصوات تعلو على صوت أميركا فها هي رئيسة الأرجنتين كريستينيا فيرنانديز كيرتشنر وبحضور الرئيس الأميركي باراك أوباما تُطلق صرخة الرؤساء الجدد في العالم، وتكشف كذب الغرب وادعاءاته حول «الثورة و الثوار»، وحول ما سمي بـ «الربيع العربي»، و«الإرهاب الاقتصادي» وعدالة قضية فلسطين، وقضايا الكثير من شعوب العالم.
وإذا تابعنا تصريحات رئيسة الأرجنتين وقارناها بما قاله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن الربيع العربي لوجدنا تطابقاً كبيراً، وهـو ما يؤشر إلى بزوغ فجر نظام دولي جديد، قد يأخذ مزيداً من الوقت لتتوضح معالمه، ولكنه يشق طريقه بصعوبة من خـلال نضـالات الشعوب وتضحياتها.
تظهر ملامح العالم متعدد الأقطاب في كلام بوتين والرئيس الصيني ورئيسة الأرجنتين والبرازيل وجنوب إفريقيا، وتدفع ثمنه نضالات وتضحيات شعوب كثيرة في العالم، و على رأسها الشعب السوري وجيشه البطل وقيادته الحكيمة، فما يجري في سورية من حرب إرهابية إجرامية تقودها قوى إمبريالية رجعية بأدوات جديدة من الفاشية الدينية، إلى وسائل الإعلام الحديثة، وطرق غسل الأدمغة، إلى تدمير الهوية والتراث، والتاريخ ، إلى الإرهاب الاقتصادي والحصار والتجويع والتهجير… وكـل هذه الأدوات كشفت بفضل صمود الشعب السوري، و تضحيات جيشه البطل.
كلام باراك أوباما في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأمام مجلس الأمن الدولي يعكس محاولة أميركية جديدة لإعادة توجيه البوصلة باتجاه خطر «داعش» لركوب الموجة، لعلّها تساعد في إعادة ترتيب أوراق واشنطن من جديد، بعد أن بعثرتها إرادات الشعوب وتضحياتها، وها هو يعترف أخيراً ـ إن كان صادقاً ـ بأن واشنطن لم تقدر قوة «داعش» وخطورته، بالرغم من تحذيرات مدير مخابراته جيمس كلابر، الأمر الذي اختصرته رئيسة الارجنتين بالقول: «إن الغرب يعرف كيف يخلق الوحوش ولا يستطيع السيطرة عليها… .
لا يستطيع الأمر إلا أن يقرأ بعناية ما يجري في العالم من تحولات، فواشنطن تسارع، لا بل تسابق الزمن من أجل إعادة التموضع الجديدة في المنطقة التي ستشكل بالنسبة إلى العالم مفتاح عودة الهيمنة التي بدأت تتلاشى أو بالأحرى تضعف بدءاً من سقوط صنعاء، وصمود دمشق الأسطوري وتحولات مصر، وانكشاف الوضع في ليبيا ولبنان وأفغانستان، وبزوغ قوى إقليمية ودولية، أصبحت تدق على الطاولة معلنة ولادة نظام عالمي جديد سيحتاج إلى مزيد من الوقت لنراه واقعاً معاشاً يعكس الأوزان الاقتصادية والسياسية والعسكرية، والتاريخية والثقافية…
إن افتضاح أمر ما جرى ضد سورية من مؤامرة كبرى استهدفت وجودها وتاريخها وهويتها وتراثها ومستقبل شعبها، وبدء تساقط الأوراق الواحدة تلو الاخرى بدءاً من الثوار ـ القتلة ـ والمجرمين حملة السواطير والسكاكين، الآتين من غياهب الجاهلية من أصقاع الأرض كلها، إلى الإعلام الذي يدعي حرصه على الرأي والرأي الآخر فيقطع الإرسال عن خطاب كيرتشنر فقط لأنها هاجمت لصوص القرن العشرين وكشفت عوراتهم وجرائمهم وخطاياهم، إلى إرهاب الحصار، والعقوبات التي تهدف إلى قتل الملايين، وتحويلهم إلى عبيد لنظام اقتصادي تقوده القطط السّمان.
نهضة الشعوب وتحررها بادية للعيان لكن بدايتها من دمشق حيث نواجه الفرص والمخاطر، ولكن الأهم هو تحويل المخاطر إلى فُرصٍ للانتصار من أجل دماء شهدائنا، وكرمى لعيون أطفال سورية والعالم، فالمعركة في سورية ليست بين نظامٍ ومعارضة طامحة للديمقراطية ـ والحرية كما تدعي!! إنما بين أحرار العالم وطليعتهم في سورية وذئاب بشرية تريد العودة بنا إلى عصور السلاطنة، وبلاط أصحاب الجلالة والسّمو الذين لا تظهر رجولتهم، إلا ضد شعوبهم، أو أبناء جلدتهم… من دون أن يقرأوا أن زمنهم ينتهي، حتى لو زحفوا زحفاً إلى واشنطن…
العالم يتغير، اقرأوا اعترافات أوباما، وكلام رئيسة الأرجنتين كريسينا فيرنانديز كيرتشنر.