كتب فريد جيروم لموقع Huge Breaking News 1 3
في 7 آذار 2016، رفع مارتن ماكماهون دعوى قضائية في المحكمة الفدرالية للعاصمة واشنطن ضدّ ثمانية من كبار الأثرياء الأميركيين، بغية تحصيل 34.5 مليار دولار أميركي. أما المدّعون فهم 37 فلسطينياً ارتفع عددهم الى 62 حتى كتابة هذه السطور وهم يتهمون هؤلاء المليارديريين بالتآمر المدني وارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية والإبادة الجماعية والمساعدة في ارتكاب جرائم حرب والتحريض عليها، فضلاً عن التجاوز المتفاقم والمستمرّ.
باسم التميمي، هو قيادي وناشط في مجال حقوق الإنسان ومهاجم شرس ضدّ شيلدون أديلسون مالك أحد أكبر الكازينوهات في لاس فيغاس، وصديق مقرّب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، وداعمٌ كبير للرئيس الأميركي دونالد ترامب. وتستهدف هذه القضية الدبلوماسي الأميركي السابق إيليوت أبرامز، فضلاً عن 13 منظمة خيرية لا تبغى الربح، متمركزة في الولايات المتحدة، بالإضافة الى لائحة مؤلفة من مكتب لصندوق البريد وبنكي ليومي وهابواليم، والعديد من الشركات والمنظمات الأمنية وشركتي موتورولا وفولفو.
حيثيات الدعوى: بسبب من التمويل الضخم المقدّم من قبل الشركات المعفاة من الضرائب في الولايات المتحدة، والمانحين والمساهمين، يجري بناء عدد كبير من المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بهدف طرد جميع السكان غير اليهود من هذه الأراضي لإنشاء مدن وقرى تضمّ يهوداً فقط.
أما المدّعى عليهم فهم:
أ ـ المموّلون، المشجعون والمتعاونون عمداً مع المسؤولين عن الاستيطان بمن فيهم منسقو الأمن في لجنة للبيع بالجملة، علماً بأنّ مثل هذا التوجه سوف يؤدّي الى تطهير عرقيّ واسع النطاق للسكان الفلسطينيين
ب ـ بعد طرد ما لا يقلّ عن 400.000 فلسطينيّ من الأراضي الفلسطينية المحتلة، من أجل توطين «اليهود فقط»، بُني حوالى 56000 منزل وشقة جديدة، 187 مركزاً للتسوّق، فضلاً عن الطرقات السريعة التي تصل جميع المستوطنات بعضها ببعض.
وضمن هذا الإطار، فقد حُرم هؤلاء مع أقاربهم الإسرائيليين من الحقوق الإنسانية الأساسية المضمونة بموجب مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، القانون الأميركي والإسرائيلي، إعلان إنشاء دولة «إسرائيل»، والقانون الدولي العرفي.
المحامون: المحامي الرئيسي للمدّعين الفلسطينيين هو مارتن ماكماهون، الذي أسّس في العام 1987، شركة مارتن أف ماكماهون للمحاماة في العاصمة واشنطن. وقبل ذلك، كان ماكماهون وهو خرّيج كلية الحقوق في فوردهام ومن كبار المسؤولين الذين رفعوا دعوى ضدّ شركة حماية المستثمرين للأوراق المالية، وهي دعوى قضائية مرتبطة ببروسكور روز. وهو ايضاً الكاتب في كرافاث سوين ومور في وول ستريت، وخبرته الاستثنائية هذه كقاضٍ مدني وجنائي، جعلته عنصراً أساس في تطوير أعمال شركة المحاماة الوطنية.
وعندما ذهب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الى الكونغرس الأميركي في 3 آذار عام 2005، وقام بإهانة الرئيس الأميركي، قرّر ماكماهون تمثيل الفلسطينيين من أجل تأمين العدالة بموجب قانون الأضرار الجانبية. وفي رسالة بريدية إلكترونية وُجّهت إليّ في 9 شباط 2017، تأكد لي أنّ أكثر من 400.000 فلسطيني أُجبروا على الخروج من الضفة الغربية في فلسطين المحتلة، وأنّ 57000 تركوا أراضيهم بعدما هُدمت بيوتهم. وفي الرسالة عينها، أشار مارتن الى الدعوى الأخيرة التي رفعها في المحكمة المحلية الأميركية لمقاطعة كولومبيا والتي تستند الى تحقيق العدالة ضدّ رعاة القانون الإرهابي الذي أقرّه الكونغرس العام الماضي، والذي ينصّ على مساعدة ذوي ضحايا 9/11 على مقاضاة حكومة المملكة العربية السعودية. أما بالنسبة إلى ماكماهون، فإنّ «نتانياهو قد ساعد في إحباط أهداف السياسة الخارجية الأميركية، وشارك في غسل الأموال بمبلغ سنوي تجاوز الملياري دولار أميركي، في مخطط يسير جنباً الى جنب مع أقارب ترامب آل كوشنر وسفير الولايات المتحدة الجديد في «إسرائيل»، السيد فريدمان».
