بين ديمقراطيتين… مؤتمر المعلم الصحافي… ومؤتمرات كونداليزا
محمد شريف الجيوسي
تابعتُ بمنتهى الاهتمام المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الخارجية السوري وليد المعلم، بحضور عدد كبير من رجال الإعلام المحلي والإقليمي والدولي للحديث حول مذكرة مناطق تخفيف التوتر المتفق عليها بين كلّ من الضامنين روسيا وإيران وتركيا بموافقة الدولة الوطنية السورية، حيث أجاب المعلم بطريقة تُفلج مناهضيه كما عُرف عنه بمنتهى صفاء الذهن والهدوء والدقة والصدقية على عشرات الأسئلة التي طرحها ممثلو مختلف وسائل الإعلام من دون أن يستثني إعلامياً يرغب في توجيه أسئلته أو يتجاهل سؤالاً أو يلتفّ على جوهر سؤال ما.
لقد لفت انتباهي مؤتمر المعلم ومؤتمرات صحافية حضرتها لـ«الطيبة الذكر» كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية السابقة التي بشّرتنا بـ الفوضى الخلاقة كما بشّرنا رئيسها بوش الصغير ومثله شمعون بيريس أحدهما بـ الشرق الأوسط الجديد والآخر بـ الشرق الأوسط الكبير فكان الربيع العربي دماراً وخراباً وإرهاباً وفتناً وإسلاماً سياسياً أميركياً منحرفاً.
وكنتُ قد حضرت 3 مؤتمرات صحافية على الأقلّ لكونداليزا رايس، اثنين في عمّان وواحداً في العقبة…
وكان يرافق كونداليزا في كلّ المؤتمرات الصحافية التي حضرتها، عدد من الصحافيين الأميركان، وفي كلّ مؤتمر وبعد انتظار ليس بالقصير كانت تطلّ علينا رايس بطلتها «البهية»! لتقول إنها ستتيح توجيه 4 أسئلة فقط، سؤالان لفريق الصحافيين الأميركان المرافقين معاليها الذين يفترض أنهم معها في الطائرة ذاتها، انسجاماً بالديمقراطية الأميركية التي طالما تصدّقوا علينا بأفكارها النيّرة، فيقلع الصحافي أو الإعلامي الأميركي مع المسؤولين الكبار في البيت الأبيض الأميركي .
أما السؤالان الآخران فكانا يخصّصان لمجمل ممثلي وسائل الإعلام المشاركة في المؤتمر من عربية وإقليمية ودولية!؟
وكان من الواضح إمعاناً بالديمقراطية الأميركية، أنّ السؤالين المتاحين للآخرين، موجهان لشخصين محدّدين كما نصهما غالباً.. ويُختتم المؤتمر الصحافي الذي يعبّر عن مدى ديمقراطية واحترام أميركا لحرية الصحافة والإعلام والرأي بهذه الطريقة الساخرة المحزنة.
وكانت قصتنا مع مؤتمر العقبة أكثر سخرية، فبعد انتظار طويل تحت مظلة لم تحمنا من حرارة الشمس وأشعتها، أطلت كونداليزا وهي تحمل معها كلّ طقوس الصلف الأميركي، لتكرّر صيغة مؤتمراتها الصحافية ذاتها في عمّان العاصمة، لقد صدمت أنا شخصياً، فإن كان لن يتاح لنا السؤال فلم نُقلنا 350 كم..
بل إنّ المؤتمرات الصحافية التي كان يعقدها وزراء خارجية أو إعلام أردنيون كانت أكثر رحمة من مؤتمرات صحافية أميركية.. حيث يُتاح على الأقلّ لعدد أكبر التوجه بأسئلة، ولم تكن لتخصص الأسئلة نصفها للأميركان والنصف الآخر للغير وحصرها بـ 4 أسئلة على نمط التقسيمات الطائفية والإثنية نفسه الذي يحاول الأميركان والغرب زرعه وتكريسه في شرقنا وغربنا العربي.
أذكر طالما انتقِدَتْ سورية بأنها لا تتيح لوسائل الإعلام الحضور والمشاركة في المؤتمرات الصحافية، فيما الواقع كما عبّر عنه مؤتمر الوزير المعلم اليوم الإثنين 8 أيار 2017 يؤكد عدم صدقية هذه الاتهامات، بل كذبها، بل إنّ منع وسائل إعلام لا تنشر إلا ما هو كذب وتضليل وافتراء ضرورة قومية ووطنية وإنسانية، فيما يُتاح لوسائل الإعلام الناقلة للواقع كما هو حتى ما لا يتوافق منها كلياً أو جزئياً مع الرؤية الرسمية أو شبه الرسمية للدولة، وحتى لو توجّه ممثلوها بأسئلة تعتبر مهنياً محرجة أو مشككة، ليست مشكلة طالما هي تتحرّى الحقيقة والموضوعية والدقة…
m.sh.jayousi hotmail.co.uk