«شطرنج للإعلام»… جذوة الثقافة ما زالت متّقدة… واعتذار!
أحمد طيّ
بدايةً، فليسمح لي قرّاؤنا الأعزّاء، أن أتقدّم منهم فرداً فرداً باعتذار من عميق القلب. ذلك أنّي خدعتهم جميعاً، لا مكراً وحبّاً بالخداع، بل كسلاً ومن دون قصد.
نعم، لقد خُدعتم وانخدعتم، والمذنب كاتب هذه السطور. ذلك أنّني، وعن سرعةٍ وتسرّع، وعن سابق حبّ واحترام، وددتُ أن أبارك للزميل طلال مرتضى بانطلاق موقع «شطرنج للإعلام» الثقافي الفني الاجتماعي. ولا أخفي أني قرأت تقريباً كل ما نُشر في الموقع وهو حديث الولادة، إلا أننّي ـ لكسلي ومحبّتي الزائدة للمرتضى ـ استثنيت قراءة باب «عن الموقع»، فإذ بدفق الحبّ والكلمات ينهال شلّالاً على طلال مرتضى وحده، دون الشريكة في تأسيس هذا الموقع، ولها في القلب موقع هامّ أيضاً، عنيت الزميلة الإعلامية الشاعرة عبير شرارة.
وإنّي، ومن باب الإنصاف وإعطاء كلّ ذي حقّ حقّه، ولأنّ طلال عين وعبير عين، ولأنّ القرّاء جديرون بتلقّي الحقيقة. أعيد نشر المقال الذي نشرته أمس، مع بعض التعديلات، عسى أن تكون الإعادة تكفيراً عن ذنب اقترفته.
غريبٌ أمر الزميل الصديق والشاعر طلال مرتضى، القابع هناك في مكان ما في النمسا، إذ إنّه كالسندباد لا يرتاح من الترحال بين الشعر والرواية والنقد والمقال والخاطرة، لا يهدأ له حبر ولا يستريح يراعه من الكتابة. فتراه يراسل الجرائد والدوريات والمواقع، وينشّط الحركة الثقافية في الوطن وهو حبيس الغربة.
وغريبٌ أمر الزميلة الشاعرة عبير شرارة، البوّاحة لنا أسبوعياً بخوابي الكلام وجمالياته عبر شاشة تلفزيون لبنان، إذ إنّها كالفراشة التي لا تعوف الأزهار فتراهامحلّقة دائماً في فضاء الثقافة والفنّ، تلتقط لنا كلّ مرّة رحيقاً من الحقّ والخير والجمال.
أما جديدهما ـ عبير وطلال ـ فاجتراح موقع ثقافيّ إعلاميّ إلكترونيّ راقٍ بامتياز، أطلقا عليه اسم «شطرنج للإعلام»، ليشكّل هذا الموقع إضافةً دسمةً إلى المنصّات الثقافية العربية التي تجتاحها من دون هوادة، تفاهة الإعلام السريع المتسرّع المتخبّط المهدّم، المتمثّل بالاستخدام السيّئ لمواقع التواصل الاجتماعي، فيضحى الجاهل الذي لا يفقه حرفاً من لغة الضادّ، ناقداً بين ليلة وضحاها، وتصير «الغنّوجة» شاعرة، إلى ما هنالك من خزعبلات. ليأتي «شطرنج الإعلام» سدّاً منيعاً في وجه هذه التحدّيات.
لا أخفي سرّاً أنّ طلال مرتضى يعتبر شريكاً أساساً في صفحة «ثقافة وفنون» في «البناء». كيف لا وهو المتابع الدائم، والمورّد الهامّ، وصاحب «البال المشغول» دائماً على هيبة الصفحة وصورتها وسمعتها. وهو الشريك الأساس أيضاً في تحسينها وتطويرها وتوسيع نطاق قرّائها والمطّلعين عليها. أذكر أنّه في مرّات كثيرة كان لا يهدأ له بال حتّى يجدني «أونلاين» لإطلاعي على أمر مهمّ وجب لحظه. وأذكر كثيراً كيف كان يستنفر الأقلام للكتابة عن حدثٍ جلل كوفاة عظيم من عظماء بلادنا. وأذكر كثيراً نصائحه واقتراحاته، وحبَّه إبرازَ مَن لا منصّات ثقافية تحتضنهم، فتجده الأب الحنون الرؤوم الذي لا يميّز بين أبنائه.
ولا أخفي سرّاً أنّ عبير شرارة ـ على شبابها ـ تشكّل بالنسبة لصفحتنا معيناً ننهل منه كلّ فترة، وأضحت كالمستشارة التي نلجأ إليها كلّما دعت الحاجة… والمناسبات كثيرة.
«شطرنج للإعلام»، وفي انطلاقته منذ أيام، استطاع أن يخرق جدار العتمة، ليساهم مع من بقي من الغيارى على الشأن الثقافي في هذه البلاد، في إبقاء جذوة الثقافة متّقدة.
ويبقى أن نردّد مع عبير وطلال، ما ورد في تعريف الموقع: «شطرنج للإعلام، فكرة، صوت، جسر، يد بيضاء تحتفي بحُزَم النور بعيداً عن أيّ مرجعيات أو تبعيّات، لكنّ الفكرة بحدّ ذاتها لم تكن حرّة، لأنها ارتُهنت من دون منازع للكلمة. من هنا، سيكون «شطرنج للإعلام» صوت من لا صوت لهم.
وكي لا نكون خارج مدار الحياة العامّة ننوه بأننا ننتمي إلى طائفة المحبّة، وحزبنا الشامل الولاء لإنسانية الإنسان، وإيماننا مطلق إلى حدّ التخفّف من الذات، والعمل بروح الفريق شعارنا. ولأننا بشر ولسنا كاملين، فقط نساوم على الكلمة… وهي مآربنا».
طوبى للباذلين في سبيل البلاد كلّ من مكانه ومكانته، وطوبى لهذه البلاد بذاك المرتضى الذي لا يهدأ ولا يرتاح. وطوبى لهذا اللبنان والعالم بـ«عبير» فوّاحة الكلام شكّلت «شرارةً» لثقافة لا يشوبها إلّا الحبّ والاحترام والإنسانية. ومبارك لنا وللغيارى على الثقافة في بلادنا، بزوغ فجر «شطرنج للإعلام».
أما العبارة الأخيرة فهي لعبير وطلال وكلّ قارئ… مجدّداً أعتذر.