وفي ما يتعلق بقضية التميمي، فقد صرّح ماكماهون لقناة «الجزيرة» في 7 آذار عام 2016 بما يلي: «يدين 40 من اليهود لبناء المستوطنات، لذا، نشهد انعكاساً كبيراً لهذا الواقع في أميركا في ما يتعلق بالتسامح الذي تظهره الحكومة الإسرائيلية إزاء هذه الإجراءات، وتبدو دعوتنا ضمن هذا الإطار وسيلة جيدة لجميع أولئك الذين يشعرون بالإحباط جراء هذه التجاوزات».
كما أدرِج المحامي سمير الجرّاح، مؤسس مركز العالم العربي للتنمية الديمقراطية وحقوق الإنسان، فضلاً عن الزميل تود ج. باتكين مدير مركز سياسات الشرق الأوسط في معهد بروكينغز، كمدافعَين رئيسيَين عن هذه القضية.
المدّعي الرئيسي: باسم التميمي
في ما يلي تعريف عن التميمي، والذي استخلصته من رسالة بريدية أرسلها إليّ، كتب فيها ما يلي:
كان في القرية أكثر من 600 شخص، ينتمون جميعهم الى عائلة واحدة: التميمي. قدمنا من النبي صالح من الخليل قبل حوالى 400 عام، واستقرّينا في قريتين: دير نيدام والنبي صالح. ترك معظم أفراد عائلتي فلسطين الى الأردن وغيرها من الدول بعد حرب 1967. وكان آخر المغادرين أخي رشدي. قُتل العديد منا في الضفة الغربية، والبعض الآخر جرت تصفيته في الأردن وفي لبنان، وجميعهم قضوا على يد قوات الاحتلال الإسرائيلية. وفيما كنت أكبر كلّ سنة، كنتُ أشهد دوماً على تشييع أحد أفراد عائلتي.
قدِم المستوطنون عام 1967، وبدأوا ببناء المستوطنات على أرضنا، وأخذت عائلتي تقاومهم، وتناضل من أجل حماية الأرض ضدّ الاستعمار الغاشم. وكانت المرة الأولى التي أتعرّض فيها لخطر الغاز المسيّل للدموع. انهيتُ دراستي الثانوية عام 1985، وحاولتُ دخول الجامعة. غير أنّ حاجتي الى العمل لتأمين مستلزمات الدراسة بسبب مرض والدي، حال دون التحاقي بشكل يوميّ. فكان أن التحقتُ بجامعة بيروت العربية كطالب منتسب، وكانت الإدارة المدنية الإسرائيلية تمنحني الإذن بالذهاب الى الأردن قبل يوم واحد فقط من الامتحان. وفي السنة التالية، رفضت منحي هذا التصريح بأيّ شكل من الأشكال.
في الأول من أيار، سُجنتُ للمرة الأولى على مدى ستة أشهر، بما يُعرف بـ «الاحتجاز الإدراي»، دون توجيه أيّ تهمة ضدّي. وتوالت بعدها الاعتقالات، التي وصلت الى تسعة. وفي العام 1993، اعتقلوني بهدف الاستجواب، وقادوني الى سجن رام الله معصوب العينين، مقيّد اليدين والرجلين، ورأسي غارقٌ في كيس قمامة. وضعوني في غرفة صغيرة ضيّقة، يستحيل الجلوس فيها، إنما تفضلوا عليّ، بالسماح بوقوفي على أرضية مليئة بالقذارة والقرف!
ثم، وفي اليوم الثالث، اقتادوني أمام ستة من ضباط الشاباك وهو جهاز أمني إسرائيلي ترد استجوابات الموقوفين مباشرة منه إلى رئاسة الوزراء ، وقالوا بأني متهم بقتل مستوطن. ومن ثمّ أخذوني الى مكتب آخر، قيّدوا يديّ ورجليّ الى الكرسي المائلة التي أجلسوني عليها، وغطّوا رأسي، فيما كانوا يتفقدونني كلّ عشرين دقيقة كي يتأكدوا أني لم أكن نائماً.
في صباح اليوم التالي، وصل ضابط الاستخبارات المكلّف باستجوابي. وبدأ أحد المخبرين بتعذيبي وخضّ جسمي بعنف، وهزّ رأسي في جميع الاتجاهات، واستمروا على هذه الحال طيلة ثماني ساعات الى أن فقدتُ الوعي.
