شعبان: لوقفة جريئة واستراتيجيات ناجعة لمقاومة الاحتلال الصهيوني
لورا محمود
في ظلّ ما يحدث في العالم العربي من دمار وتخريب نتيجة الإرهاب. وفي ظلّ الانقسام الفلسطيني ـ الفلسطيني، تعيش فلسطين ظروفاً استثنائية بعد قرار آلاف الأسرى الفلسطينين خوض معركة «الأمعاء الخاوية» في سجون الاحتلال «الإسرائيلي»، إذ أعلنوا إضراباً مفتوحاً عن الطعام ضدّ سياسة الإهمال الطبّي، والاعتقال الإداري، والمحاكم الجائرة، ومنع الزيارات.
وفي حال انتصار معركة الأسرى سيكون بإمكانهم الضغط على دولة الاحتلال للاستجابة للمطالب العادلة، وفضح ممارسات «إسرائيل» المنافية للقانون الدولي. وتضامناً مع الأسرى في سجون الاحتلال، وتأكيداً على حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن أرضه، وضمن فعاليات يوم القدس الثقافي، نظّمت «مؤسّسة القدس الدولية» ـ فرع سورية، فعالية بعنوان «حكاية أرض» في مكتبة الأسد في دمشق، تضمّنت عرض فيلم وثائقي عن اغتصاب الأراضي الفلسطينية من قبل الاحتلال الصهيوني، وعرضاً مسرحياً ولوحات للفنون الشعبية والغنائية بمشاركة طلبة من اتحاد شبيبة الثورة.
وفي كلمة للمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية، ورئيسة مجلس أمناء «مؤسّسة القدس الدولية» في سورية الدكتورة بثينة شعبان، أكّدت أنه لا بدّ للنخب العربية من أن تقف وقفة جريئة وتضع استراتيجيات موحّدة وشجاعة لمقاومة الاحتلال «الإسرائيلي».
وقالت الدكتورة شعبان: إننا نؤمن بأن مصلحتنا واحدة وأن مصيرنا واحد وأن مصير فلسطين هو كمصير سورية ولبنان والجزائر وكمصير أيّ بلد عربي. داعيةً وسائل الإعلام العربية إلى تسليط الضوء على ما يجري في فلسطين لأنه جوهر ما يستهدف هذه الأمة، وجعل قضية فلسطين وقضية الأسرى حاضرتَين في الإعلام العربي والعالمي ونقلها إلى كل أصحاب الضمائر الحرّة.
وأوضحت شعبان أن الرئيس الراحل حافظ الأسد أدرك في وقت مبكر أن شقّ الصف العربي وتجزئة هذه الأمة هما الغاية الأولى للكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأميركية، مشيرة إلى أن الأساس في مسار الصراع العربي ـ «الإسرائيلي» هو أن الكيان الصهيوني يريد أن يقضم المزيد من الأراضي وأن يحتفظ بفلسطين وغيرها من الأراضي العربية المحتلة.
من جهته أشار مدير عام «مؤسّسة القدس الدولية» ـ فرع سورية الدكتور سفير الجراد إلى أن المؤسّسة أخذت على عاتقها تشكيل منظومة ثقافية وسياسية ريادية ترصد الشارع العربي وتوضح حقيقة ما يحدث في الأراضي العربية الفلسطينية نتيجة ممارسات الاحتلال الصهيوني. مبيّناً أن فعالية اليوم دليل على أن القدس لا تزال البوصلة الأساس لنا نحن في سورية، وتعبير عن مساندتنا للأشقاء الفلسطينيين في محنتهم.
وفي كلمة للفصائل الفلسطينية أشار الدكتور طلال ناجي الأمين العام المساعد للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة إلى أن المؤامرة بدأت بسرقة الأرض وإقامة كيان غاصب فيها لفصل مشرق العالم العربي عن مغربه. لافتاً إلى المراحل التاريخية التي مهّدت لسيطرة الصهاينة على أرض فلسطين ومراحل انتفاضة شعبنا الفلسطيني ضدّ هذا الكيان المحتل، وأنه لا حل إلا بإعادة كامل الأراضي الفلسطينية وعودة كل الشعب الفلسطيني واللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وأرضهم.
وأوضح الدكتور ناجي أن الضغوط على سورية والعراق وحزب الله وعلى الجمهورية الإسلامية في إيران وتهديد الجزائر وما يجري في مصر كلها تستخدم لتسويق مشاريع تسوية جديدة في المنطقة خدمة لرغبات ومطالب وغايات الكيان الصهيوني.
