متى تستيقظ الحكومات العربية؟
حميدي العبدالله
جميع الحروب التي شنّت على المنطقة، بدءاً من غزو العراق، مروراً بتدمير ليبيا واليمن، وانتهاءً بالحرب الدائرة الآن في سورية والحروب الأخرى في مصر وتونس والجزائر من قبل الإرهابيين، جميع هذه الحروب هدفها الرئيسي خدمة مصالح الولايات المتحدة والدول الغربية والكيان الصهيوني.
شعوب المنطقة، وحتى حكومات المنطقة، هي الخاسر الرئيسي والوحيد في هذه الحروب. الحرب اليمنية صحيح أنها دمّرت قدرات اليمن، وفاقمت معاناة شعبه، ولكنها في المقابل استنزفت قدرات الحكومات التي شاركت في هذه الحرب، سواء القدرات المالية أو البشرية، والأرجح أنّ هذه الحرب لن تضع أوزارها على قاعدة عودة القديم إلى قدمه، أيّ قيام حكومة وسلطة يمنية موالية للغرب ولحكومة المملكة العربية السعودية، حاصل الحرب النهائي، سيكون خسارة اليمن كدولة صديقة للدول الخليجية بسبب نهر الدماء، وحجم الخراب الذي سبّبته الحرب، إضافة إلى خسائر الحرب البشرية والمالية التي تبلغ عشرات مليارات الدولارات.
الحرب على العراق قد تكون نجحت في بدايتها في تنصيب حكومات موالية للغرب، وحتى صديقة الكيان الصهيوني، ولكن من المعروف أنه منذ عام 2011 حدث تحوّل كبير، إلى درجة أنّ وزير خارجية المملكة العربية السعودية الراحل سعود الفيصل اتهم الولايات المتحدة بتسليم العراق إلى إيران، وبديهي أنّ إيران ليست حليفة للكيان الصهيوني، كما أنها ليست صديقة للحكومات الخليجية على الرغم من سعيها لأن تكون كذلك. أيّ أنّ حاصل هذه الحرب لم يكن في مصلحة الحكومات العربية التي دعمت حرب غزو العراق واحتلاله.
في سورية اليوم، تسير الأوضاع في الوجهة ذاتها التي سارت عليها الحرب في اليمن والعراق، أيّ أنّ خصوم وأعداء الحكومات العربية التي موّلت ودعمت الحرب على سورية، ووفرت الغطاء السياسي للتدخلات الأميركية والغربية، يخسرون الحرب، حيث تتعزز سيطرة الجيش السوري وحلفائه، وتتراجع ساحة هيمنة وسيطرة الجماعات المسلحة المدعومة من الحكومات العربية الخليجية والأردن. وهذا من شأنه أن يبدّد كلّ ما أنفقوه على الحرب السورية، وعندما تضع الحرب أوزارها، فإنّ الخيار المرجح هو انتصار معسكر الممانعة والمقاومة في سورية، وهذا يعني أنّ نتائج ذلك لن تكون في مصلحة الحكومات العربية وحكومات المنطقة التي دعمت الحرب الإرهابية على سورية.
أمام هذه الحقائق متى تستيقظ الحكومات العربية، وتجعل مصلحة شعوبها هي المصلحة العليا والتي تتقدّم على مصالح الغرب والكيان الصهيوني.