دخلتُ في غيبوبة دامت ثمانية أيام، وعندما استيقظتُ شعرتُ بالشلل النصفي، فجانبي الأيسر لا يتحرك بتاتاً، وعلى الرغم من حالتي المزرية تلك، فقد اقتادوني مجدّداً الى قاعة الاستجواب، ولم يلبثوا أن عزلوني في سجن الرملة في غرفة صغيرة بين مجرمين إسرائيليّين. وكان يزورني الطبيب بشكل يوميّ للكشف على حالتي الصحية، فيما لم يتوقف ضابط الاستخبارات عن توجيه الأسئلة الاستجوابية لي. وبدأت أشعر بالتحسّن بعد مرور شهر على ذلك، رغم أنّ جسدي كان لا يزال ضعيفاً ومنهكاً للغاية.
ونظراً لحالتي الصحية، قاموا بإطلاق سراحي، لأجد نفسي بين أهلي في مأتم أختي التي قتلتها إمرأة إسرائيلية تعمل في المحكمة العسكرية، بينما كانت أختي في زيارة هناك لرؤية ابنها إبن أختي أثناء محاكمته. هاجمت تلك المرأة أختي مع امرأة أخرى مستوطنة ، وانهالتا عليها بالضرب وعملتا على دفعها، فسقطت على رأسها، ما سبّب نزيفاً حاداً أدّى الى وفاتها. وكانت أماً لثلاثة صبيان وبنتين.
اعتُقلتُ بعد ذلك ثلاث مرات بين عامي 2003 و2004. وفي السنوات القليلة الماضية، استُدعيت مرتين الى «الاحتجاز الإداري» بتهمة تنظيم مظاهرات مدنية في قريتي وذلك على مدى 14 شهراً عامي 2011 و2012، وأربعة أشهر عام 2013. كذلك، اعتُقلت زوجتي خمس مرات، وأُطلق عليها النار في ساقها لتصبح عاجزةً عن المشي طيلة سنتين، كما أنها فقدت أخيها الذي قُتل أمامها. كانت تقوم بتسجيل فيديو لمنظمة «بتساليم» الإسرائيلية غير الحكومية لحقوق الإنسان. وكان شقيقها معها في المنزل. لم يكن هناك أيّ احتجاجات في الشوارع، والأطفال يلعبون في الباحة الخلفية. وسمعوا صوت إطلاق الرصاص. خرج رشدي ليتحقق مما يجري ولإدخال الأولاد الى المنزل. وعندما استمرّ الجنود بإطلاق الرصاص، تناولت زوجتي آلة التصوير ومضت خارجةً تصيح بالجنود قائلةً «أنا صحافية!» لتُفاجأ حين وصولها بأخيها ملقىً على الأرض ينزف جراء إصابته برصاص الجيش الإسرائيلي، ولم يسمح لها الجنود بطلب الإسعاف لنقله الى المستشفى. هذه الحادثة موثقة في فيديو أرفقه التميمي مع رسالته الإلكترونية .
كذلك، فإنّ إبني «وعد» والبالغ من العمر 12 عاماً، أًصيب برصاص جيش الاحتلال، وعولج في المستشفى على مدى خمسة أيام ولم يتمكن من المشي طيلة شهر. كما أنه اعتُقِل وعُذّب بعمر 14 سنة، وسُجن لمدة أسبوع في السجن نفسه الذي وضعوني فيه سابقاً، ورفضوا السماح لي بزيارته. وعادوا واعتقلوه مرة أخرى بعد مرور شهر واحد.
سجنوا أختي أيضاً لمدة عشرة أيام دون توجيه أيّ تهمة اليها. جميع أولادي جرحوا، كما أنّ ابنتي أُصيبت وضُربت من قبل جنود الاحتلال. تسلّمتُ أمراً يقضي بهدم منزلي الكائن في المنطقة «C» مع اثني عشر منزلاً آخر في القرية. بُني قسم من منزلي عام 1964، بموجب إذنٍ من الحكومة الأردنية، لذا، أُجبِرتُ على دفع غرامات فاقت الـ 8000 . داهموا بيتي مئات المرات ليلاً ونهاراً. وكانوا في كلّ مرة يعمدون الى كسر وتحطيم شيء ما، وعادةً ما كانوا يأخذون معهم بعض الأغراض، كالكتب أو كاميرا، وقاموا مرةً بمصادرة حاسوبي النقال.
