حسّون: سورية لا تنسى تاريخها بل تقرأه لتصنع المستقبل
دمشق ـ آمنة ملحم
تقديراً لتمسّكهم بالأرض من دون تردّد أو تفكير بالهجرة، وتقديراً لجهود أثمرت أملاً في نفوس السوريين التي جرحت الحرب حياتهم وملأت الأنّات دروبهم ولكنهم ظلّوا ثابتين على مواقفهم الوطنية ولم يتوانوا عن الوقوف إلى جانب أمّهم سورية في محنتها، أقامت شركة «همسات» ممثّلة بمديرها عبد الرحيم الماني حفلاً في دار الأوبرا في دمشق حمل عنوان «شموع العطاء».
استهل الحفل بعرض خاص لفيلم «الله معنا» سيناريو وإخراج يزن نجدت أنزور والذي أُنجز خصّيصاً للفعالية، وحمل نفحات من تفاصيل كثيرة يمرّ بها السوريون في عمر أزمتهم المحيطة بالجميع من دون استثناء، ابتداء من حياة الجنديّ السوري، وحالة الترقب المستمرّة التي تعيشها الأمّ السورية، والصمود الكبير الذي يمثله الجنديّ محاطاً بصبر الأمهات وتقديم أبنائهنّ قرابين لأجل لبلدهم، ومروراً بقذائف الموت التي أرخت ظلالها على حياة العاصمة وشوارعها ومدارسها من دون استثناء، مع هجرة لحق بركابها عائلات كثيرة شبّان كثر.
بلغة بصرية مبدعة، قدّم يزن نجدت أنزور رؤيته من زوايا عدّة للأزمة السورية معتمداً الصورة في تقديم المقولة، مبتعداً عن الثرثرة الكلامية. فالسينما فنّ إبداعيّ حسّاس له طريقته الخاصة في نقل دلالاته.
بعد العرض السينمائيّ، كُرّمت قامات سورية من مختلف القطاعات الحكومية والمدنية والفنية، حيث قدّم مدير شركة «همسات» ووزير السياحة بشر يازجي دروعاً تكريمية لوزير الدفاع، ووزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم، ووزير الداخلية محمد الشعار، ووزير التربية، وعلي حيدر وزير الدولة لشوون المصالحة الوطنية، ومفتي الجمهورية العربية السورية الشيخ بدر الدين حسّون، والأمّ الفاضلة شهيرة فلوح مديرة الهيئة العامة لمدارس أبناء وبنات الشهداء، وعضو مجلس الشعب جانسيت قازان رئيسة مجموعة «أمّ الشهيد»، ورئيس اتحاد الخيول العربية، ولـ«بصمة شباب سورية» ممثلةً برئيس مجلس الأمناء أنس يونس، وعماد سارة مدير الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، وقناة «روسيا اليوم»، وقناة «المنار».
ومن الوجوه الفنية التي قُدّمت لها دروع تكريمية، الفنان الراحل رفيق سبيعي تسلّمها الفنان ممدوح الأطرش ، وكل من الفنانين: دريد لحام، حسام تحسين بك، نادين خوري، سلاف فواخرجي ، والموسيقار طاهر مامللي.
وفي كلمة ألقاها، أشار الدكتور أحمد بدر الدين حسون المفتي العام للجمهورية العربية السورية أنه علينا ألا نستهين بالتكريم. فمن يُكرَّم اليوم أب الشهيد وعائلته والجريح والفنان والوزير، وهذه رسالة إلى العالم مفادها أن سورية لن تنسى شهداءها ولن تنسى تاريخها، بل هي تقرأه لتصنع المستقبل.
وتابع حسون: لشباب سورية أقول إياكم أن تكفروا بسوريّتكم وجذوركم، فالحرب علينا لإنهاء هذه الجذور. ولكنهم لا يعلموا أن جذورنا سُقيت بدماء شهدائنا وستنبت عزّة وكرامة.
وفي تصريح صحافيّ، لفت وزير السياحة بشر يازجي إلى أنه من الجميل أن نرى بعد ستّ سنوات من الحرب الشرسة على سورية، مبادرات فردية وجماعية تحتفي بالعطاء وتكرّسه كحالة نحتاج إليها في تضميد جراح المجتمع السوري بعد كل هذا النزيف فيه.
مضيفاً أنه كل من عمل من مكانه وأبدع في عمله هو سفير لسورية ومرآة تعكس حقيقة سورية والسوريين كما هم حقاً شعب مبدع متكاتف معطاء.
