التزاماً بقسم يساوي الوجود… الدكتور شوقي يونس يَهِبُ كليته للشبل محمد سليم
يوم يقرّر المقبل على عضوية الحزب السوري القومي الاجتماعي الانتماء يعبر في إجراءات عدة، منها جلسة قسم اليمين إذ يتلوه رئيسها كلمة كلمة ويردّد خلفه المقبل، ليكون نص القسم واضحاً مسموعاً فلا يؤخذ كمجموع ويُقال غداً لم أعرف ولم أقرأ. قيمة القسم هي مسؤوليته التي تترتب بعد رفع اليد اليمنى زاوية قائمة. وعمق مسؤوليته هي قيمُه الحيّة ومنها القيام بما يُعهَد إليّ، الكتمان، تقديم أيّ مساعدة ممكنة لأيّ رفيق يحتاجها… هكذا يتحوّل الحزب جسداً قومياً سورياً واحداً بمساحات قارات وأوطان، حيث لا تغيب عنه الشمس.
هل يمكنك التحلّل منه؟ ربّما. لكن الأهم أنه لا يتحلّل منك بعد ان تحلّل فيك فغدا في نسيجك ولو بعُدت عن التنظيم ومؤسساته.
مدير مديرية الصرفند الدكتور الرفيق شوقي يونس كان أمام استحقاق أخلاقي يتمثل بحاجة أحد أشبال المديرية محمد حسين سليم لكلية بعد تعطّل كليتيه عن العمل وتهدُّد حياته. فقرّر شوقي وهب كليته لمحمد.
كتب منذ يومين عن أنّ «وهب الأعضاء يغيّر مصيراً ويعيد الحياة لإنسان أنهكه المرض. القرار لكم: لماذا نقول لا لوهب الأعضاء؟ ألسنا على يقين من أنّ وهب كلية مثلاً سيعيد شباباً إلى ربيع عمر أنهكته الآلام المبرحة؟ ماذا ننتظر؟ تُجمع الشرائع الدينية على أنّ الإنسان هو المسؤول الأول عن حياته أمام نفسه وأمام الله الذي أودعه الحياة. وبناء عليه، هو ملزم صون جسده والعناية بصحته والابتعاد عن كلّ ما قد يتنافى والكرامة الإنسانية أو القيم الأخلاقية. ولكن مهما طال عمر الإنسان أو قصر، يبقى الموت مصيره المحتم، ولكن بفضل التقنيات العلمية والطبية يمكن الحؤول دون الفناء المرضي للجسد وإحداث ولادة جديدة. وختم «لا أعدّ السنين التي عشتُها بل الأعمال التي نفّذتها» المعلم سعاده.
وخلال لقائه اللجنة الأخلاقية الرسمية المنوط بها التحقق من الدوافع غير المادية لإعطاء الموافقة على عملية نقل الكلية، أجاب الرفيق شوقي على أسئلتها واستغراب أعضائها أنّ الممنوح له ليس قريباً من أصوله أو فروعه، إذاً ما الحافز الحقيقي للمنح؟ قال الرفيق شوقي إذا شرحت لكم الأمر فلن تفهموه، أو لن تجدوه مُقْنِعاً لكم بمقاييسكم. وتابع أنا والممنوح له عضوان في حزب واحد، ونحن في هذا الحزب يُقسم كلّ عضوٍ منّا على تقديم كلّ مساعدة يتمكّن منها إلى رفيقه متى كان محتاجاً إليها ورفيقه قادر على منحها. وأنا قادرٌ وهو محتاج. تبسّم رئيس اللجنة مستغرباً هذا المنطق الغريب عليه، لكن أحد أعضاء اللجنة بادره بالسؤال هل أنتم من الحزب القومي، فأجابه الرفيق شوقي بنعم. حينها نظر هذا العضو إلى رئيس اللجنة الذي فهم أنّ عليه إنهاء اللقاء، فأنهاه وقال سنبلغكم قرار اللجنة لاحقاً، وانتهت المقابلة وعادا إلى الصرفند.
بعد أسبوع تبلّغ الرفيق شوقي بالموافقة، ويبدو أنّ مَن سأل الرفيق شوقي عن انتمائه للحزب تولىّ بعد مغادرتهم الشرح لأعضاء اللجنة عن قيمة قسم القوميين والتزامهم به، فكانت الموافقةً!
وقبل دخول الرفيق شوقي غرفة العمليات كتب رسالة شكر لكلّ من بذل جهداً لنجاح إرادته والتزامه، فكتب:
«بعد قليل أدخلُ غرفة العمليات. كلمات لا بدّ منها.. إلى والدتي وزوجتي وولدي وإخوتي ورفقائي وأصدقائي وزملائي وأهل بلدتي جميعاً. أشكركم جميعاً، وأشكر كلّ من وقف إلى جانب هذا العمل سواء بالكلمة أو بالموقف او إسداء عمل ما… بالنسبة لي هذا اليوم هو يوم انتصار، انتصار «النحن» على «الأنا».
انتصار «نحن» الحياة على «أنا» الموت، نحن القيم، قيم الحق والخير والجمال والعطاء والتكافل والتعاضد الاجتماعيَّيْن على أنا الفرد والقبح والشر والباطل، الانتصار على الأنانية الفردية التي قال عنها سعاده إنها أخطر من الاحتلال الأجنبي.
على مدى يومين تجلّت محبتكم بأبهى صورها، معلنةً أنّ الجميع متضامن على الخير وعلى قِيم الخير… وإذا كنّا قد نجحنا سوياً في هذا الاختبار، فإنّ الآتي من الأيام سيحمل لنا الكثير من الاختبارات التي تدعونا لأن نكون متوحّدين خلف مثلنا العليا وقيمنا الاجتماعية.
دمتم للحق وللخير وللجمال ولتحي سورية.
شوقي يونس..
هكذا، ليس ما يربط القوميين منحُ كلية فقط، بل قسم يساوي الوجود!
«البناء»