وفي حديث إلى «البناء» قالت عضو مجلس أمناء «مؤسّسة القدس» ونائب رئيس مجلس إدارة المؤسسة والمنظمة لهذه الفعالية المهندسة آمال عزّو: أردنا اليوم أن نخرج عن المألوف، فقد جرت العادة أن تكون هناك محاضرات وندوات يتحدّث في ها مدراء المؤسّسة وأعضاؤها، وطبعاً لهذه المحاضرات والخطابات دورها في مجال صراعنا مع العدوّ «الإسرائيلي» فلكلّ شيء أهميته. إنّما هذه المرة خرجنا عن العادة وأردنا تقديم شيء مختلف، فكانت هناك فقرات فنية وثقافية من معرض للرسم وفقرات راقصة وكورال، بمشاركة من طلاب اتحاد شبيبة الثورة. وهذا أيضاً نعتبره شكلاً من أشكال الممانعة. فـ«إسرائيل» تعتبر أن اهتمامنا بثقافتنا وفنّنا وإحياء تراثنا أمر مخالف لفكرها الصهيوني، وقد نالت هذه الفقرات الفنية إعجاب الحضور.
وأكّدت عزّو أن الكيان الصهيوني سيحاول بشتّى الأساليب والطرق أن يضغط على الشعب الفلسطيني، وينسينا قضيتنا الأساسية أي القضية الفلسطينية، لكن هذا الشعب سيلقّن العالم درساً في الكفاح والصمود، وسيثبت للعالم أجمع أنه النموذج الأهمّ المقاوم للعدوّ «الإسرائيلي». وما يعيشه الأسرى اليوم في الأراضي المحتلة يعتبر تحدّياً كبيراً، ويجب أن تقف الهيئات والمنظمات الدولية مع هؤلاء الشرفاء والأحرار لأنهم يدافعون عن قضية مقدّسة وهي قضية الحرّية والأرض، وهذا يصبّ في إطار الفعالية التي أقمناها اليوم وكانت بعنوان «حكاية أرض»، فلا شعب عانى كالشعب الفلسطيني. واليوم سورية تعاني من كل هذا الإرهاب نتيجة وقوفها إلى جانب القضية الفلسطينية التي تعتبرها قضيتها وقضية كلّ شرفاء العالم وأحراره.
وردّاً على سؤال عن التطورات الأخيرة في الأراضي الفلسطينية وإضراب الأسرى في سجون الاحتلال، تحدّث إلى «البناء» مسؤول دائرة الإعلام والدراسات في حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح الانتفاضة ياسر المصري الذي لفت إلى أنّ هذا الإضراب ليس الأول للأسرى الفلسطينين، فيكاد يكون الإضراب رقم 24. وقد حقّقت الإضرابات السابقة بعض المطالب فليس بالضرورة أن تحقق الاضرابات كل مطالب الأسرى لكن على الأقل أن تحقق الحدّ الأدنى. فنحن نطرح رزمة من المطالب تبدأ من البعد المعيشي للأسير وتنتهي بحقوقه الصحية والتعليمية وغيرها، فإذا استطعنا تحقيق 70 في المئة من هذه المطالب فهذا يعتبر إنجازاً وانتصاراً لكل الأسرى الفلسطينين على الجلاد الصهيوني. وإذا لم نستطيع أن نحقق إلا 10 في المئة من هذه المطالب فهذا أيضاً يجب اعتباره إنجازاً لأنه يأتي في إطار التراكم في الصراع مع العدو «الإسرائيلي».
وأضاف المصري أن الأضراب الذي يقوم به الأسرى الفلسطينيون داخل الأراضي المحتلة يدخل يومه العاشر بمشاركة 1500 أسير تقريباً مضرب عن الطعام وربما يزداد عددهم في الأيام المقبلة. وقد انضمّ إليهم عدد من الأسيرات المناضلات لإيصال صوتهن إلى الشارع العربي والمؤسسات الدولية، فالمرأة الأسيرة داخل المعتقل تعاني ولها مطالب.
ونوّه المصري بأنّ الأسرى الأطفال داخل المعتقلات «الإسرائيلية» والذين يقارب عددهم 300 طفل تقريباً، هؤلاء لهم حقوقهم ويجب إيصال صوتهم إلى المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الطفل.
وقال المصري: نحن كفلسطينين معنيون بشكل دائم أن نحْيي قضية الأسرى. فهم يعانون من المعتقل ويدافعون عن حقوقهم وأرضهم ويجب أن تؤمَّن لهم حماية اجتماعية وسياسية وقانونية.
ولفت المصري إلى أن قضية الأسرى والقضية الفلسطينية مغيبتان من قبل الدول العربية. فقد تراجعت إلى آخر سلم الأولويات بالنسبة إلى العرب، والدليل القمة العربية الأخيرة التي عقدت في الأردن والتي كانت فيها القضية الفلسطينية هامشية وذكرت فقط من باب التذكير بالشيء لا أكثر ولا أقل.
وأكد المصري أنّ سورية تتحمل ما تتحمّله وتحاصَر وتعاني من مؤامرة كونية من العرب قبل الغرب، نتيجة مواقفها القومية. فهم حريصون أن تكون سورية خارج البعد الفلسطيني. إلا أنّ سورية ما زالت متمسكة بالقضية الفلسطينية وتعتبرها قضيتها الأساس.