وأكد عبد الرحيم الماني المشرف العام على المهرجان أن «شموع العطاء» أضيئت لأهل العطاء، ولمن قدّم الغالي والنفيس لتبقى سورية صامدة عزيزة. مثنياً على إرادة السوريين الجبارة التي لم تنكسر، بل كانوا دائماً ينهضون من جديد للملمة جراحهم. فسورية هي موطن الإنسانية وهي الأمّ لكل شريف في هذا الزمان وفي كلّ زمان.
وتضمّنت الفعالية معرضاً للوحات كاريكاتيرية تحاكي الواقع، همسات للكاريكاتير للفنان نضال ديب في قاعة المعارض وجميعها مستوحاة من الأزمة السورية وتخاذل العرب والهيمنة الأميركية.
واختتم المهرجان مع أوبريت «الله معنا» من كلمات وألحان عادل جراح، والتوزيع الموسيقي لهاني طيفور، وجاء الأوبريت تعبيراً عن الحالة الوطنية السائدة في سورية بأصوات الفنانيين الشباب هالة القصير ومحمد القباني ونور عرقسوسي ومحمد رمال وإيناس لطوف.
وعن الأوبريت قال طيفور في حديث إلى «البناء» إنه جاء بطريقة جديدة ومع نجوم شباب يتمتعون بأصوات جميلة، ولكلّ منهم شخصيته الغنائية المنفصلة. وهذا تميّز للأوبريت. وهؤلاء الشباب ظلّوا متمسّكين بسورية وصمدوا في البلد. لذا، لا بد أن نقف معهم ونقدّم معاً فنّاً للوطن بروح شبابية.
بدوره، أدلى الفنان القدير حسام تحسين بك بحديث إلى «البناء» لفت فيه إلى أنّ هذا المهرجان يؤكّد استمرارية الحياة والفن في سورية. مشيراً إلى أهمية دعم الشباب السوري الواعد. فهو شباب ذكيّ ومبدع وهو مستقبل سورية الجميلة.
وأعربت الفنانة تولاي هارون بطلة فيلم «الله معنا» في تصريح أدلت به إلى «البناء»، عن سعادتها بالعمل مع فنانين شباب لديهم روح إبداعية في الفنّ. مثنية على جهودهم، ومؤكدة أهمية المهرجان الذي يحمل رسالة إلى العالم مفادها أن السوريين موجودون ومستمرّون وصامدون ولن تزعزعهم الحرب.
وقدّم الحفل الفنان عامر العلي مع الفنانة نظلي الرواس التي أعربت لـ«البناء» عن سعادتها بهذه التجربة. لافتةً إلى أنّ من واجب الجميع تقديم أي شيء للوطن بأيّ طريقة كانت. وهذا التكريم نموذج عن عطاء السوريين ووقوفهم إلى جانب بعضهم.
كما أعربت إيناس لطوف عن سعادتها بهذا الاوبريت الذي شاركت فيه مع فنانين شباب من البلد، لا سيما أنّ الاوبريت وطنيّ لسورية. منوّهةً بأهمية تكريم السوريين الصامدين أثناء فترة عطائهم، وأن هذا الاوبريت مقدّم من القلب إلى قلوب السوريين جميعاً.
الفنان عماد رمال أكّد أن المهرجان بادرة جميلة، لا سيما أنه يدعم الشباب بشكل كبير. وقال: سنبقى نقدّم الأغاني والأوبريت لتعود سورية جميلة كما كانت.
وعن التنسيق الإعلامي للمهرجان الذي تشارك فيه عدد من الإعلاميين منهم باسل حاجولي، قالت المنسقة الإعلامية شيرين سلطان: إننا نطمح كإعلاميين شباب لرؤية جديدة في عالم الصحافة. ومن الضروري الاهتمام بالكوادر الشبابية فهي رسالة لبناء سورية المتجدّدة.
وعن المهرجان قالت سلطان: جاء تنفيذ المهرجان بعد تحضير استمرّ لأكثر من أربعة أشهر، واستطعنا أن نطلق عجلته بفضل الكوادر الشابة التي كان دافعها إنسانيّاً ووطنياً، وتم تكريم شخصيات أثبتت وفاءها للوطن، ولقد تم التنسيق مع الفريق الإعلامي للشركة وكان هناك اهتمام إعلاميّ كبير. وتوجّهت بالشكر إلى كافة الوسائل الإعلامية وإلى جريدة «البناء»، والشكر الخاص لأعضاء شركة «ويسبرس غروب» ممثلة بمديرها عبد الرحيم الماني على هذه الفعالية الوطنية.