تحياتي، باسم التميمي
قائمة بجميع المدّعين بمن فيهم أعضاء المجالس القروية لخمسة من القرى الفلسطينية، ونلاحظ في الصفحة الأولى من الدعوى ورود أسماء خمسة:
1 ـ سوزان أبو الهوا، وهي كاتبة فلسطينية حائزة على جائزة الروايات الأكثر مبيعاً «الصباح في جنين» 2010 و «الأزرق بين السماء والمياه» 2015 فضلاً عن تأسيسها لمنظمة غير حكومية «ملاعب فلسطين». وُلِد أبواها في القدس، وأصبحا في ما بعد من لاجئي حرب العام 1967. طُرد والدها من المنزل تحت تهديد السلاح وكانت أمها في ألمانيا في ذلك الوقت ولم يُسمح لها بالعودة. ثم جُمع شمل الزوجين في الكويت حيث وُلدت سوزان، في حين كانت السلطات الإسرائيلية تستولي على أراضي عائلاتهم في القدس.
في كلماتها الخاصة، تشرح سوزان سبب انضمامها للمدّعين بالقول: «أريد محكمة في مكان ما من هذا العالم تقوم بمساءلة أولئك الذين سبّبوا لي آلاماً لا تُحصى وجرّدوني من حقوقي وقاموا بنفيي مع عائلتي… أطالب بمساءلة مموّلي «إسرائيل» الذين سرقوا وجودنا التاريخي، المادي، الروحي والوجداني في هذا العالم .
2 ـ أحمد الزير، وهو محامٍ تعرّض للضرب المبرّح على أيدي مستوطني «أوفرا» أثناء تواجده في ممتلكاته الخاصة. ووفقاً للاتهام، فقد عانى من نزيف في الدماغ، تهشّم في الجمجمة، عظام مكسورة، ونزيف داخليّ، وأصبح عاجزاً عن المشي ويستخدم حالياً كرسياً نقالاً.
تؤكد الدعوى أنّ وزارة الخزينة الأميركية قد فرضت قواعدها وأنظمتها، وأنه لولا إرسال المموّلين المعفين من دفع الضرائب في الولايات المتحدة، الأموال إلى مستوطني «أوفرا»، لما كان بإمكان هؤلاء الحصول على الأجهزة المتطورة التي تسمح لهم بالتعدّي على الزير وغيره في أرضهم وداخل بيوتهم.
3 ـ هبة البرغوثي، شقيقها عبد الرحمن، البالغ من العمر 26 عاماً، وعند عودته من زيارة الى الولايات المتحدة، توجه الى قرية عبّود الكائنة في الضفة الغربية، المجاورة لمستوطنة هالاميش اليهودية غير الشرعية.
ووفقاً لرواية عمّه، وكما ذكرت وكالة «وفا» للأخبار والمعلومات الفلسطينية، فإنّ القوات الإسرائيلية أوقفت إبن أخيه على مدخل البلدة وفتحت عليه النار باتجاه الرأس والرقبة وأصابته برصاصات ستّ، ما سبّبت بموته على الفور. ويؤكد شهود أنّ سكيناً مليئاً بالدم زُرِع في سيارته كي يبدو الأمر وكأنّ عبد الرحمن قد هاجم الجنديّ أولاً.
4 ـ دعاء أبو عمر، خسرت دعاء أفراد عائلتها عندما كانت في الرابعة عشرة من عمرها، حيث تعرّض طيران الجيش الإسرائيلي لمركز لحضانة الأطفال، التجأ إليه أهلها خلال اجتياح «إسرائيل» لقطاع غزة عام 2014.
وتدّعي دعاء أنّ الجيش الإسرائيلي يتلقى ما لا يقلّ عن 100 مليون دولار أميركي سنوياً من أموال الأغنياء المعفين من الضرائب من «أصدقاء» جيش الدفاع الإسرائيلي، ولو لم تكن وزارة الخزينة الأميركية قد فرضت هذا الإعفاء من خلال قواعدها وأنظمتها، لما تمكن أولئك «الأصدقاء» من إرسال هذه الأموال الى جيش أجنبيّ، ولكانت القدرة على القصف العشوائي قد تقلّصت الى حدّ كبير، ولكان أفراد عائلة دعاء لا يزالون على قيد الحياة.
5 ـ ليندا الخطيب، وهي مواطنة أميركية، ومالكة لست قطع من الأراضي في الضفة الغربية، مسجلّة باسمها. ومع ذلك، فقد تعلّمت ليندا أنّ المستوطنين العنيفين قد أقاموا مواقع استيطانية وخلقوا وثائق ملكية مزوّرة، وباعوا بموجبها هذه الممتلكات الى مستوطنين آخرين، الذين يشترون بأموال المانحين والأغنياء الأميركيين الذين أعفتهم القوانين الأميركية من الضرائب. وتخشى ليندا من فقدان ما تبقى لها من أراضٍ قضمتها الحكومة الإسرائيلية بغير وجه حق…» ترجمة وإعداد: ليلى زيدان عبد الخالق
ترجمة وإعداد: ليلى زيدان عبد الخالق